أطلقت السلطات التركية سراح الكاتب الصحفي أوندر أي تاتش اليوم السبت، بعد أخذ إفادته ضمن تحقيق بشأن تسريب تسجيل صوتي لاجتماع أمني سري عقد بمقر وزارة الخارجية التركية، تعلق باستعدادات تُجرى في أنقرة لتوجيه ضربة عسكرية محتملة لنظام الأسد في سوريا. وذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية، أنه تم توقيف الكاتب الصحفي أي تاتش في وقت مبكر من فجر اليوم، على خلفية حديث أدلى به في وقت سابق في أحد البرامج التليفزيونية، تحدث فيه صراحة عن مضمون الاجتماع الأمني السري الذي عقد قبل عدة أيام في وزارة الخارجية التركية وتم التنصت عليه وتسريبه مؤخرًا على الإنترنت. وأضافت الوكالة أنه تم توقيف الكاتب الصحفي بناء على تعليمات مكتب المدعي العام في أنقرة، موضحة أنه أدلى بأقواله أمام شعبة مكافحة الإرهاب في مديرية الأمن بأنقرة ومن ثم أطلق سراحه اليوم. وكان أي تاتش تحدث في برنامج تليفزيوني على إحدى القنوات المحلية الأربعاء الماضي، أي قبل يوم واحد من نشر تسريب للاجتماع على الإنترنت عن مضمون ما تمت مناقشته خلال الاجتماع الأمني المذكور المتعلق باستعداد أنقرة لشن ضربة عسكرية على سوريا. يُشار إلى أن التسريب الصوتي الذي نشر أمس الأول الخميس، عبر موقع (يوتيوب) وتم حظر الموقع في تركيا على إثره، كان لاجتماع أمني رفيع المستوى عقد في الـ 13 من الشهر الجاري برئاسة وزير الخارجية أحمد داود أوغلو ورئيس الاستخبارات حكان فيدان والرئيس الثاني لهيئة الأركان يشار كولار ومستشار وزارة الخارجية فريدون سينرلي أوغلو. وشهد الاجتماع مناقشة الأخطار والتهديدات التي تشكلها الاشتباكات في سوريا والتهديدات الموجهة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) لضريح سليمان شاه باعتباره جزءًا من التراب التركي والتدابير الواجب اتخاذها في هذا الصدد. ويُسمع في التسريب صوت منسوب إلى فيدان، يتحدث فيه عن إرسال أربعة رجال إلى سوريا لإطلاق ثمانية صواريخ على أرض خلاء داخل تركيا. ويضيف "إذا لزم الأمر، يمكن أن نشن هجومًا.. هذه ليست مشكلة، يمكن اختراع تبرير لذلك". لا علاقة لأجهزة مخابرات أجنبية بدوره ذكر مسؤول رفيع بوزارة الخارجية التركية، أن مرتكبي جريمة التنصت على الاجتماع الأمني حول سوريا بمبنى الوزارة وتسريب محتواه هم جناة من الداخل، ولا توجد لهم أي صلة بأي جهاز استخبارات أجنبي. وأكد المسؤول- الذي لم يتم الإفصاح عن اسمه في تصريحات خاصة لصحيفة (حرييت) نشرت اليوم السبت- أنه تم التوصل إلى أن عملية التنصت بطرق غير قانونية، تمت من داخل الوزارة، نافيًا مزاعم انتشرت مساء أمس الجمعة، حول اعتقال أحد رجال حماية وزير الخارجية أحمد داود أوغلو، للاشتباه في تورطه في عملية التنصت. وأشارت الصحيفة، إلى أن وزارة الخارجية والمباني المجاورة لها شهدت ما سمته الصحيفة بـ "الأحكام العرفية" أمس، حيث شارك فريقان من جهاز المخابرات، بالتنسيق مع فرق أمنية من رئاسة هيئة الأركان العامة ووزارة الداخلية في عملية تفتيش المبنى من الداخل والخارج، خاصة مكتب الوزير، لمحاولة التوصل للكيفية التي تم بها التنصت على الاجتماع الأمني رغم تفتيشه قبل عقد الاجتماع بدقائق. وأوضحت الصحيفة، أنه رغم التفتيش المدقق لم تتوصل الفرق الفنية لأي جهاز تنصت، ولذلك اتجهت الأنظار لاحتمال أن تكون عملية التنصت قد تمت عن طريق أشعة ليزر من الخارج. وكان الرئيس التركي عبد الله جل وصف التسريب بأنه تجسس يهدد أمن الدولة وأنه "وقاحة لم نشهد مثلها من قبل"، وأكد أنهم سيفعلون كل ما يلزم لكشف المسؤولين عن ذلك. من جهته قال وزير الخارجية أحمد داود أوغلو إن "هذه القرصنة المعلوماتية أثناء اجتماع تناقش فيه عمليات عسكرية لا يمكن اعتباره سوى هجوم عسكري". وأكدت الحكومة التركية أن الاجتماع كان حقيقيا، لكنها قالت إن جزءًا من النص "تم التلاعب به". وبالإضافة إلى الانتقادات الواسعة للحجب الذي استهدف موقع "تويتر" الأسبوع الماضي، أثار الإجراء الجديد بحجب "يوتيوب" انتقادات كثيرة، خاصة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. غدا.. أردوغان على المحك في سياق آخر، تشير التوقعات إلى أن حزب العدالة والتنمية، الذي فاز بكل الانتخابات منذ 2002 سيتصدر هذه المرة أيضا نتائج التصويت، متقدما على حزب الشعب الجمهوري (اجتماعي ديمقراطي) وحزب الحركة الوطنية. ورغم هذه التطورات تتوقع جميع معاهد استطلاعات الرأي التركية تراجع موقع حزب العدالة والتنمية الذي حصل على ما يقل بقليل عن 50 % من الأصوات في الانتخابات التشريعية عام 2011، ولكن دون الوصول إلى سقوطه. وتتوقع جميع الاستطلاعات التي نشرت في الأسابيع الأخيرة حصول حزب أردوغان من 35 % إلى 45 % من الأصوات على المستوى الوطني، فرغم الفضائح والخلافات، يبقى أردوغان السياسي الأكثر شعبية في البلاد بفارق كبير عن سواه. كما تشير التوقعات إلى أن رئيس الحكومة الحالي، الذي فاز بكل الانتخابات منذ 2002 سيتصدر هذه المرة أيضا نتائج التصويت، متقدما على حزب الشعب الجمهوري (اجتماعي ديمقراطي) وحزب الحركة الوطنية. وقال برنت ساسلي الخبير السياسي في جامعة تكساس الأمريكية إن "أردوغان رجل سياسي ماهر ولا يزال يمارس ضغطا شديدا على كل المؤسسات التركية"، مضيفا "من الصعب تقدير حجم التراجع الذي سيسجله، لكن الفرص ضئيلة بأن يؤدي إلى ضرب شعبيته". وأعلن مسؤولو الحزب الحاكم منذ الآن، أن أي نتيجة تفوق نسبة 38.8% التي حصلوا عليها في الانتخابات البلدية عام 2009 ستكون بمثابة انتصار. من جهته أكد أردوغان علنا أنه سينسحب من الحياة السياسية إذا لم يخرج حزب العدالة والتنمية مساء الأحد متصدرًا نتائج الانتخابات، مما يعكس ثقة كاملة بنفسه.
مشاركة :