في مرحلة يسود فيها الالتباس الجيوسياسي على مستوى العالم بدفعٍ من تأثير الدومينو الذي يُحتمَل أن يمارسه استفتاء «بريكست» على تماسك الاتحاد الأوروبي، وعلى ضوء الضعف الذي تعاني منه المصارف الإيطالية، وسياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب التي لم تتضح معالمها بعد، واشتداد التشنّجات بين القوى العالمية، أتصوّر أن الإمارات سوف تتحوّل ملاذاً آمناً للمستثمرين الأجانب والمحليين. لا يُخيَّلن إليكم أنني من المتفائلين الدائمين. لا أتردّد أبداً في التصرّف حسب قناعاتي. ومع أنني ابتعت مؤخراً فنادق في أوروبا والولايات المتحدة، يتركّز السواد الأعظم من استثماراتي راهناً ومستقبلاً في الإمارات العربية المتحدة. لقد سُررت، في مطلع الشهر الجاري، بافتتاح المجموعة الفندقية في الحبتور سيتي - أول فندق سانت ريجيس في دبي، وفندق دبليو، وأكبر فندق ويستن في المنطقة. كما أننا أعدنا افتتاح فندق متروبوليتان دبي على شارع الشيخ زايد، فيما نترقّب الافتتاح الكبير لمنتجع ونادي الحبتور للبولو في مطلع العام المقبل. كلي يقين أن المسار الاقتصادي لدولة الإمارات يتّجه صعوداً على الرغم من تراجع الإيرادات النفطية الذي يؤثّر بدرجات مختلفة في جميع الدول الأساسية المنتِجة للنفط. بفضل سياسات التنويع التي تنتهجها الحكومة، تبلغ حصة القطاعات غير المرتبطة بالنفط أكثر من ثلثَي إجمالي الناتج المحلي، وهذه النسبة في ازدياد مطّرد. في الإجمال، تشير التوقعات -بما في ذلك توقعات صندوق النقد الدولي- إلى أن النمو سيسجّل ثلاثة في المئة العام المقبل، وتؤكّد شركة «كابيتال إيكونوميكس» الاستشارية التي يُستشهَد بدراساتها على نطاق واسع، أن الاقتصاد الإماراتي «سيكون على الأرجح الأفضل أداءً في الخليج في 2017-2018». ربما نهضت الإمارات من الرمال، لكن هذا لا ينطبق أبداً على اقتصادنا في الوقت الراهن، فأسسه راسخة صلبة، وتزدهر نجاحاتنا في أجواء سليمة وآمنة قوامها سياسة الباب المفتوح، ويعطي الاقتصاد الإماراتي قيمة كبيرة للابتكار مع السعي خلف التفوّق في القطاعَين العام والخاص على السواء. تُعرَف بلادنا بسهولة القيام بالأعمال بعيداً من البيروقراطية الثقيلة الوطأة، ما دفع بالعديد من الشركات الدولية إلى نقل مراكزها الرئيسة إلى أبوظبي ودبي. لقد تعلّمنا دروساً قاسية من الركود العالمي عام 2008، تلك الصدمة التي دفعت بالحكومة إلى إرساء العديد من المصدّات الاقتصادية للتحصّن من التداعيات المؤذية في المستقبل. كانت مرحلة صعبة، لكننا بعون الله جاهزون اليوم لمواجهة ما ليس متوقعاً. ومن القطاعات التي تتجه نحو التوسع السياحة والصناعة والصادرات. يشكّل الإرث الثقافي الغني الذي تتمتع به الإمارات، وتنوّعها الطبيعي، وبنيتها التحتية المتطورة عوامل تجعل منها في موقع المنافِس القوي على الخريطة السياحية العالمية. السياحة هي من الركائز الأساسية لاقتصاد ما بعد النفط. وقد تعزّزت السياحة من خلال سلسلة من الإجراءات أبرزها منح التأشيرات للمواطنين الصينيين لدى وصولهم إلى منافذ الدولة، وزيادة الرحلات إلى المدن الهندية، وإطلاق وسائل ترفيهية جديدة خصوصاً لعائلات الطبقة الوسطى، واتجاه أبوظبي إلى أن تصبح محطة للسفن السياحية. لا تُربَط الإمارات عادةً بالتصنيع، لكن قد تُفاجأون عندما تعلمون أن السلع المصنَّعة تشكّل أكثر من نصف الصادرات الإماراتية غير النفطية، وتحتل المرتبة الثانية من ناحية مساهمتها في العافية الاقتصادية للبلاد. تشير آخر الإحصاءات إلى زيادة التجارة بنسبة ثلاثة في المئة خلال العام المنصرم. بالطبع، سيُطل المشكّكون وتجار الهلاك برؤوسهم دائماً، وكذلك وسائل الإعلام، لا سيما الغربية منها، التي يحلو لها إطلاق عناوين سلبية، لكن بما أنني رجل أعمال يواكب عن كثب أوضاع بلاده وما تتمتع به من إمكانات وحظوظ، لا يسعني سوى التثاؤب عند سماع كلامهم. نحن الذين يحالفنا الحظ بالعيش والعمل في هذه البلاد نقدّر كل الفرص التي تتيحها الإمارات. السماء هي الحدود بالنسبة إلى من تراودهم أحلام كبيرة، ويُبدون استعدادهم للكدّ والاجتهاد من أجل تحقيقها... أو ربما لا حدود لديهم على الإطلاق.
مشاركة :