بعد فترة من التكهنات عن موازنة عام 2017 ونشر خفافيش الظلام للشائعات المغرضة لتخويف المواطن عن الوضع المالي للدولة وزيادة الرسوم الحكومية بشكل كبير دون الأخذ في الاعتبار وضع محدودي الدخل وذوي الدخل المنخفض، فقد أعلنت المملكة موازنتها لعام 2017، التي تعد أول موازنة تتوافق مع رؤية 2030، إذ تضمنت إجراءات جديدة لتنويع مصادر الدخل، وترشيد الإنفاق الحكومي، ودعم القطاع الخاص وغيره. ولتحقيق التنمية المستدامة، فإن الدولة تعلم بأن الأنفاق العام يجب أن لا ينخفض حيث إن جميع القطاعات تعتمد عليه، ولذلك فإن الانفاق سيكون بمبلغ (890) بليون ريال، وإيرادات متوقعة بمبلغ (692) بليون ريال، بارتفاع (31%) عن الإيرادات المحققة في العام الحالي 2016، الأمر الذي يعطي ثقة أكبر في الاقتصاد الوطني. والملفت أن الموازنة صحبها برنامج هام يهدف إلى تخفيف وطأة الآثار الاقتصادية الناتجة عن الإصلاحات المختلفة لتحقيق رؤية 2030 على ذوي الدخل المنخفض والمحدود، حيث أعلن عن برنامج حساب المواطن، الذي سيتم التسجيل فيه من بداية شهر فبراير 2017، ويهدف لصرف بدل للمستفيدين المستحقين لمواجهة تغيير أسعار منتجات الطاقة وتشجيع الأسر على ترشيد الاستهلاك لمنتجات الطاقة والمياه، وتطوير نظام شامل يمكن من خلاله رفع كفاءة الدعم الحكومي للمواطنين. كذلك، فإن المقابل المالي لبرنامج حساب المواطن سيذهب إلى المستحقين فقط دون الأغنياء، وستدفع الدولة بموجب هذا الحساب للأسر السعودية مبالغ نقدية مباشرة كل شهر، حيث رصدت مبلغ( 25 مليار ريال) لعام 2017، وسيتم رفع قيمة الدعم تدريجيًا ليصل إلى قيمة ( 60 مليار ريال) حتى عام 2020. وقد تم تقسيم الفئات المستحقة للدعم إلى 5 شرائح وفقًا لدخل الأسرة، ويزيد الدعم النقدي للأسر الأقل دخلاً، ولكن لن تتلقى الأسر التي يزيد دخلها عن ( 20160 ريالاً) أي مبالغ نقدية من الدعم. وسيكون الحساب مظلة شاملة لكل أشكال الدعم السكني والصحي والتنمية الاجتماعية وغيرها لاحقًا. نستطيع القول إن هذا البرنامج الهام يعتبر أولى الخطوات على طريق توزيع الثروات، خصوصاً بالنسبة للفئة المستحقة وهم ذوو الدخل المنخفض والمحدود، لتعينهم على الزيادات المقبلة وعدم التأثر بشكل كبير منها. وفي ذات الوقت، فإن الفئة القادرة لن تستفيد من أي دعم، لكونها ليست في حاجة له، وتترك المجال للمستحق الفعلي، لكي لا ترهق الدولة مالياً بدون داع. عموماً، إن الخطوات نحو رؤية المملكة بدأت تسير في أولى خطواتها، وما تم إعلانه حتى الآن يبشر بالخير ويؤكد بأننا نمشي بخطط مدروسة لتحقيق مستقبل أفضل للجميع، وهذا ما نتمناه. q.metawea@maklawfirm.net