تراهم في كل أصقاع الأرض هائمون، يتخذون من الأرصفة وأسفل الكباري سكنا، لا يغريهم زخرف الحياة الدنيا، فهم يئسوا منها وانزووا بذواتهم عنها، ليسوا شعراء، ولا بالضرورة فقراء، اتفق الجميع فيما بينهم على وصمهم بالاختلال العقلي، فهم مجاذيب في مصر، وسكان الأرصفة في المملكة، ومشردون في الصين وأوروبا وأمريكا. تعددت الأسباب في هيامهم وتوحدت أشكالهم، فثيابهم رثة، ولحاهم كثيفة غير مهذبة، عيونهم غائرة، وأجسامهم هزيلة، ونفوسهم مهيضة، هدها الضياع، ماتت أحلامهم في مهدها، فبعد أن كان ينعم بعضهم بدفء الأسرة والأمان الوظيفي، أصبح نسيا منسيا، طوته يد الردى عن المجتمع. وتضم فئة المشردين أشخاصا عديدين، منهم ممثلون سابقون، كما هو الحال مع الممثل المصري محمد عبدالعزيز أحمد شحاتة، وشهرته «عبد العزيز المكيوي»، من مواليد 29 يناير 1934، حاصل على بكالوريوس الفنون المسرحية عام 1954، وعضو بنقابة المهن التمثيلية، حيث نشرت عنه إحدى الصحف أنه يسكن في أحد شوارع الإسكندرية، كما يوجد من ضمنهم محاربين قدامى، كما هو الحال في بريطانيا. أعداد متزايدة وأضحى مشردو الشوارع والحارات، ظاهرة اقترن نموها باتساع نطاق الفقر والبطالة، تتفاوت أعدادهم من دولة لأخرى، فبلغ عدد المشردين وساكنى الشوارع والأرصفة نحو 200 مليون شخص في الصين يجوبون ويهيمون الشوارع يوميًا ويفترشون ليلًا الأرصفة وأسفل كبارى المشاة والسيارات. ويقدر عدد المشردين الذين لا يجدون مأوى في أوروبا بـ 4 ملايين شخص، وتشير إحصاءات إلى أن عدد المشردين في العاصمة واشنطن ارتفع بنسبة 15 في المئة منذ 2008 ما يعني أن واحدا من كل 100 شخص يسكنون في واشنطن بات مشردا، كما ارتفع عدد النساء الفقيرات اللائي يستفدن من خدمات الغذاء والرعاية الصحية بنسبة 39 في المئة. ويبلغ أعداد المجاذيب، كما يسمونهم في مصر، في شوارع القاهرة وحدها نحو 15 ألف مجذوب، ينامون على الأرصفة ويقتاتون من الصدقات أو من صناديق القمامة، وألفي مشرد في صنعاء باليمن، 70% منهم مرضى نفسيون. أسباب التشرد من بين الأسباب التي تؤدي للتشرد، عدم توفر فرص التوظيف، والفقر بسبب فقدان العمل أو عدم القدرة على العمل، وصعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية، والحروب أو الصراعات المسلحة، والكوارث الطبيعية، والأمراض العقلية، دون توافر رعاية صحية مناسبة، الإعاقة، خاصة عند عدم توافر رعاية صحية مناسبة، والإقصاء الاجتماعي، بما فيها بسبب التوجه الجنسي أو الانتماء العرقي، وقلة المساكن ذات الأسعار المناسبة، والعنف المنزلي، والانفصال بين الزوجين، أو بين الأولاد وأسرهم، والخروج من السجن، والطرد القسري، من قبل الحكومات في بعض الدول من أجل إقامة مبان أو طرقات عمومية مكان المنازل السابقة. آثار كارثية ومن الآثار المترتبة على التشرد، عدم إحساس المارة بالشوارع، التي يوجد بها متشردون بالأمان، وارتكاب التشردون لجرائم لا يشعرون بخطورتها، تشويه المنظر العام للشوارع، وتبديد الممتلكات العامة. لجأت بعض الدول إلى اتخاذ تدابير للحد من ظاهرة التشرد، حيث أطلق المغرب حملة لتجميع العجزة المشردين من الشارع، تحت شعار»نداء من أجل رعاية المسنين من دون مأوى في شتاء 2014»، فيما خصصت الحكومة البريطانية نحو 470 مليون جنيه إسترليني لمعالجة التشرد بجميع أشكاله. ومن بين الحلول التي اتخذتها الحكومة الصينية للحد من سكن المتشردين تحت الكباري، قررت الحكومة فى مقاطعة Guangzhou بناء عدد كبير جدًا من الحواجز الأسمنتية مدببة الطرف يبلغ طول الواحد منها 20 سم حتى تمنع المشردين من النوم فى هذه الأماكن، كما وضعت أيضًا كشافات ضوء قوية جدًا مسلطة على المكان كله. من جهتها، تتبع الدولة اللبنانية سياسة عامة للاهتمام بالمسنين تقضي بدفع وزارة الشؤون الاجتماعية القسم الأكبر من تكاليف الإيواء للمؤسسات الراعية للعجزة، كما تقوم وزارة الصحة بتغطية القسم الأكبر من تكاليف الرعاية الصحية للمشردين. فيما كلفت أن إمارة منطقة مكة المكرمة ست جهات حكومية لمواجهة ظاهرة سكان الأرصفة في مكة المكرمة، حول ساحات الحرم المكي ومقابر المعلاة وأسفل جسر السليمانية، مطالبة بسرعة التدخل والرفع بتوصيات اللجنة لتنفيذها
مشاركة :