** الطريق إلى وسط البلد هذه الأيام الرمضانية خاصة بعد صلاة التراويح دونه خرط القتاد لكنك تصر على ذلك في محاولة لإطلاع صغارك على عبق الماضي في وسط البلد وقرب بيوت جدة القديمة إلا أن ذلك يحتاج إلى صبر وطولة بال حتى تجد لسيارتك موقفا تركنها فيه ثم تتمشى مع أسرتك راجلا من شارع قابل إلى سوق العلوي إلى باب مكة وتعود راجعا في طريقك لتطلع صغارك على بيت نصيف الأثري الذي يقال إنه أقدم بيت في مدينة جدة برواشينه ومشربياته التي تشعرك بعبق الماضي الجميل. ** ولم تطل فسحتك حتى تميل على بائعي الكبدة على فتحة شارع قابل لتذوق الصغار كبدة أيام زمان ولذتها حين تجعل منها عشاء وسحورا لكن أكثر ما أصابني بالصدمة أن وسط البلد أصبح سوقا لغير السعوديين ومن كل الجاليات وقد تجد بعد عناء من البحث عن سعودي لابس غترة وعقالا وقد تكاد لا تجده إلا نادرا لواحد مثلك جاء بصغاره ليطلعهم على أحياء مدينة جدة القديمة والفرق بينها وبين الأحياء الجديدة التي أخذت في التمدد شمالا من ناطحات سحاب وغيرها. ** على كل حال عدنا من هناك والصغار في قمة انبساطهم لأنهم لأول مرة يرون بيوتا برواشين وعبق الماضي من البرزات والحجر المنقبي لدرجة أنهم أصروا على محاولة العودة مرة أخرى وشراء ثياب العيد من وسط البلد على اعتبار أن الأسعار هنا رخيصة جدا مقارنة بأسواق المولات شمال مدينة جدة. ** والحقيقة أنني وعدتهم خيرا وأنا مصمم على أن لا أعود إلى وسط البلد بعد أن عانيت الأمرين من زحمة المرور ووجود موقف للسيارة على مسافة اثنين كيلو قطعناها كعابي أمام تذمر الصغار وصراخهم من طول المشوار ولم يخفف عليهم هذه المعاناة سوى انبساطهم برؤية جدة القديمة وانتهاء بوجبة الكبدة ولابد بين الحين والآخر لكل أب أن يطلع صغاره على عبق الماضي والفرق بينها وبين المنازل الحديثة في الوقت الحاضر وياليتها تكون من ضمن مواد التربية والتعليم حتى يعرف الطالب كيف كان الماضي وربطه بالحاضر وسلامتكم.
مشاركة :