هنالك حاجة ملحة لتوحيد الجهود للعمل الخليجي الموحد ودفع الشركات الدولية والعالمية (والتي سنعرفها لاحقا للعمل مع) القطاع العام على خطة انطلاق للعالمية بالمنطقة. وهذا ليس من باب التغيير، ولكن من باب الضرورة القصوى. ونحن نعيش ــ كدول خليجية ــ في بوتقة واحدة ونواجه خطرا لا يغيب عن الواعي لاقتصاد يتوارى وراء البترول والفوائض وهذا أمده قصير. ولا بد من أن يعلق الجرس أحدنا. وتزداد الأمور تعقيدا في ظل تعدد الدول وتعدد الوزارات المسؤولة والظروف المحيطة بالمنطقة. إن أردنا إدارة الاقتصاد المحلي بطريقة منطقية، فيجب أن نتعامل مع واقع السوق والأرقام والتنبؤات بإمدادات الطاقة والاستهلاك والاكتشافات الجديدة والفعالية في التنقيب والبترول الصخري. وإن لم يكن هذا هو الوقت للمراجعة وإعلان حالة الطوارئ الاقتصادية والتخطيطية، فلا أعلم متى سيكون الوقت. ولسنا هنا لمناقشة أي النظريات سنتبع عند التنبؤ أو أي أسلوب علمي أو طريقة، فهذه ليست مهمة بقدر المراجعة لاستراتيجيات ملحة لتخطيط المستقبل، وهذا حق طبيعي للدول. ونحن لسنا بصدد اختراع العجل، فكل الدول التي مرت بأزمات ونظرت وحللت المستقبل نجحت في مراجعة استراتيجياتها ــ مثل كوريا واليابان وأيرلندا ــ وإعادة تشكيل اقتصادها. والبداية تكون بتجميع العقول وتجميع الواعين وإقناع القيادات وتركيز الشركات الدولية والعالمية الخليجية وقياداتها للمشاركة من البداية لهذا البرنامج. وإلا تشرذمنا وسار كل في طريق بدون تعظيم للمردود واتحاد في الأهداف والتحالف لهدف أسمى لخدمة شعوب المنطقة. لو بدأنا بالشركات وصنفناها على مستوى المنطقة كأول تمرين حي لبناء الاستراتيجية الاقتصادية للمنطقة الخليجية، ستصبح هذه الشركات ــ كل على مستواه ــ نواة لشحذ الموارد والدعم من القطاع العام، سواء بالسياسات أو بالشركات أو بالدعم وتوجيهه لخدمة الهدف. وهنالك ــ في رأيي ــ سبعة مستويات من الشركات أو المؤسسات (نسميها شركات للاختصار). هذا الخلط في تعريف الشركات يتسبب دوما في تداخل الدعم الحكومي والدعم المالي أو الاستثماري والدراسات الأكاديمية ودعم أو التشكيل للجان الغرف التجارية وبرامج التمويل من البنك السعودي للتسليف أو صندوق التنمية الصناعية (برنامج كفالة) وبرامج شركة أرامكو وصندوق المئوية والبنوك التجارية والمؤسسات الخيرية الكثيرة. وكما هو معروف بأن 68 في المائة من المشتركين في نظام التأمينات الاجتماعية لديهم عمالة يدفع لها رواتب أقل من ألفي ريال، وقرابة التسعين في المائة أقل من أربع آلاف ريال، وهذا الأمر دليل على صغر حجم المؤسسات والشركات لدينا، وهذا معلن. تعريف الشركات يبدأ بالشركات الصغرى (هذه التسمية الجديدة والتفريق بين الصغرى والصغيرة والبادئة)، وهى التي توظف أقل من 3 أشخاص ورأس مالها أقل من نصف مليون ريال (وإشكالية رأس المال أنه ليس المذكور في السجل التجاري حاليا، ولكن هو أقرب لرأس المال العامل والحقيقي)، وستكون هذه الشركات أو المؤسسات هي التي تغطي معظم النشاط الافتصادي عدديا، وحسب التقديرات تصل إلى أكثر من ستمائة ألف منشأة معظمها خدمية، ويتبعها الشركات الصغيرة، وهذه توظف أقل من عشرة أشخاص ورأس مالها أقل من عشرة ملايين ريال. وبعدها في الترتيب تأتي الشركات المتوسطة، وهذه توظف أقل من خمسين شخصا ورأس مالها أقل من مائة مليون. (لدينا إلى هنا ثلاثة مستويات، وهنا نبدأ في تقسيم جديد للثلاثة الأكبر) معظم المصانع السعودية والورش الكبيرة والتوزيع وبيع الجملة وشركات الخدمات تقع في هذا الحيز المتوسط. المستويات العليا تنقسم إلى أربعة مستويات، وهذه أول مستوى فيها لنسمها الفوق متوسطة والكبيرة والدولية والعالمية. أولها الفوق متوسطة، وهذه رأس مالها أكثر من مائة مليون وأقل من خمسمائة مليون ريال وتوظف أكثر من خمسمائة موظف وأقل من ألف. المستوى الكبير في التصنيف، وهذه رأس مالها أقل من مليار ريال وأكثر من خمسمائة مليون ريال، وتوظف أقل من ألفي عامل. وأخيرا وليس آخرا، الشركات التي يجب أن نبدأ بتصنيفها بالدولية، وهى معظمها شركات حكومية الملكية، ويجب الفصل في النشاطات التي تهمنا وتقوم بها هذه الشركات والشركات التجارية المملوكة من عائلات وليست منتجة مثل شركات التوزيع أو الاتصالات أو البنوك ووضعها في مستوى لنسمه الشركات الدولية. وآخرا، الشركات التي تكون في نطاق العالمية، وهي من أمثال سابك وأرامكو. فإن اتفقنا على هذا التصنيف، نستطيع أن نبدأ في البرنامج الاستراتيجي لإعادة صياغة أساليب دعم هذه الشركات، سواء داخليا أو دوليا... وسنتابع هذا الموضوع لاحقا.
مشاركة :