مرحباً... أنا علماني! - مقالات

  • 12/28/2016
  • 00:00
  • 67
  • 0
  • 0
news-picture

عزيزي العلماني إذا لم يعجبك مقالي فأنا أستمحيك عذراً وأطلب منك أن توسع صدرك معي تماماً كما توسع عقلك لنقل كل المعارف والثقافات ولا تتهمني بالسطحية بجملة مترجمة أو مستعارة من فيلسوف، وعزيزي المتدين إذا لم يعجبك مقالي فأنا أعدك بأني سأنزل للشارع وأجمع جميع نسخ صحيفة «الراي» الغراء التي يحبها جميع القراء لكي لا تتهمني بالزندقة بفتوى مستوردة أو منقولة من هيئة خارجية. مرحباً...أنا علماني!! طوال عمري وأنا أعرف نفسي هكذا بين الجميع «أنا علماني»، ولذلك فقد عشت صراعاً وردوداً ومناظرات في الصحف والمواقع الإلكترونية ومنابر الجوامع و«تايم لاين» تويتر وفيديوهات اليوتيوب والكتب وأشجار الكريسماس، ثم ماذا؟ لا شيء قدمته للناس، تماماً كما لم يقدم من أتهمهم بالرجعية والتخلف شيئاً. وطوال عمري وأنا أشكك في وطنية من يختلفون معي تماماً كما يشككون هم في عقيدتي، ودائماً أتهم الإسلاميين بالماضوية والعيش في القرن السابع الميلادي دون أن ألاحظ ولو (ليوم) أنني أعيش في القرن الرابع قبل الميلاد في ممرات الإغريق. أعتقد أن النقاب واللحية والسواك والبخور هم أسباب تخلفنا، تماماً مثلما يعتقدون هم أن السفور والعطور والنحور والصدور هم أسباب انحطاطنا، ووجه الشبه بيننا أننا لم نلاحظ ولو (لساعة) واحدة أننا غارقون في المنهجية الظاهرية. أشكك دائماً في فهمهم للنصوص، ثم نجلس على كراسي اليوتيوبيا البعيدة كل البعد عن الناس وندخل في جدل حول من له الحق في أن يتكلم باسم الله دون أن نفكر ولو (لدقيقة) واحدة في أن نعمل معاً نحو الله على الأرض. هم يعتقدون أنني ابن المؤامرة وأنا أعتقد أنهم ابناء التطرف، دون أن نلاحظ ولو (لثانية) واحدة أن الخلق عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله. نجلس في مناظرة على التلفاز ونتكلم باسم الجميع، أنا أستدعي خطابات فولتير وستيوارت ميل ونيتشه، وهم يستدعون خطابات أئمة السلف دون أن نلاحظ ولو (لميكرو ثانية) أننا لم نعمل على خلق خطاب تجديدي يراعي حركة الحياة واحتياجات الناس وأولوياتهم والسياقات التي يعيشون فيها. أنا أعتبر النموذج الأوروبي هو النموذج الأمثل في التعامل مع الدين، وهم يعتبرون أن الدين الذي طبق في عهد الخلفاء الراشدين هو النموذج الوحيد، دون أن نلاحظ ولو (لنانو ثانية) أننا لم نطور ونجدد نموذجاً داخلياً من خلال إعادة ترتيب الأجزاء المبعثرة على طاولة النقاش. أنا أكرههم... وهم يكرهونني... ثم أكلمه أنا عن تسامح العلمانية التي تقف في المنتصف بين الأحزاب، ويكلمني هو عن تسامح الإسلام الذي يقف في المنتصف بين الأديان دون أن نلاحظ ولو (لفيمتو ثانية) أننا نحن الاثنين لا نقف في المنتصف أصلاً ولكننا على طرفي النقيض. نحن ندعي أننا فرسان التنوير وهم يدعون أنهم حراس الفضيلة دون أن نلاحظ ولو (لإتو ثانية) أن التنوير والفضيلة ضائعة في الأرض. على امتداد التاريخ العربي كان مثقفونا العلمانيون يستعدون السلطة على المثقف الإسلامي حيث يدعون أنه يريد قلب النظام والاستحواذ على الحكم، بينما كان المثقف الإسلامي يستعدي الجمهور على المثقف العلماني ويدعي أنه لا يحب الشريعة ويستهتر بالدين ويحارب الإسلام. فالبنية الثقافية لنا جميعاً هي نفسها ولكن مع اختلاف الإصدار. فكلانا لا يطيق العيش بجانب الآخر وكأن الأرض ضاقت بما رحبت علينا، أو كأننا ضرتان لزوج واحد وهو الدولة، ويبدو أنه قريباً جداً ستطلق الدولة الزوجتين وتبحث عن زوجة جديدة تجعل الحياة أكثر جمالاً، خصوصاً بعدما ثبت لديها بالدليل أن صراعكم عقيم، وشجرتكم صناعية مليئة بالكهرباء ولا يوجد بها ثمار! **** كلمة عريضة المنكبين: كن علمانياً أو كن متديناً... ولكن لا تنسى أن تكون رجلاً! على هامش الكلمة: مقال كتب بمناسبة الشجرة... التي لم يفكر أحد كيف يزرعها. كاتب كويتي moh1alatwan@

مشاركة :