كيف يمكن أن يصور النبي كشخصية مزدوجة، يدعو إلى نبذ العنف ويحث على اللين والرحمة في الصباح وفي المساء يصبح داعيا إلى السيف والقتل؟ وقد مدح الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم النبي لأخلاقه ومعاملته الحسنة مع الآخرين، فقال “وإنك لعلى خلق عظيم” (القلم.آية 4). وقال أيضا “ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك” (آل عمران.آية 159)؛ والفظ هو الجافي الخشن في المعاملة، وغليظ القلب معناه الخالي من الرأفة والرحمة. وبقراءة هذه النصوص وسواها، يتبيّن لنا أن العنف شذوذ في الإسلام وأن التفسيرات الخبيثة التي تصور الجهاد على أنه قتال للناس وسفك للدماء هي تفسيرات من خارج النص لا من النص ذاته، ومعنى ذلك أن النفوس المريضة التي تنظر بنظرة سوداء إلى العالم ولا ترى إلا الأبيض والأسود هي التي تلقي على النص ظلالا من القسوة والعنف، وتجعل الإرهاب وسيلة لخدمة أغراضها لا لخدمة الإسلام، فكأنهم بذلك يريدون أن يؤكدوا بأن الاعوجاج في النص لا في تأويلاتهم الملتوية، ويصدق عليهم قول أبوالطيب المتنبي “ومن يك ذا فم مر مريض/ يجد مرا به الماء الزلالا”. إدريس الكنبوري :: مقالات أخرى لـ إدريس الكنبوري التيارات التكفيرية وخيانة السياقات القرآنية: تسويغ الإرهاب, 2016/12/28 المغرب ومعضلة الهجرة, 2016/12/19 محور موسكو - طهران في حلب, 2016/12/17 سبتة ومليلية ومستقبل الاحتلال الإسباني, 2016/12/15 الجهاد والهجرة عند التيار التكفيري, 2016/12/14 أرشيف الكاتب
مشاركة :