أقرَّ مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، الجمعة 23 ديسمبر/كانون الأول 2016، قراراً يدين الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس المحتلتين. وامتنعت الولايات المتحدة عن التصويت على القرار بدلاً من استخدامها حق النقض (الفيتو) ضده، والذي عادةً ما تستخدمه ضد القرارات الشبيهة، الأمر الذي سمح بتمرير القرار، وأثار غضب حلفائها في تل أبيب. حيث استدعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السفير الأميركي، وشنَّ هجوماً لاذعاً الأحد 25 ديسمبر/كانون الأول، على إدارة أوباما، بحسب ما جاء في تقرير لشبكة الأميركية، والتي قدمت شرحاً توضيحياً لتداعيات هذا القرار على أميركا وإسرائيل. وفيما يلي 9 أسئلة حول القرار: 1. ما الآثار المباشرة لقرار مجلس الأمن؟ قد لا يكون للقرار تأثيرات مباشرة آنية على إسرائيل، أو على الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، أو على عملية السلام. ويعود ذلك إلى كوْن القرار غير ملزمٍ، فهو يضع، وعلى نحوٍ فعَّالٍ، مجموعةً من المبادئ الإرشادية والتوجيهية. وسيحتاج القرار إلى إجراءاتٍ لاحقةٍ له في الأمم المتحدة ليُحدِث تأثيراً آنياً. وإسرائيل قلقة تحديداً من هذا النوع من الإجراءات. وعلى وجه التحديد، إسرائيل قلقةٌ إزاء قرارٍ من شأنه أن يحدِّد شروط المفاوضات. فقرارٌ مثل هذا سيضع مبادئ ثابتة لبعض أكثر القضايا حساسيةً في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، بما في ذلك قضية الحدود، ووضع القدس كعاصمةٍ متنازع عليها، وقضية اللاجئين الفلسطينيين، وكذلك وضع إطارٍ زمنيٍ لعملية التفاوض. وقد يصبح مؤتمر السلام الدولي في باريس، الذي من المقرَّرٍ عقده في 15 يناير/كانون الثاني 2017، هو المحفل الذي يُنَاقش فيه هذا القرار. وذلك من شأنه أن يمنح المجتمع الدولي الوقت لتقديم القرار إلى مجلس الأمن قبل نهاية ولاية الرئيس باراك أوباما. فيما تعهَّدت إسرائيل بعدم حضور المؤتمر، في حين أعلن الفلسطينيون أنَّهم سيحضرون. 2. ما الآثار على المدى الطويل؟ ستكون الضربة الموجعة هي تلك التي سيتلقاها مشروع الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس المحتلتين. فالقرار لم يترك مجالاً كبيراً للنقاش حول مشروعية المستوطنات؛ إذ أشار إلى أنَّ المستوطنات الإسرائيلية "ليست لها أية شرعية قانونية وتشكِّل انتهاكاً صارخاً بموجب القانون الدولي". وفيما يتعلَّق بقضية الحدود، يترك القرار مجالاً للتفاوض حول ذلك؛ إذ نصَّ على أنَّه لن تكون هناك تغييرات على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967 "عدا تلك التي يتفق عليها الطرفان خلال المفاوضات". ويطالب القرار كذلك الدول، عند تعاملها مع إسرائيل، بالتمييز بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة. وهذا من شأنِّه أن يؤدِّي إلى فرض عقوباتٍ على المنتجات الإسرائيلية التي يكون مصدرها مستوطناتها في الضفة الغربية المحتلة. 3. هل سيكون الرئيس المُنتَخب دونالد ترامب قادراً على إلغاء القرار؟ نظرياً، نعم، يمكن للإدارة المقبلة إلغاء هذا القرار. وسيكون على ترامب تقديم قرارٍ جديدٍ يلغي هذا القرار الموجود كليةً. وبعد ذلك، سيحتاج إلى تصويت 9 دولٍ في مجلس الأمن على الأقل لمصلحة هذا القرار وضمان أن أياً من الدول الأخرى دائمة العضوية؛ روسيا، المملكة المتحدة، فرنسا، الصين، لن تستخدم الفيتو ضده. أمَّا واقعياً، فمن غير المرجَّح للغاية أن يحدث ذلك؛ إذ إنَّ هناك توافقاً دولياً واسعاً حول أنَّ المستوطنات في الضفة الغربية والقدس المحتلتين ليست شرعية وتمثِّل عقبةً في طريق السلام. وسيكون من المُستبعَد جداً أن يجد ترامب 8 دولٍ أخرى في مجلس الأمن على استعدادٍ لدعم إلغاء القرار الجديد. وحتى لو وجدها، فمن المرجَّح أن دولةً دائمة العضوية ستستخدم الفيتو لمنع ذلك. ويقول القادة الفلسطينيون إنَّهم سينتظرون لرؤية ما إذا كانت إسرائيل ستلتزم بالقرار أم لا. فإذا لم تلتزم، فسيكون بإمكانهم، بموجب اتفاقية جنيف، رفع دعاوى قضائية ضد القادة الإسرائيليين في المحكمة الجنائية الدولية (ICC). وتجري المحكمة بالفعل تحقيقاً مستمراً حول التصرُّفات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية. 4. هل ستتخذ الولايات المتحدة وإسرائيل تحرُّكاتٍ دبلوماسيةٍ ضد الأمم المتحدة؟ هدَّد السيناتور الجمهوري عن ولاية كارولينا الجنوبية ليندسي غراهام بقطع تمويل الولايات المتحدة للمنظَّمة الدولية على خلفية هذا القرار. وتسهم الولايات المتحدة حالياً بـ22% من ميزانية الأمم المتحدة. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من جانبه، أنَّ إسرائيل ستقطع التمويل عن 5 منظماتٍ مختلفةٍ تابعةٍ للأمم المتحدة، بقيمةٍ إجماليةٍ تقارب 8 ملايين دولار، مضيفاً إنَّ إسرائيل ستعيد تقييم علاقاتها بممثِّلي الأمم المتحدة لديها. 5. ماذا بشأن إجراءات إسرائيل الدبلوماسية ضد الدول التي صوَّتت لصالح القرار؟ ما الآثار المترتِّبة عليها؟ في يوم عيد الميلاد، وبعد يومٍ واحدٍ على تصويت مجلس الأمن، استدعت إسرائيل سفراء الولايات المتحدة و10 من الدول الأخرى التي صوَّتت لصالح القرار (باقي الدول ليست لها علاقات مع إسرائيل) للتعبير عن خيبة أملها بشأن التصويت. وأعقب نتنياهو ذلك بتقليص ارتباطات العمل والزيارات رفيعة المستوى مع سفارات تلك الدول التي صوَّتت لصالح القرار، وأوعز إلى وزرائه بالحد من زياراتهم إلى هذه الدول. وأكثر من أي شيءٍ آخر، كان الهدف من وراء تلك الخطوات الدبلوماسية هو إظهار مدى غضب نتنياهو من التصويت. ويُعَد قرار تعليق ارتباطات العمل مع السفارات، حتَّى لو لم يكن هناك موعدٌ لاستئناف هذه الارتباطات، رمزياً إلى حدٍ كبيرٍ وليس له أثرٌ عمليٌ يُذكَر على العلاقات بين الدول. فهي لا تؤثِّر على التجارة، أو التعاون الأمني، أو المجالات الأخرى التي تشملها العلاقات. ومن الجدير بالذكر أنَّ نتنياهو لم يعلِّق ارتباطات العمل مع السفارة الأميركية، على الرغم من أنَّ جمَّ غضبه قد صُبَّ مباشرةً على الرئيس باراك أوباما. 6. هل هذا هو القرار الأول من مجلس الأمن بشأن المستوطنات؟ لا، لكنَّه القرار الأول الذي يتناول المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس منذ 1980. فالقرار رقم 465، الذي صدر في الأول من مارس/آذار 1980، أدان "قرار حكومة إسرائيل دعم الاستيطان الإسرائيلي رسمياً في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ 1967". وصدرت قراراتٌ أخرى من مجلس الأمن تتعلَّق بالصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، لكن لم يتناول أي منها قضية المستوطنات. 7. هل هذه هي المرة الأولى التي يتخذ فيها رئيسٌ أميركي إجراء بشأن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني في أيامه الأخيرة في الحكم؟ لا، في الواقع، إنَّه أمرٌ شائعٌ. ففي 1988، بدأ رونالد ريغان الحوار مع منظمة التحرير الفلسطينية قبل نهاية ولايته الثانية. وفي 2000، وضع بيل كلينتون رؤيته للسلام، والتي تُعرف الآن باسم "طروحات كلينتون Clinton Parameters". وفي 2008، صوَّت ممثل جورج بوش في مجلس الأمن لصالح القرار 1850، الذي دعا إلى إحياء عملية السلام. 8. هل هذه هي المرة الأولى التي يمتنع فيها رئيس أميركي عن استخدام الفيتو داخل مجلس الأمن؟ لا، فقد امتنع رؤساء آخرون عن استخدام حق الفيتو أو صوَّتوا لصالح قراراتٍ تتعلَّق بالصراع الإسرائيلي-الفسطيني في مجلس الأمن. لكنَّها المرة الأولى التي يمتنع فيها الرئيس باراك أوباما عن استخدام الفيتو. فقد استخدم أوباما حق الفيتو الذي تتمتَّع به الولايات المتحدة داخل مجلس الأمن ضد أي قرارٍ آخر تعلَّق بالصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. والأكثر لفتاً للنظر، كان استخدامه للفيتو ضد قرارٍ لمجلس الأمن في 2011 كان ينتقد المستوطنات. وقالت سوزان رايس، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، آنذاك: "إنَّنا نرفض بأشدِّ العبارات شرعية استمرار النشاط الاستيطاني الإسرائيلي". وأضافت: "لكن مشروع القرار هذا يهدِّد بتصلُّب مواقف كلا الطرفين. وقد يشجِّع الطرفين على الابتعاد عن طريق المفاوضات". وقالت السفيرة الأميركية الحالية لدى الأمم المتحدة، سامانثا باور، عند امتناعها عن التصويت والسماح بتمرير القرار، إنَّ "التزامنا بأمن إسرائيل هو تحديداً ما يدفع الولايات المتحدة إلى اعتقاد أنَّنا لا يمكننا الوقوف في وجه هذا القرار؛ لأنَّنا نسعى للحفاظ على فرص تحقيق هدفنا بعيد المدى: دولتين تعيشان جنباً إلى جنبٍ في سلامٍ وأمنٍ". 9. لماذا إذاً تنهال كل سهام النقد الإسرائيلية تجاه الرئيس أوباما ووزير الخارجية جون كيري؟ لأنَّ هذا هو القرار الأول من مجلس الأمن الذي يتناول قضية الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية وشرق القدس منذ أكثر من 35 عاماً. ويحدِّد القرار مبادئ إرشادية للتعامل مع المستوطنات، وهو الأمر الذي لم يقم به أي رئيسٍ أميركيٍ في مجلس الأمن منذ 1980. - هذا الموضوع مترجم بتصرف عن شبكة CNN الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط .
مشاركة :