قيادة السيارة في اليمن أو فن الدفاع عن النفس

  • 3/31/2014
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

«يا رب احفظها واحفظ من عليها» وجد هذا الدعاء مكتوباً على خلفية سيارة نقل ركاب تعرضت نهاية العام الماضي لحادث صدام أودى بحياة 6 ركاب وتسبب بإصابة البقية بجروح. ويعد الاعتقاد الديني الخاطئ وعدم تقدير قيمة الحياة واعتبار قيادة السيارة تظهيراً للرجولة من الاسباب الرئيسة في تفاقم مشكلة حوادث السير في اليمن، بالاضافة الى عدم الالتزام بالقوانين. وتقول طرفة أن احد رجال القبائل تجاوز الاشارة وعندما سأله الشرطي عن سبب مخالفته اجاب: «انا من آل الاحمر وهذه حقنا». وتفيد الاحصاءات الرسمية بأن اليمن شهد بين العامين 2000 – 2012 حوالى 160 الف حادثة سير نتج منها وفاة اكثر من 30 الف شخص واصابة حوالى 200 الف بعضهم أصيب باعاقة دائمة. وتقدر كلفة الخسارة المادية لهذه الحوادث بأكثر من 28 بليون ريال يمني (الدولار يساوي حوالى 215 ريالاً). وعلى رغم ندرة الاشارات المرورية والمرايا العاكسة ما فتئت الطريق تعد مرآة عاكسة لحال الفوضى التي تعيشها الدولة والمجتمع على السواء، لجهة سوء تخطيط الطرق وصيانتها كما لجهة ضعف الرقابة وضبط المخالفات وانفاذ القانون وخرق قواعد السير من قبل السائقين والمشاة. وباتت شبكة الطرق أشبه بمشتل مطبات وحفر وأورام اسفلتية، حتى كادت المطبات تكون الصناعة الوطنية الأبرز يتشارك فيها الجانبان الشعبي والرسمي. وكانت المطبات تقتصر في السابق على نقاط التفتيش العسكري او المدارس والاسواق، أما الآن فاينما وليت وجهك ثمة مطب يواجهك. ويختص الاثرياء وكبار المسؤولين بوضع حواجز اسمنتية متحركة لتخفيف السرعة أمام اماكن اقامتهم واحياناً لاغلاق الطريق. واللافت على الطرق الرابطة بين المدن تزايد المطبات حيث لا تزيد المسافة أحياناً بين واحد وآخر عن 2 كلم ما يسبب مزيداً من الحوادث. ويعمد بعض الاطفال والشباب الى وضع مطبات لغرض عرض بضائعهم من خضر وفاكهة وقات بينما ظهر أخيراً من يحدث حفريات في بعض الشوارع، ليطلب من السائقين مالاً بذريعة انه تطوع لاصلاحها! وتقول أم أسامة التي فقدت زوجها قبل عامين في حادث انقلاب سيارة تسبب فيه مطب عشوائي أن «احصاء الناس والمنشآت والماشية أمر سهل أما احصاء المطبات فشبه مستحيل». ودرجت السلطات المختصة على حصر الحوادث والضحايا وكلفتها المادية، لكنها قلما التفتت الى الآثار النفسية والاجتماعية المترتبة على حوادث السير. ويقول عماد الدين (33 سنة) إنه سافر من تعز الى الحديدة ليصل الى صنعاء بدلاً من أن يسافر مباشرة من تعز الى صنعاء متخذاً بذلك مسافة مضاعفة تفادياً للتعرض لحادث سير على الطريق بين تعز صنعاء. ويوضح أن هذه الهواجس بدأت تنتابه منذ تعرضت سيارته لحادث سير فقد فيه صديقه، ويقول: «لا يزال مشهد رأس صديقي المهشم يحضرني ولا يفارق خيالي وكأن الحادث وقع للتو». وتتشابك عوامل عدة في تفاقم مشكلة حوادث السير منها ما يتعلق بقصور اداء الجانب الرسمي وضعف انفاذ القوانين أو بطبيعة الثقافة العامة. وتقول السلطات أن السرعة الزائدة تشكل السبب الرئيس في الحوادث، لكن ادريس الخطيب، المدير التنفيذي لمنظمة «قف للسلامة المروية» (غير حكومية) يورد سبباً آخر يتمثل برداءة الطريق وتدني كفاءة شرطة المرور. ووفق ورقة بحثية اعدتها الدكتورة نجاة الفقيه من جامعة صنعاء، يساهم الإنسان بأكثر من 95 في المئة من الحوادث سواء كان منفرداً أم مشتركاً مع المركبة والطريق. وتشير الفقيه الى جملة من الأسباب منها المبالغة في التواصل الاجتماعي أثناء القيادة، وممارسة بعض التصرفات التي تشغل السائق والفهم الخاطئ لبعض القضايا الإيمانية، والتعامل مع المركبة بوصفها شكلاً من أشكال الوجاهة الاجتماعية. اضافة الى تعاظم قيم الذكورة في المجتمع وقلة استخدام شروط السلامة ومنها صيانة المركبة والالتزام بقواعد المرور. ويلفت الخطيب الى نشاطات توعوية نفذتها منظمته وركزت فيها على تلاميذ المدارس وطلاب كليتي الهندسة والطب لارتباطهما الوثيق بالتصميم والاسعاف. فبحسب الخطيب يشكل تأخر اسعاف المصابين سبباً في ارتفاع نسبة الوفاة حيث باتت مألوفة مشاهدة سيارة الاسعاف عالقة في الزحام. وتتهم الاجهزة المعنية بتنظيم حركة السير بالتهاون في عملها وتفشي الرشوة بين العاملين فيها، في وقت أعلن الخطيب عن برامج توعية تعتزم منظمة «قف» تنفيذها وتستهدف رجال المرور. قيادة السيارة

مشاركة :