بينما رفضت محكمة الاستئناف أسباب وزارة الداخلية بعدم اختصاص القضاء بنظر قضايا الجنسية، أكدت أن حكم التمييز في هذا الشأن حكم بات حائز لقوة الامر المقضي. أكدت محكمة الاستئناف عدم صحة الأسباب التي استندت إليها وزارة الداخلية في الطعن المقام منها أمام المحكمة، بعدم اختصاص القضاء بنظر دعوى طلب إلغاء قرار سحب الجنسية عن مالك قناة وصحيفة عالم اليوم أحمد الجبر، لأن المحكمة ملتزمة، بموجب حكم محكمة التمييز، بمسألة الاختصاص، كونه حكما باتا حائزا لقوة الامر المقضي. وقالت "الاستئناف"، في حيثيات حكمها، برئاسة المستشار محمد الخطاب، وعضوية المستشارين فيصل العسكري وعلي إسماعيل، والذي حصلت "الجريدة" على نسخة منه، إن الأسباب التي ساقتها الحكومة ببطلان حكم محكمة التمييز في القضية، لعدم عرضه أمام دائرة توحيد المبادئ، ولكونه ناقض مبدأ آخر بأن المحكمة لا يمكنها أن تتناول أيضا هذه المسألة، لأن المحاكم الادنى لا تملك سوى التقيد بأعمال تلك المحكمة. وشددت على أن محكمتي أول درجة والاستئناف تقدما المستندات من الجهة الإدارية ممثلة في الحكومة، إلا أنها نكلت عن تقديمها مما يقيم قرينة لمصلحة المستأنف ضدهم بعدم مشروعية قرار السحب الصادر بحقهم لانتفاء سببه المبرر له واقعا وقانونا، خاصة أنها لم تشأ أن تزحزح هذه القرينة بتقديم هذه المستندات. تبرير غير صحيح وأشارت المحكمة الى انه غير صحيح ايضا تبرير الجهة الادارية انها غير ملتزمة بتسبيب قرار سحب الجنسية، لأن هذا القول تعوزه الدقة وينقصه الدليل. وبينت ان المستأنف ضده أحمد الجبر ولد لاب متجنس كويتيا بصفة أصلية، وهو الأمر المتحقق بشأنه، بميلاده لأب متجنس، ومن ثم بات مركزه محكوما بهذا القانون، واصبح متمتعا بالجنسية الكويتية بصفة أصلية، ومن ثم يمتنع على جهة الادارة إصدار قرار بسحب جنسيته وفق المادة 13 من قانون الجنسية، وإن جاز إسقاطها وفق أحكام المادة 14 من ذات القانون إذا تحققت موجبات هذا الاسقاط. واكدت انه "عن الدفع المبدى من الجهة الادارية بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى لتعلق النزاع بمسألة من مسائل الجنسية التي تعد من أعمال السيادة، والتي حجبها المشرع عن رقابة القضاء عملا بحكم المادة الثانية من قانون تنظيم القضاء رقم 23/1990 والمادة الاولى- خامسا من قانون الدائرة الإدارية رقم 20/1981 فهو نعي غير سديد، لان الدائرة الادارية تصدرت للدعوى المطروحة وفصلت فيها التزاما بالحكم الصادر من محكمة التمييز (بخصوص هذا النزاع) والمنتهي الى ان القرار المطعون فيه بسحب جنسية المستأنف ضدهم لا يعد عملا من اعمال السيادة، واعادت الدعوى الى محكمة اول درجة للفصل فيها، ومن ثم باتت هذه المحكمة ملزمة بالفصل فيها التزاما بهذا الحكم البات الحائز لقوة الأمر المقضي، ولازم ذلك أنه يمتنع والحال كذلك إثارة هذا الدفع من جديد أمام محكمة اول درجة، وهو ما ذهب اليه صائبا الحكم المستأنف". توحيد المبادئ وزادت المحكمة: "ولا ينال من ذلك ما تثيره الجهة الادارية من انه كان يتعين على محكمة التمييز عرض الامر على دائرة توحيد المبادئ، عملا بحكم المادة الرابعة من قانون تنظيم القضاء رقم 23/1990 لأنه ينطوي على عدول عما استقرت عليه أحكامها من اعتبار مسائل الجنسية من أعمال السيادة، لان هذا القول ينطوي على مصادرة على المطلوب، لانه الى ان يتم عرض الامر على دائرة توحيد المبادئ أو يصدر حكم من محكمة التمييز ببطلان حكمها المشار اليه نكون أمام حكم بات حائز لقوة الامر المقضي ملزم للمحاكم الادنى التي لا تملك سوى التقيد به واعمال مقتضاه". وقالت انه "بخصوص نعي الجهة الادارية على قضاء الحكم المستأنف في طلب الغاء القرار المطعون فيه فهو نعي غير سديد لان الحكم تناول وقائع النزاع بفهم سائغ، واعطاها التكييف القانوني الصحيح الذي قاده الى تطبيق صحيح حكم القانون عليها تطبيقا سديدا، وبالتالي جاء سديدا صائبا فيما قضى به واقام قضاءه على اسباب صحيحة وكافية لحمل ما انتهى اليه هذا القضاء الذي حاز قناعة المحكمة التي لم تقف باستقراء أسباب الاستئناف على دفاع جديد للجهة الإدارية ينال من هذه القناعة، لان ما ورد بها من نعي على قضاء الحكم في هذا الشق مردود لانه من المقرر ان الجهة الادارية ملزمة بتقديم المستندات والاوراق المتعلقة بموضوع النزاع والمنتجة في اثباته ايجابا وسلبا ومنعا من تعطيل الفصل في الدعاوى وإذا نكلت عن تقديم هذه الاوراق والمستندات او تقاعست بغير مبرر فإن ذلك يقيم قرينة لصالح خصمها بصحة ما يدعيه". ملف الجنسية واوضحت المحكمة ان "الثابت من الاوراق ان محكمة اول درجة كلفت الجهة الادارية المستأنفة بتقديم المستندات المنتجة في النزاع والمتمثلة في ملف جنسية المستأنف ضدهم، ومذكرة وزير الداخلية المرفوعة لمجلس الوزراء المتضمنة اسباب القرار المطعون فيه، حتى يتسنى لها رقابة مشروعيته والوقوف على الاصول التي استمد منها الا انها نكلت عن تقديمها مما يقيم قرينة لصالح المستأنف ضدهم بعدم مشروعية هذا القرار لانتفاء سببه المبرر له واقعا وقانونا، خاصة أنها لم تشأ ان تزحزح هذه القرينة بتقديم هذه المستندات في مرحلة الاستئناف". وتابعت: "لا صحة لما تثيره الجهة الإدارية من أنها غير ملزمة ببيان سبب قرارها المطعون فيه، طالما لم يلزمها القانون بتسبيبه لأن هذا القول تعوزه الدقة وينقصه الدليل المؤيد، وينطوي على خلط بين تسبيب القرار كإجراء شكلي لصحته وبين ضرورة قيام القرار على سببه الصحيح، لأن القرار الإداري سواء كان لازما تسبيبه كإجراء شكلي او لم يكن هذا التسبيب لازما يجب ان يقوم على سبب يبرره صدقا وحقا، اي في الواقع وفي القانون وذلك كركن من أركان انعقاده". حالات السحب واشارت المحكمة الى انه "وهديا بما تقدم، وإذ حدد المشروع بالمادة 13 من المرسوم الاميري رقم 15/1959 بقانون الجنسية سند القرار المطعون فيه، وكذلك المادة 21 منه حالات سحب الجنسية الكويتية من الكويتي الذي اكتسبها بالتطبيق لاحكام المواد 4 و5 و7 و8، فلازم ذلك ومقتضاه ان القرار الساحب للجنسية يجب ان يستند الى تحقيق احدى هذه الحالات، والتي تشكل ركن السبب فيه والتي تلتزم الجهة الإدارية ببيانها كشرط لصحته". وقالت: "لما كان الثابت ان القرار المطعون فيه لم يتضمن الأسباب التي قام عليها، وأجدبت أوراق الدعوى تماما مما يفيد بأنه قام في شأن المستأنف ضدهم إحدى حالات سحب الجنسية المقررة بالمادتين 13 و21 من قانون الجنسية، وهو ما يقع عبء إثباته على الجهة الإدارية فمن ثم يضحى قرارها والحال كذلك مفتقرا الى سببه المبرر له واقعا وقانونا خليقا بالإلغاء، وهو ما ذهب إليه صائبا الحكم المستأنف هذه من ناحية". الضرر الأدبي بخصوص الضرر الأدبي أكدت المحكمة ان المستأنف ضده قد حاق به ضرر مادي غير منكور على نحو ما استظهره صائبا الحكم المستأنف الا ان المحكمة ترى ان في القضاء بإلغاء القرار المطلوب والتعويض عنه خير تعويض له عن هذا الضرر باعتباره يمحو ويجبر ما حاق به من الم نفسي ويزيل ما قد يكون قد علق في نفسه من مرارة لا يعوضها المال مهما كان مقداره. ورأت أن في إلغاء القرار رداً لاعتبار المستأنف بما يمسح عنه ما لحق به من مساس بوضعه في المجالين الأسري والاجتماعي بما لا محل معه للقضاء بتعويض نقدي عن هذا الضرر خلافا لما ذهب اليه خاطئا الحكم المستأنف. رابطة قانونية وأضافت المحكمة: "ومن ناحية ثانية فإنه من المقرر ان الجنسية بحسبانها رابطة سياسية وقانونية بين المواطن والدولة فقد نظم المشرع أحكامها على سنن منضبطة من حيث نشأتها وزوالها وآثارها تجعل من انتساب المواطن لموطنه مركزا قانونيا مستمدا من أحكام القانون مباشرة". واردفت: "واذ صدر القانون رقم 44/1994 بإضافة فقرة جديدة الى المادة السابعة من المرسوم الأميري رقم 15/1979 بقانون الجنسية الكويتية، تقضي باعتبار المولود لاب متجنسا كويتيا بصفة اصلية، وهو الأمر المتحقق بشأن المستأنف بميلاده لاب متجنس، ومن ثم بات مركزه محكوما بهذا القانون، واصبح متمتعا بالجنسية الكويتية بصفة أصلية، ولازم ذلك ومقتضاه انه يمتنع على الجهة الإدارية سحب جنسيته عملا بحكم المادة 13 من قانون الجنسية الكويتية المشار اليه، وان جاز إسقاطها عنه بموجب أحكام المادة 14 من ذات القانون اذا تحققت موجبات هذا الإسقاط، واذ ذهب الحكم المستأنف هذا المذهب، وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه فإنه يكون صحيحاً ولا مطعن عليه في هذا الشق". نعي سديد وأفادت المحكمة: "وحيث إنه بخصوص نعي الجهة الادارية على قضاء الحكم بإلزامها بالتعويض فهو نعي سديد، لان مناط القضاء بالتعويض يدور وجودا وعدما مع تحقيق اركان المسؤولية الموجبة للتعويض من خطأ وضرر وعلاقة سببية، وإذ خلص المستأنف صائبا الى ثبوت ركن الخطأ بجانب الجهة الإدارية بإصدارها القرار المطلوب التعويض عنه إلا أنه لم يستظهر ركن الضرر، حيث خلص الى ان هناك اضرارا مادية حاقت بالمستأنف ضده تمثلت فيما كان يتقاضاه إبان شغله رئيسا لمجلس إدارة المجموعة التي كان يرأسها دون تحديد عناصر هذا الضرر وأدلة ثبوته يؤيد ذلك ان كل ما ورد بالاستئناف الثاني طعنا على هذا الشق من الحكم، وما تردد بين جنبات المستأنف ضده بشأن الضرر المادي هو قول مرسل لا دليل عليه من الأوراق، بما لا محل معه لإلزام الجهة الادارية بتعويضه عن الضر المادي خلافا لما ذهب اليه خاطئا الحكم المستأنف".
مشاركة :