كل شيء تغير

  • 3/31/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في المسرح، في المعارض، في الحفلات الموسيقية، وفي السينما، كانت هناك تقاليد راسخة تسبق العروض أو الافتتاحات وتتخللها. يذكر البعض مثلا أن تقديم المسرحيات كان يصاحبه سخاء في المواد المطبوعة كمنشورات تعريفية وكتيبات مزدانة بالصور. شيء تأخذه معك إلى البيت وتحفظه كما لو كان إصدارا فنيا خاصا أو كأي كتاب قيم. الأسطوانات كانت كبيرة تأتي داخل «جاكيتات» أو «مغلفات» من الورق السميك وعلى كل غلاف تصميم فني، وإذ تضم الأسطوانات بعضها لبعض فوق الرفوف فإن الناتج كان تشكيلا جميلا للديكور لأي هاو موسيقي بصرف النظر عن الموسيقى التي يهواها. السينما كانت الأكثر ثراء بالنسبة لكيف كانت تحتفل صالات السينما بالأفلام. أولا: الصالات كبيرة ورحبة وتشبه، من حيث الفخامة والحجم، أي مسرح وطني كبير. ثانيا: كانت هناك ستارة كبيرة مسدلة. بعض الصالات (ومنها ما هو لا يزال قائما في كاليفورنيا) كان يدق ساعة قبل الفيلم. لكن بساعة أو من دونها كانت الستارة إما تفتح جانبيا أو ترتفع صاعدة إلى السقف لتظهر وراءها الشاشة البيضاء. الشاشة البيضاء من دون ستارة كانت مثل الجسم العاري بلا ثياب. صور الأفلام كانت تطبع وتلصق على مداخل الصالات. لا تعرف شيئا عن الفيلم؟ اقرأ ما على الصورة. انظر إلى كل الصور وابنِ رأيك عما إذا كان الماثل أمامك يدفعك لمشاهدة هذا الفيلم أو سواه. في السنوات الأخيرة من العشرينات وفي الثلاثينات وحتى مطلع الخمسينات كانت صالات السينما الغربية تؤمن للمشاهد عالما من الأفلام. كانت تبدأ بما كان اسمه «المسلسل». وهذا المسلسل كان عبارة عن اثنتي عشرة حلقة من فيلم جرى تصويره بكامله وتقسيمه إلى فصول كل فصل (أو حلقة) من 12 دقيقة تنتهي بموقف حرج يصيب البطل ويتركك تتساءل كيف تخلص من ذلك الموقف. لمعرفة الجواب عليك أن تأتي في الأسبوع المقبل وتكتشف بنفسك. مثلا في الحلقة الثالثة من المسلسل سنرى البطل وقد أغمي عليه داخل السيارة التي يقفز منها المجرم فتنطلق فوق الطريق الجبلي آيلة إلى السقوط في الوادي حيث ستنفجر.. ماذا عن البطل؟ هل مات؟ لا. في مطلع الحلقة الثالثة يجري إضافة لقطة نراه فيها وقد استيقظ من إغمائه قبل ثوان من سقوط السيارة وفتح بابها ورمى نفسه خارجها. إذا لم تكن سيارة فهي طيارة وإن لم تكن طيارة فهي قارب سريع. والمواقف المثيرة كثيرة فقد تكون نهاية إحدى الحلقات قيام طائرة بقصف مخزن كان بطل الفيلم قد انشغل فيه بمقارعة الأشرار.. ها هو المبنى كله ينسف عن بكرة أبيه و.. بطلنا في داخله.. في الحلقة اللاحقة سنرى تلك اللقطة الدخيلة التي تصور كيف نجا. إلى هذه النوعية الخفيفة والجاذبة من الأفلام كانت هناك الرسوم المتحركة وكانت هناك الأخبار المصورة وأحيانا فيلم من ساعة يليه الفيلم الرئيس.. بذلك تقضي ساعتين ونصف الساعة إلى ثلاث ساعات بصحبة باقة من الأفلام والتسليات و.. من دون إعلانات على الإطلاق! دخل التلفزيون في الخمسينات وتبع ذلك ثورات الشباب في الستينات ثم تبعثرت، ليليها تحويل كل شيء إلى بزنس ونبذ كل الطرق السابقة والإبقاء على ما يدر مالا. وكما غنت ماري هوبكن ذات مرة: «كانت تلك هي الأيام التي اعتقدنا أنها لن تنتهي».

مشاركة :