قبل عامين، عندما اشترى الملياردير جيف بيزوس، مؤسس ومالك موقع «أمازون» لبيع الكتب (وكل شيء)، صحيفة «واشنطن بوست»، أهم صحيفة يومية في العالم (بسبب قربها من صانعي القرار في أهم عاصمة في العالم)، قال كثير من الصحافيين والمراقبين إنه اشترى «صحيفة مريضة جدا». وقالوا لو كانت صحتها طيبة، ما كانت تخلصت منها عائلة غراهام (مالكتها لقرابة مائة عام). لكن في ذلك الوقت، قال بيزوس، الذي دفع 250 مليون دولار (من ماله الخاص، وليس من مال شركته، حيث يوجد معه شركاء صغار)، إنه سيغيرها لتنجح مثلما نجحت شركة «أمازون». بدأ بأن أعلن طريقة جديدة لقراءة «واشنطن بوست» إلكترونيا على الكمبيوتر اللوحي. في ذلك الوقت، قال مارتن بارون، رئيس تحرير الصحيفة: «خلال أحاديث كثيرة مع المستر بيزوس، تسربت إلى أعماقنا أفكاره وطموحاته. ومرات كثيرة، سألناه عن سر نجاح (أمازون)، وتأكد لنا أنه مدمن الاستهلاكية (تلبية رغبة المستهلك)». حتى روح العمل داخل مكاتب «أمازون» بدأت تنتقل إلى مكاتب «واشنطن بوست». انتقلت استراتيجية اسمها «داي ون» (اليوم رقم واحد). يعنى هذا أن كل يوم جديد هو مثل أول يوم صدرت فيه «واشنطن بوست». ويقصد هذا زيادة التحفز وسط الصحافيين، مثل أن يدخل الصحافي مكتب الصحيفة في الصباح، وهو يقول: «ليس هذا يوما روتينيا، تأتينا فيه أخبار جديدة، وننشرها، كما نفعل كل يوم. هذا أول يوم تصدر فيه الصحيفة، ونحن أمام تحدي النجاح أو الفشل». ويذكر ستيفن هيلز، رئيس شركة «واشنطن بوست الجديدة»، أن بيزوس، في أول اجتماع معه بعد أن اشترى الصحيفة، سأله: «كيف سنكون ناجحين بعد عشرين عاما من الآن؟». في ذلك الوقت، قال دكتور هنري ماسايابو، أستاذ الصحافة في جامعة كاليفورنيا: «يسهل أن يقول ملياردير هذا... يسهل ألا يربح الثري اليوم، ليربح غدا، لكن، في الجانب الآخر، لا يؤجل الربح إلا شخص واثق من نفسه، وأكثر يقينا، وتوازنا، وأقل جشعا وهرولة». وقال فردريك رايان، ناشر «واشنطن بوست»، وكأنه يؤكد الجزء الثاني من تعليق بروفسور ماسايابو: «نحن محظوظون لأننا نستطيع أن نخطط للمدى البعيد، ولا نشغل أنفسنا فقط بعمل يوم بعد يوم». أمس، الأربعاء، بعد أكثر من عامين، قال رايان: «نجحنا بصورة لم نتوقعها... ها نحن نضيف عشرات الصحافيين». ووزع نشرة داخلية بمناسبة نهاية العام، قال فيها: «وأخيرا، جمعنا بين الاثنين: النمو، والربح. خلال العام، ناقشنا ما يصلحنا وما يؤذينا، واستثمرنا فيما يصلحنا». لم يحدد الناشر عدد الصحافيين الجدد، لكن قال كين دكتور (كاتب عمود)، إن الرقم أكثر من 60 صحافيا. ستكون هذه زيادة بنسبة 8 في المائة. سيكون عدد كل الصحافيين 750. لتكون «واشنطن بوست» الثالثة في هذا المجال بعد صحيفة «وول ستريت جورنال» (1.500)، وبعد صحيفة «نيويورك تايمز» (1.307)، لكن، قبل صحيفة «يو إس إيه توداي» (450). على ماذا ستركز «واشنطن بوست» الموسعة؟ أولا: «موبايل فيديو»: يقدم الخبر في 15 ثانية. ثانيا: «رابيد ريسبونس» (التحرك السريع): يقدم تحقيقا عميقا خلال يوم واحد. ثالثا: «بريكينغ نيوز» (خبر عاجل). توجد، في الوقت الحاضر، كل هذه الأقسام في الصحيفة، لكن، داخل كل قسم، سيكون هناك صحافيون يسابقون الزمن. مثلا: بعض التحقيقات الاستقصائية العميقة تستغرق شهورا... ستستمر هذه، لكن ستكون هناك تحقيقات عميقة تستغرق يوما واحدا فقط. كان رافي سمويا، في صحيفة «نيويورك تايمز»، منافسة «واشنطن بوست» الأولى، كتب: «يبدو أن (واشنطن بوست) تسير على خطى (أمازون). ستدخل عالم إنتاج المسلسلات التلفزيونية. حسنا، لنستعد لمجال جديد ستدخله (واشنطن بوست): إنتاج المسلسلات التلفزيونية». ومن المتوقع أن ينضم الموظفون الجدد للصحيفة في الربع الأول من العام المقبل، ويبدو أن الهدف من زيادة عدد العاملين في الصحيفة له أكثر من جانب، أحدهما مالي بحت والآخر صحافي. وقد شهدت «واشنطن بوست» زيادة في الاشتراكات الجديدة خلال العام الماضي كما ضاعفت عدد الاشتراكات الرقمية أيضا.
مشاركة :