تباينت آراء المستهلكين والمختصين بمكافحة التدخين مع قرب تطبيق المملكة لقرار الضريبة الانتقائية على المنتجات التي تضر بالصحة، ومنها منتجات التبغ ومشتقاتها وبضريبة تصل إلى 100%، نُنفذ خلال الربع الثاني من عام 2017 كقيمة مضافة وفق وثيقة تحقيق التوازن المالي. ويرى مختصون في مكافحة التدخين أن قرار تطبيق زيادة سعر الضرائب على التبغ إيجابي، مشيرين إلى أنه سيسهم في خفض عدد المدخنين، فيما طالب المستهلكون بعدم اقتصار الجهود على زيادة الضريبة، وإنما ينبغي إقامة حملات مكثفة توعوية لمخاطر التدخين وأضراره الصحية والمادية. من جانبه، تحدث لـ"سبق" مدير عام مكافحة التدخين بجمعية "نقاء" محمد المعيوف قائلاً: "زيادة أسعار التبغ ستسهم -بإذن الله- في انخفاض معدلات التدخين في المملكة، وسيضعها ضمن الدول الأقل استهلاكاً لهذه الآفة الخطرة، ويأتي هذا القرار منسجماً مع الاتفاقية التي وقعتها المملكة مع منظمة الصحة العالمية، والتي ينص أحد بنودها على زيادة الضرائب على منتجات التبغ." وأضاف: "سبق للمملكة أن رفعت من أسعار التبغ وعلى الرغم من أهميتها إلا أنها لا تزال قليلة مقارنة بالدول الأخرى، ولا شك أن نقص أسعار التبغ يعد عاملاً مشجعاً للإقبال على التدخين بين صفوف صغار السن "المدخنين الجدد"! وذوي الدخل المحدود". وأردف: "وفقاً لدراسات عالمية أجريت في الدول ذات الدخل المرتفع نسبياً، حيث أشارت دراسة تابعة لمنظمة الصحة العالمية أن زيادة الضرائب على التبغ بنسبة 10% تقلل من استهلاك التبغ بنسبة 4% في البلدان المرتفعة الدخل، وبنسبة تصل إلى 8% في معظم البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل". وقال: "جمعية نقاء من أوائل الجهات التي طالبت بزيادة الضرائب، وألفت في ذلك مؤلفاً بعنوان «سياسة زيادة الضرائب والأسعار وأثرها في الحد من انتشار التبغ في المملكة» بهدف الحد من استخدامه وحفاظاً على صحة الوطن والمواطن ومن يعيش على ثرى هذا الوطن الغالي". وكشف "المعيوف" عن أن "هناك إحصائية اجتهادية لعدد المدخنين بالسعودية تقدر نسبتها ما بين 21-24% وقابلة للزيادة إذا لم تتخذ الإجراءات التي تحد من انتشار التبغ ومشتقاته، مشيراً إلى أن زيادة الضريبة إلى 100% ستسهم في خفض الاستهلاك بنسبة محددة. من جهته، يرى الخبير والكاتب الاقتصادي أحمد الشهري أن الضرائب تؤدي دورها بشكل فعال عندما يكون الغرض منها اقتصادياً كفرض ضرائب للحد من التدخين وليس الهدف منها مالياً، ولا يمكن أن نقول إن فرض الضرائب على التدخين تنويع مصادر دخل وإنما للحد من الاستهلاك الضار. وأضاف: "تطبيق القرار يجعل كثيراً من المدخنين يقلعون عنه، رغم أنه يعتبر مكسباً وطنياً على فاتورة الصحة"، مشيراً إلى أن المستهلكين سيتجهون في نفس الوقت إلى طلب البدائل كما يعرف محلياً بالشيشة، مطالباً بأن تطال الضرائب أيضاً المقاهي التي تقدمها، وأن تكون بأسعار مرتفعة، ولا سيما أن ضررها أكبر. وقال "م. ف"، أحد المدخنين والبالغ من العمر 18 عاماً، إنه يدخن وهو بالصف السادس الابتدائي بسبب تأثره بوالده المدخن، وكذلك أقاربه الذين يجلس بينهم وكان والده لا يعلم بتدخينه إلا بعد عام من استخدامه، مشيراً إلى أن رفع أسعار التدخين قد يحد من استهلاكه، ويمنع من الوفاة التي يتعرض لها المدخنون، معللاً بأن رفع الضرائب على التبغ لا يكفي أيضاً، مطالباً بعمل حملات توعوية تبين خطره على الصحة، وكذلك التشديد على محال المقاهي التي تبيع الشيشة ولا يلتزم معظمهم بأي عمر محدد. وكانت بعض الإحصاءات سجلت أن السجائر تقتل كل ست ثوان شخصاً في العالم والغالبية الساحقة من المدخنين هم من بلاد ذات الدخل المتوسط أو المنخفض، ووفق دراسة أُطلقت على هامش المؤتمر الدولي “التبغ أو الصحة” الذي عقد في أبوظبي العام الماضي، تصدرت الكويت قائمة الدول الأكثر تدخيناً من بين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث بلغت نسبة تدخين السجائر فيها نحو 31.3 بالمائة من السكان، تليها البحرين بنسبة 23.8 بالمائة، ثم السعودية 22.2 بالمائة، وقطر 19.4 بالمائة، ثم الإمارات 18.1 بالمائة، وأخيراً سلطنة عمان بنسبة 13 بالمائة.
مشاركة :