مصر: اتفاقية تيران وصنافير تدخل مرحلة تنازع السلطات

  • 12/30/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

بقرار من الحكومة المصرية، تمت إحالة اتفاقية تيران وصنافير إلى مجلس النواب... لتدخل بذلك الاتفاقية المثيرة للجدل الشديد في مصر إلى مرحلة تنازع السلطات.  الحكومة المصرية توافق على اتفاقية "تيران وصنافير" وتحيلها إلى البرلمان فالسلطة القضائية، ممثلةبمحكمة القضاء الإداري، أصدرت حكمين ببطلان توقيع الاتفاقية بين مصر والسعودية في الثامن منأبريل/نيسان الماضي، فيما قررت المحكمة الإدارية العليا حجز القضية للحكم بجلستها المقررة في السادس عشر من يناير/كانون الثاني المقبل. معارضون للاتفاقية وصفوا خطوة الحكومة بأنها مخالفة للدستور والقانون؛حيثإن القضاء هو صاحب الكلمة الأخيرة في هذه القضية. فيما يرىآخرون أن البرلمان هو صاحب القول الفصل وفقا للدستور المصري الصادر في العام 2014.إذ إن القانون والدستور ينصان على ضرورة عرض الاتفاقيات الخاصة بترسيم الحدود بين مصر وأي دولة أخرى على البرلمان، حتى يقرر رفضهاأو موافقتهاعليها، وهو ما يعارضهبعضٌممن يرون أن رئيس الدولة كان يجب عليه منذ البداية عرض الموضوع على البرلمان وترك الأمر له، لكنه لم يفعل. وبناءً على ذلك، لا يحق للبرلمان أن يتدخل الآن أو يبدي رأيه بشأن تلك القضية، لأن الكرة الآن في ملعب القضاء، وهو من له الكلمة الفصل في تحديد ملكية الجزيرتين سواء لمصر أو للسعودية. وعلىالجانب المعارض أيضاً، ذهببعضٌإلى القول إن مجلس الوزراء لا يملك من الأساس سلطةتوقيع اتفاقيات دولية بحكم الدستور، ولا أحد يملكحقالتنازل عن أرض مصرية بحكم الدستور، ولا يستطيعالمضي في إقرار اتفاقية باطلة بحكم القضاء، بل وذهب هؤلاء إلى القول إن الحكومة بإقرار تلك الاتفاقية تضع نفسها تحت طائلة المادة 123 من قانون العقوبات، والتي تعاقب بالحبس والعزل كل موظف عام امتنع عن تنفيذ حكم قضائي، لأنه لا يوجد برلمان أوسلطة في العالم تملكحقانتهاك أحكام الدستور، الذي أقسمت على احترامه. أماالمؤيدون، فيرونأنقرار الحكومة المصرية إحالة اتفاقية تيران وصنافيرجاء استنادا إلى المادة 151 من الدستور، والتي تقول: "يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية ويبرم المعاهدات ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرهابأحكام الدستور...وطبقا لظواهر وفحوى ومضمون النص، فإن صاحب الاختصاص الأصيل ببسط الرقابة على الاتفاقيات الدولية شكلا وموضوعا هو مجلس النواب". ويرى هؤلاء أن اختصاص مجلس النواب بأعمال ومقتضيات ذلك الحكم الدستوري، إنما هو من قبيلالاختصاصات المحجوزة، التي لا يجيز تداخل أي سلطة أخرى في تناول أي من المحال التي ينفرد مجلس النواب من الاختصاص الدستوري، بالبت فيها ونظرها بصورة نهائيةلا تقبل أي تعديل أو تغيير، ومعنىذلكأن"من غير الجائز قيام أي سلطة في استباقه في مباشرة ذلك الاختصاص الرقابي، بخاصةٍأن ما يملكه البرلمان من وسائل الرقابة لا تتاح لغيره من السلطات". وردا على الأحكام التي أصدرتها محكمة القضاء الإداري ببطلانتوقيع اتفاقية تيران وصنافير، يرى هؤلاء أنه وبالرغم من أن القوانين المنظمة للسلطة القضائية قد أخرجت المعاهدات والاتفاقيات الدولية من مجال الولاية الخاصة باختصاصاتها القضائية، باعتبار أنها من أعمال السيادة وفقا لما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا والتطبيقات القضائية التي استلزمته، فإن محكمة القضاء الإداري قد استأثرت لنفسها بالاختصاصبما ناط به الدستور مجلس النواب،وقصره عليه باعتبار أنه المنوط به رقابة ما تبرمه السلطة التنفيذية من معاهدات أو اتفاقيات مع الدول الأخرى، وما يستتبع ذلك من مباشرة أي رقابة لازمة للتأكد من سلامة الاتفاقيات أوالمعاهدات... وذلك بتصديها للاتفاقية المبرمة بتعيين الحدود البحرية، بين مصر والمملكة العربية السعودية، وهي الاتفاقية التي يختص مجلس النواب وحده دون سواه حال اكتمال مرحلتها الأولى بالنظر فيها إقرارا أو رفضا". ويؤكدمؤيدو الاتفاقية أنه، ووفقا للدستور، فإن المعاهدات الدولية تمر بمراحل ثلاث:المرحلة الأولى ويختص بها رئيس الجمهورية، باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية، وأطلق عليها النص الدستوري لفظ "الإبرام"، والمرحلة الثانية وتختص بها السلطة التشريعية، وأطلق عليها النص الدستوري لفظ "الموافقة"، والمرحلة الثالثة، ويختص بها رئيس الجمهورية، بصفته رئيسا للدولة، وأطلق عليها النص الدستوري لفظ "التصديق". وبناء على ذلك، ووفقا للمادة السابعة من اتفاقية فيينا للمعاهدات الدولية "يعدُّالأشخاص الممثلون لدولهم بحكم وظائفهم، هم رؤساء الدول ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية، الذينيحق لهم القيام بجميع الأعمال المتعلقة بعقد المعاهدة".وبحسب هذا النص، يرى هؤلاء أن توقيع الاتفاقية منقبلرئيس الحكومة المصرية وولي ولي العهد السعودي لا يبطل الاتفاقية، على عكس ما ذهبت إليه الأحكام القضائية في بعض أسانيدها، الأمر الذي يعطي لمجلس النواب قدرة كبيرة على المناورة لدى نظره الاتفاقية عند مناقشتها، تمهيداً لاتخاذ موقف منها، سواء بالقبول أو الرفض. محمود بكري

مشاركة :