أداء المصارف الاستثمارية المميز يفشل في إقناع المستثمرين

  • 12/31/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

الأرباح الجامحة في الماضي لن تتكرر. هذا هو رد المصرفيين في قطاع الخدمات الاستثمارية عندما سُئلوا عن التوهج غير المألوف الذي أحاط صناعتهم في الأشهر الأخيرة. نتائج الربع الثالث في القطاع كانت مثيرة للإعجاب، مع ارتفاع إيرادات الصناعة 30 في المائة في بعض المجالات. الأسهم في المصارف الاستثمارية ارتفعت أكثر من 25 في المائة بعد انتصار دونالد ترمب في الانتخابات الأمريكية، في الوقت الذي يترقب فيه المستثمرون مستقبلا مُشرقا يتسم بنمو أفضل، وأسعار فائدة أعلى، وضوابط تنظيمية أقل. بالنسبة إلى بعض المراقبين في الصناعة بدا الأمر كأن الأوقات الجيدة عام 2006 عادت الآن. لكن مانيويل فالكو، رئيس الخدمات المصرفية المؤسسية والاستثمارية لأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في "سيتي جروب"، يقول "لا أعتقد ذلك، حتى إنني لا أتذكر كيف كان يبدو (عام 2006)". النقطة المُشرقة الأكثر وضوحاً في الاندفاع الصعودي الواضح عام 2016، كانت أداء أقسام الدخل الثابت، والعملات، والسلع الأساسية في المصارف. يقول دانيال بينتو، الرئيس التنفيذي للمصرف الاستثماري التابع لـ "جيه بي مورجان"، "يبدو الأمر كأن الدخل الثابت، وهو فئة أصول كان يتم تخفيضها في المحافظ عاما بعد عام، وجد فيما يبدو قاعدته في عام 2016". ويتوقع بينتو أن تنخفض المحفظة الشاملة للدخل الثابت والعملات والسلع الأساسية - إجمالي مبلغ الرسوم المشتركة عبر المصارف - نحو 1 في المائة عام 2016، وهو انخفاض أكثر تحفظاً بكثير من متوسط الانخفاض السنوي البالغ 12 في المائة في الفترة من عام 2012 حتى عام 2015، في الوقت الذي عملت فيه الرسوم وقيود رأس المال الإضافية على تخفيض الإيرادات. لكن هذا الانخفاض جاء في عام أدى فيه "خروج بريطانيا" والانتخابات الرئاسية الأمريكية إلى أحجام تداول قياسية في العملات والسندات. ومجالات الدخل الثابت، والعملات، والسلع الأساسية سيكون عليها قطع طريق وعر للعودة إلى أيامها الذهبية. ووفقاً لبيانات من قسمي الأبحاث في "دويتشه بانك" و"فاينانشيال تايمز"، في عام 2010 حقق 13 من أكبر المصارف في العالم إيرادات بلغت 116.5 مليار دولار في مجال الدخل الثابت، أي 18 في المائة من إجمالي الإيرادات. وبحلول عام 2015 كانت إيرادات الدخل الثابت، والعملات، والسلع الأساسية 71.65 مليار دولار فقط، أي 12.6 في المائة من الإجمالي. تراجع أهمية المصارف الاستثمارية في شركاتها الأم يعد أمرا مهما لأي تقييم لاحتمالات انتعاشها. ويظهر بحث "فاينانشيال تايمز" أن المصارف الاستثمارية الـ 13 الأكبر في العالم خصصت في عام 2007 ثُلثي إيراداتها للنشاط المصرفي الاستثماري. والآن المصارف الاستثمارية تحصل على أقل من نصف الأصول، والنسبة ستنخفض أكثر بمجرد أن تنتهي المصارف من تخفيضات موعودة. مع تخصيص المجموعات المصرفية أيضاً موظفين أقل للمصارف الاستثمارية، ليس من المستغرب أن مساهمة الأخيرة في الأرباح الأساسية تنخفض أيضاً - لذلك أي انتعاش في ربحية المصارف الاستثمارية الآن سيكون أقل أهمية بكثير بالنسبة إلى أداء المصارف الشامل مما كان عليه في عام 2007. انسحاب المصارف الاستثمارية لم يكُن مُنتظما. في الأعوام الأخيرة كان أكثر وضوحاً في المصارف الأوروبية، ما منح انتصارات سهلة لمصارف وول ستريت. هذا سبب آخر لكون عام 2017 لن يبدو مبشرا بقدر ما تُشير إليه عناوين الصحف في الأشهر الأخيرة. يقول بينتو "ذلك الوضع انتهى إلى حد كبير (...) التغييرات في أنموذج الأعمال التي يختار كل مصرف تنفيذها، كانت سليمة إلى حد كبير، لذلك أرى اختلافا أقل في الأداء عبر المصارف الأوروبية والأمريكية. إذا توسعت المحفظة قليلاً، فمن المرجح أن يحقق الجميع أداء أفضل". التوقعات لما يُمكن أن تفعله تلك المحفظة في عام 2017 مرتبطة إلى حد كبير برئاسة ترمب الوشيكة، التي توفر وعدا بنمو اقتصادي أفضل في الولايات المتحدة، وأسعار فائدة أعلى، وإلغاء بعض الضوابط الأكثر إرهاقاً التي أُدخِلت بعد الأزمة المالية. يقول أندريا أورسيل، رئيس البنك الاستثماري في "يو بي إس"، "الواقع هو أن لا شيء قد تأكد تماماً (...) هناك كثير الذي لا يزال مجهولاً". ويلاحط أورسيل أن التحدي بالنسبة إلى مصارف مثل مصرفه هو "البقاء مرنة وبارعة بحيث يُمكن للشركات أن تكون في وضع لالتقاط أي ارتفاع، وفي الوقت نفسه عدم الانحراف عن استراتيجيتها الأساسية". بعبارة أخرى "يو بي إس" الذي أصبح أبرز مثال على تقليص الخدمات المصرفية الاستثمارية في عملية إصلاح شاملة تم تنفيذها في عام 2012، لن يعود فقط لأن بعض البشائر تبدو جيدة. لكن المصرف "سيوظّف بشكل انتقائي" في مجالات مثل الدخل الثابت وأسعار الفائدة والائتمان والأسهم "حيث نرى زخما حقيقيا". ويتابع أورسيل "إن الأمر الذي ستكون رؤيته مثيرة للاهتمام، هو ما إذا كان الارتفاع في النشاط سيُترجم إلى ربحية. الإيرادات مهمة، لكن مقياس النجاح الذي ينبغي أن نسعى إليه هو النمو في الأرباح. هذا ما يهم فعلاً وهو ما يُطالب به المساهمون – وهم على حق في ذلك". "سيتي جروب" التي لا تزال ملتزمة بأنموذج كامل خدمات المصرف الاستثماري طوال فترة الأزمة، حذرة أيضاً. يشدد فالكو على أن هناك "كثيرا من الأمور المهمة جداً بانتظارنا، التي ستكون مهمة بشكل حاسم لمستقبل أوروبا". كتبت وكالة التصنيف DBRS في مذكرة حول توقعاتها لعام 2017 أن "مخاطر الانخفاض المحتملة لا تزال كبيرة بالنسبة إلى المشاركين في أسواق رأس المال الأوروبية في عام 2017"، مُشيرة إلى "استمرار عدم اليقين السياسي والتنظيمي والتشريعي" الناشئ عن "خروج بريطانيا" وعن انتخابات مرتقبة في بلدان الاتحاد الأوروبي. يقول فالكو "نحن أكثر تفاؤلاً مما كنّا عليه، لكننا سنتعامل مع الأمر يوما بيوم. من الصعب جداً التنبؤ بالمستقبل. عام 2016 ربما كان العام الذي سبقته التوقعات الأسوأ (على الإطلاق)".

مشاركة :