يقف عشرات المواطنين بينهم أطفال في طابور طويل قرب الكنيسة المريمية في دمشق القديمة بانتظار وصول صهريج مياه لملء عبوات بحوزتهم، بعد معاناة على مدى أسبوع جراء انقطاع هذه الخدمة عن العاصمة. ويأتي انقطاع المياه إثر هجوم بدأه النظام السوري الأسبوع الماضي على منطقة وادي بردي، التي تعد مصدر المياه الرئيسي لدمشق. واتهم النظام السوري الفصائل المعارضة التي تسيطر على المنطقة بتلويث المياه بالمازوت، ثم قطعها بالكامل عن دمشق، على حد زعمهم. وينتظر أبو أسعد حواصلي (رجل خمسيني) منذ الصباح الحصول على المياه قرب الكنيسة المريمية. ويقول لوكالة فرانس برس «كنت أستيقظ باكرا صباح كل يوم جمعة من أجل الاستحمام والاستعداد للذهاب إلى الصلاة، لكن الوضع تغير اليوم وأنتظر منذ ساعة أن يأتي الفرج». وفي مواجهة الأزمة، عمدت السلطات إلى تقنين توزيع المياه على أحياء دمشق، وبالإضافة إلى استخدام مياه الآبار ترسل يوميا الصهاريج بشكل دوري إلى الأحياء لتأمين الحد الأدنى للسكان. وتقوم مؤسسة المياه في محافظة دمشق يوميا بنشر لائحة بالأحياء التي سيتم توزيع المياه عليها. وخلال انتظاره وصول الصهريج، يتصل أبو أسعد بزوجته ليبلغها بضرورة استعجال مجيء ولديه. ويوضح «لا أستطيع أن أحمل أكثر من عبوة واحدة، سيأتي ولدي ليحمل كلّ منهما عبوة، وهكذا قد تكفينا المياه ليومين أو ثلاثة». ويقول مراسل فرانس برس في دمشق إن المياه أحيانا لا تصل إلى المنازل إلا لساعة أو ساعتين كل ثلاثة أيام، موضحا أن مياه الآبار صالحة فقط للغسيل وليس للشرب، ما يجبر السكان على غلي المياه قبل استخدامها. ونتيجة الأزمة، ازداد الطلب على عبوات المياه، ما انعكس أيضاً نقصا على وفرتها في الأسواق. في الجهة المقابلة من الكنيسة، يراقب عصام دالاتي (50 عاما) من أمام متجره للبقالة طابور المواطنين الطويل. ويقول «جاءت سيارة توزيع المياه قبل يومين فأخذت 20 صندوقا وسأحتفظ بها لعائلتي». ويضيف بحسرة «نحن مقبلون على أيام صعبة، ولا شيء يعوض المياه». وأعربت الأمم المتحدة الخميس عن خشيتها من «وضع مياه الشرب وانقطاع إمدادات المياه الرئيسية منذ 22 ديسمبر عن أربعة ملايين نسمة» من سكان دمشق وضواحيها. وعزت الأمم المتحدة قطع إمدادات المصدرين الرئيسيين لمياه الشرب، وهما نبع وادي بردي وعين الفيجة -اللذين يوفران المياه النظيفة والآمنة لسبعين في المئة من السكان في دمشق وما حولها- إلى «استهداف متعمد للبنية التحتية أدى إلى تدميرها». وعمدت الفصائل المعارضة وفق قولها «إلى قطع المياه بشكل كلي عن المدينة بهدف الضغط على الجيش لوقف العمل العسكري» في وادي بردي. وشهدت منطقة وادي بردي أبرز خروقات وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في سوريا منتصف ليل الخميس الجمعة، إذ اندلعت صباحا اشتباكات بين الطرفين. البلاستيك هو الحل في حي الشيخ سعد في المزة، لا يتمكن أبو حسان من الرد على جميع طلبات زبائنه الذين يقبلون على شراء الصحون والملاعق البلاستيكية حتى لا يضطرون إلى غسلها. يقول أبو حسان لفرانس برس «بعنا خلال اليومين الماضيين أكثر مما كنا نبيعه خلال شهر كامل»، مضيفا «نفدت من عندي أكواب البلاستيك، لكني لست مسرورا وأنا أرى الغصة في عيون زبائني». ويوضح «كنت أتمنى أن تنفد بضاعتي لكن ليس بهذا الشكل وليس بسبب أزمة الناس». وتحمل حوراء (28 عاما) ورقة سجلت عليها كل ما تحتاج إليه. وتطلب من أبو حسان أن يستعجل في تلبية طلباتها لتتمكن من اللحاق ببائع صناديق المياه. وتوضح «لم تصلنا المياه في منزلي في منطقة بساتين الرازي منذ سبعة أيام، حتى إنني أنتظر الذهاب إلى مكان عملي حتى الحمام».;
مشاركة :