النسخة: الورقية - دولي كتبتُ عشية زيارة الرئيس باراك أوباما الرياض ومقابلته الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وأخّرتُ التعليق على نتائج الزيارة بانتظار قراءة الصحف الأميركية والبريطانية في نهاية الأسبوع. اليوم أتناول الزيارة بدءاً بتفصيل غير مهم. المملكة العربية السعودية رفضت إعطاء تأشيرة زيارة لمراسل «جيروزاليم بوست» في واشنطن مايكل ويلنر واحتجت وزارة الخارجية الأميركية، وقال بنجامين رودز، نائب رئيس مجلس الأمن القومي، إن الأميركيين اتصلوا بالسلطات السعودية عبر قنوات عدة عندما علموا بالمنع وأوضحوا أن من المهم أن يُعطى هذا المراسل مثل كل مراسل آخر حق متابعة رحلة الرئيس وسيظلون يتابعون الأمر مع السعوديين ليعرفوا سبب عدم منح هذا الصحافي تأشيرة، ويبدون «اعتراضهم الشديد» على هذا القرار. أقول لهم أن يعترضوا حتى يصابوا بإمساك معوي، فالموقف السعودي لن يتغير وملك المملكة العربية السعودية لن يقبل في بلاده ممثلاً لصحيفة إسرائيلية يمينية عنصرية متطرفة. إذا كان بنجامين رودز لا يعرف سبب منع مايكل ويلنر فهو إما أن يكون يكذب، وأرجو ألا يكون كذلك، أو هو جاهل وهذا أسوأ من الكذب فهو يقول إنه مسؤول عن أمن بلاده ولا يعرف أبسط مبادئ السياسة السعودية. سوء تقدير مجلس الأمن القومي رددته الميديا الأميركية وأنا أقرأ: - خمسة عشر إرهابياً من 19 كانوا سعوديين. وأقول إن هذا صحيح، ولكن بقية الكلام أن السعودية أول بلد في المنطقة كلها في مكافحة الإرهاب والفئة الضالة، ولها برامج حاول الأميركيون تقليدها. ثم إن إرهاب 11/9/2001 فاجأ الأميركيين قبل غيرهم. وربما زدت أن السياسة الأميركية في بلادنا، وصفتها الوحيدة تأييد إسرائيل، هي التي صنعت الإرهابيين. - حقوق المرأة والأقليات، ولا أنكر أن هذا مهم ويجب إصلاح الأوضاع، إلا أن أوباما لا يقول للسعودية ما تفعل في شأن داخلي كما لا يقول الملك عبدالله له أن يعطي المهاجرين غير الشرعيين جنسيات أميركية. وإنما جاء أوباما للبحث في إيران وسورية وعملية السلام. - السعوديون أيدوا المقاومة السنّية في العراق بالسلاح والمال بعد غزو العراق سنة 2003. وأذكّر الأميركيين بأن بلادهم غزت العراق بناء على أدلة زوِّرَت عمداً، وأن جورج بوش الابن ونائبه ديك تشيني وإدارته كلها يجب أن تمثل أمام محكمة الحرب الدولية في لاهاي. أما مقاومة الاحتلال فحق. - السعودية تريد من الولايات المتحدة أن تحارب دفاعاً عن المصالح القومية السعودية. وأيضاً: أميركا تدفع ثمن تأييدها السعودية. هذا كذب مطلق فالإدارة الأميركية، كل إدارة، لا تحارب إلا دفاعاً عن إسرائيل، دولة الاحتلال والقتل والتدمير. وأميركا تدفع ثمن تأييدها إسرائيل فقط لا غير. السعودية وقفت مع البحرين ضد الأطماع الفارسية والطابور الخامس داخل البحرين، وحاربت الإرهاب والتحريض عليه، وانتصرت لشعب مصر واعتبرت الإخوان المسلمين منظمة إرهابية فيما إدارة أوباما تساعدهم، ووقفت مع الشعب السوري عندما مسح باراك أوباما خطوطه الحمر بأصابعه أو بلسانه. لا خوف سعودياً إطلاقاً من إيران، وإنما هو ضيق بطموحات فارسية، والعرب والمسلمون جميعاً حول العالم يضمون غالبية من السنّة تزيد على 90 في المئة، فأقول لأميركا، وكل من يدّعي الصداقة ويفعل عكسها، ما نقول في لبنان: «خيّطوا بغير هالمسلّة».
مشاركة :