قال حمَلة بطاقات ائتمان إن المصارف التي يتعاملون معها رفعت الفوائد المترتبة على تلك البطاقات دون الرجوع إليهم، مخالفة بذلك العقود التي أبرموها. وفي وقت، قال فيه خبراء ماليون إن رفع فوائد البطاقات الائتمانية دون إخبار المتعامل من السلوكيات التي يمكن أن تضر بالسوق الائتمانية، لافتين إلى أن العقد شريعة المتعاقدين، وإن على المتعامل قراءة ما جاء في نصوص التعاقد مع البنوك. وحمّل خبير مالي البنوك جزءاً من المسؤولية، لافتاً إلى أن العديد من حاملي البطاقات الائتمانية يخدمون فوائد الدين دون أي سداد لـ«أصل الدين». رفع الفائدة وتفصيلاً، قال المتعامل مع بنك تجاري، علي الكعبي، إن البنك الذي يتعامل معه رفع معدل سعر الفائدة الشهرية على بطاقته الائتمانية، وحدّها الائتماني 30 ألف درهم، من 2.99% إلى نحو 4%، مؤكداً أن البنك لم يُحِطه علماً بهذا الإجراء، ولو برسالة نصية قصيرة، كما هو متعارف عليه في بنوك أخرى. من جانبه، قال المتعامل نزار جميل إن البنك الذي يتعامل معه رفع الفائدة والرسوم الإدارية على بطاقته الائتمانية مرات عدة من دون موافقة منه. وأضاف أنه استفسر حول ذلك، إلا أن الرد يكون بأن هناك بنداً في العقد ينص على تخويل البنك إمكانية رفع هذه الرسوم. بدورها، قالت المتعاملة مها الأمين إن البنك، الذي حصلت منه على بطاقتها الائتمانية، أرسل لها بريداً إلكترونياً يتعلق بقراره رفع الفائدة، وذلك قبل شهرين من دخول القرار حيز التنفيذ. إلى ذلك، قال متعامل مع مصرف إسلامي، طلب عدم ذكر اسمه، إن المصرف رفع الفائدة على بطاقته الائتمانية من 2.99% إلى 3.25%، دون إخباره بأي وسيلة من الوسائل، وعندما تقدم بشكوى، جاءه رد المصرف بأنه أرسل له بريداً إلكترونياً بذلك. وتابع: «ما حدث معي غير قانوني، ومخالف للعقد، ولذلك، قررت تقديم شكوى للمصرف المركزي، إلا أن المصرف الذي أتعامل معه سرعان ما تراجع عن موقفه، وتواصل معي عبر احتسابه الأشهر التي تم رفع الفائدة فيها بالنسبة القديمة الموجودة في العقد، وهي 2.99%». أعباء مالية إعلان مسبق كشف مصدر مصرفي لـ«الإمارات اليوم» أن البنوك غير معنية بإرسال كل التفاصيل إلى المتعاملين، لافتاً إلى أنه يتم إعلان أسعار الرسوم والفوائد مسبقاً. وأضاف المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن التحديثات التي تتم على هذه الرسوم أو الفوائد تعلن على مواقع البنوك والمصارف في الإمارات، كما يتم إرسالها إلى المتعامل، بصورة عامة. وشدّد على أن يكون حامل البطاقة الائتمانية حريصاً، وأن يتابع تطورات حسابه المصرفي، وأن يكيّفه مع ما يستجد من تحديثات على هذه الرسوم أو الفوائد من قبل المصارف. جميع البنوك تلتزم بالاشتراطات التي يضعها المصرف المركزي، في ما يتعلق بالبطاقات الائتمانية. إلى ذلك، قال الخبير المصرفي، أمجد نصر، إن رفع بعض البنوك فوائد البطاقات الائتمانية دون إخبار المتعامل، إن حدث ذلك بالفعل، من السلوكيات التي يمكن أن تضر بالسوق الائتمانية. وأكد أن لجوء البنك إلى هذه الإجراءات، اعتماداً على بنود تعاقدية تخوّله رفع سعر الفائدة، سيزيد الأعباء المالية على المتعامل، ويؤسس لشريحة جديدة من المتعثرين من حمَلة البطاقات الائتمانية. قراءة العقد من جهته، رأى الرئيس التنفيذي العضو المنتدب لمجموعة شركات «موارد» للتمويل، محمد مصبح النعيمي، أن الأمر يعتمد على العقد الموقع بين البنك والمتعامل، مشيراً إلى أن معظم المتعاملين لا يكلفون أنفسهم الاطلاع على الشروط الواردة في طلبات إصدار البطاقة الائتمانية، في وقت ينبغي عليهم قراءة هذه التفاصيل. ودعا النعيمي، المتعامل عند مراجعته البنك لإصدار أي بطاقة، أو حتى فتح حساب مصرفي، أن يتأنى في قراءة كل ما جاء بطلبات البنك التي تتطلب توقيعه عليها، لافتاً إلى أن المتعامل يسارع الى وضع توقيعه دون أن يقرأ كل ما جاء فيها من شروط، والتي يمكن أن تتضمن بنداً متعلقاً برفع فوائد البطاقات الائتمانية دون الرجوع اليه. وأَضاف: «اعتماداً على ما سبق، فإن من حق البنوك صاحبة البطاقات الائتمانية أن ترفع الرسوم أو الفائدة على البطاقات الصادرة من طرفها دون الرجوع إلى المتعامل». وأوضح النعيمي أن البنك لا يتخذ قراره عنوة ضد المتعامل، إلا أن هناك عقداً بينهما، والعقد شريعة المتعاقدين، واللائمة هنا تقع على المتعامل وليس البنك، مبيناً أن البنك عندما أصدر البطاقة الائتمانية للمتعامل ومنحه إياها، كان وفق عقد موقع بينهما، وله شروطه التي تلزم الطرفين بكل ما جاء فيها. وتابع: «توقيع المتعامل بالموافقة على ما تضمنته الشروط، يعني أنه موافق على كل ما جاء فيها، وهنا ليس من حق المتعامل أن يشكو البنك، وكل ما يستطيع فعله هو إلغاء البطاقة، في حال لم يرضَ عن رفع الرسوم أو الفائدة»، مؤكداً أن هذه الشروط معمول بها في جميع المصارف بالعالم. ونبه النعيمي إلى أن رفع البنك لفوائد البطاقات الائتمانية دون الرجوع إلى المتعامل، يضر بسوق البطاقات الائتمانية، إذ يكبل حاملي هذه البطاقات بأعباء إضافية غير متوقعة أو محسوبة من قبلهم، ما يجعل احتمالية التعثر أكبر، مشيراً إلى أن هذه الأعباء غير المتوقعة تحوّل حمَلة البطاقات من متعاملين منتظمين إلى متعاملين متعثرين. مسؤولية البنوك بدوره، قال الخبير الاقتصادي والمدير العام لشركة «تروث» للاستشارات الاقتصادية، رضا مسلم، إن البنوك لا يمكن أن تقوم بأي إجراء دون تحصين نفسها قانونياً، وإن حدث ذلك، فيقع اللوم على المتعامل لعدم قراءته بنود التعاقد بشكل دقيق. وتابع: «لكن هذا لا يعفي البنوك تماماً، فمن الممكن أن يكون هناك سلوك خاطئ من أقسام التسويق والمبيعات في البنوك، كأن يتم إعطاء نسخ من التعاقد للمتعاملين بغير لغتهم الأم، ما يصعب عليهم فهم جميع البنود المتعاقد عليها، ويوقعهم في جملة أخطاء من الممكن أن تؤثر في سداد الدفعات الائتمانية الشهرية بشكل جيد، ومن ثم تراكم الأقساط وعدم القدرة على السداد». وأكد أن الأمانة تقتضي أن يوضح البنك للمتعامل كل بنود التعاقد، وفيما إذا كان لدى البنك القدرة على تغيير سعر الفائدة من دون الرجوع إلى المتعامل أم لا. وطالب مسلم حامل البطاقة الائتمانية بالحرص في كل ما يتعلق بالبطاقة بصلة، لافتاً إلى أن العديد من حاملي البطاقات الائتمانية يخدمون فوائد الدين دون أي سداد لـ«أصل الدين»، نظراً لأن هناك مبدأً محاسبياً لدى البنوك يشير إلى أن سداد الفوائد له الأولوية قبل سداد الدين، ولهذا، فإن معظم ما يدفعه المتعامل شهرياً يذهب إلى سداد الفوائد، وما تبقى من القسط الشهري يحول إلى سداد أصل الدين. ثقافة ائتمانية مصرفياً، قال الرئيس التنفيذي للمصرف العربي للاستثمار والتجارة الخارجية (المصرف)، فيصل كلداري، إن جميع البنوك تلتزم بالاشتراطات التي يضعها المصرف المركزي في ما يتعلق بالبطاقات الائتمانية، مؤكداً أن أي مؤسسة مالية تعمل وبكل جهد للحفاظ على المتعاملين معها. وأضاف أن بعض المتعاملين لا يمتلكون ثقافة البطاقة الائتمانية، ما يوقع البعض منهم في مشكلات مع البنوك التي يتعاملون معها. عرض وطلب بدورها، قالت المدير العام للجودة التشغيلية والعمليات في مصرف الإمارات الإسلامي، عواطف الهرمودي، إن بطاقات الائتمان تخضع لعوامل العرض والطلب، فإذا ارتضى المتعامل شروط البطاقة قبلها، وإذا لم تلقَ اطمئناناً من جانبه رفضها. وأكدت أنه لا يجوز رفع الفوائد على البطاقات الائتمانية، إلا إذا كان المتعامل موقعاً على ذلك في التعاقد بينه وبين البنك، وفي هذه الحالة يكون الحق على المتعامل الذي لم يقرأ شروط التعاقد، فضلاً عن أن كل ذلك يخضع للقوانين المنظمة للمعاملات بالبطاقات الائتمانية، التي تصدر من المصرف المركزي. ولفتت إلى أن البنوك التجارية تختلف عن نظيرتها الإسلامية، من ناحية أن المصارف الإسلامية لديها رقابة من داخلها عبر الهيئات الشرعية، التي لا يمكن أن ترفع الرسوم على هذه البطاقات، فضلاً عن أنها تخضع لقوانين المصرف المركزي.
مشاركة :