غرفة أخبار البيت الأبيض تنتظر تغييرات جذرية في عهد ترامب

  • 1/2/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

لم تأت سخرية الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب اللاذعة من تغطية الشبكات الإخبارية الأميركية للأزمة الدبلوماسية مع روسيا من فراغ، بل إنها تعكس موقفًا عدائيًا متبادلاً بين الرئيس المحسوب على تيار اليمين والمحطات الإخبارية التي يعتبرها ترامب ليبرالية. ففي تغريدة له الخميس، على حسابه الخاص في موقع «تويتر»، اعتبر ترامب أن الروس ورطوا شبكتي «سي إن إن» و«إن بي سي» الأميركيتين دون أن تدركا ذلك. ولم يوضح ترامب طبيعة الورطة على وجه التحديد، غير أنه أشاد بمحطة «فوكس نيوز» اليمينية المنافسة، قائلاً إنها فهمت ما يجري أفضل من غيرها. ويبدو أن الشكوك التي يحملها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب تجاه وسائل الإعلام التقليدية وقنوات التلفزة الكبرى التي أيدت منافسته المهزومة هيلاري كلينتون، قد أدت إلى تزايد اعتماده على العناوين المقتضبة لإيصال رسائله عبر وسائل الإعلام الجديد، وعلى وجه الخصوص عبر صفحته الشخصية على موقع «تويتر». ولم يختلف الأمر كثيرًا في فترة ما بعد فوزه في الانتخابات عن فترة ما بعد الفوز، الأمر الذي جعل المراقبون يتوقعون من ترامب أن يستمر في مواصلة التغريد بعد تسلمه مهام الرئاسة رسميًا في العشرين من يناير (كانون الثاني) المقبل، وبالتالي فإنه سيتميز بالأسلوب الإعلامي غير التقليدي عن جميع من سبقه من رؤساء الولايات المتحدة. وفي هذا السياق، يؤكد شون سبيسر، المسؤول الإعلامي للحزب الجمهوري، أن العمل في المكتب الإعلامي التابع للبيت الأبيض لن يكون تقليديًا في عهد ترامب. فقد نقلت وسائل إعلام أميركية عنه القول إن على أعضاء السلك الصحافي الذي يغطي أخبار البيت الأبيض أن يتوقعوا تغييرات جذرية في أسلوب العمل والتعامل مع إدارة ترامب. ولهذا السبب يخشى المراسلون الصحافيون المعتمدون في البيت الأبيض من غياب الشفافية في عهد ترامب، بما يعيق دور الصحافة الرقابي على عمل الإدارة. لكن مستشاري ترامب يجادلون بأن الأسلوب التقليدي الذي ظل البيت الأبيض يعتمد عليه في تغطية أخباره قد عفا عليه الزمن. ولا يعرف حتى الآن طبيعة التغييرات التي يعتزم ترامب إدخالها على عمل المكتب الإعلامي التابع للبيت الأبيض، غير أن كل التوقعات تشير إلى أنها ستشمل كل شيء باستثناء المؤتمر الصحافي اليومي الذي تلقى الصحافيون تطمينات بأنه سيستمر، ولكن بشكل مختلف عن المعتاد. وحسب تسريبات صادرة عن فريق ترامب الانتقالي، فسوف يتم إدخال عناصر جديدة (لم يتم الإفصاح عن طبيعتها)، سوف تضفي شيئًا من التشويق، وتقضي على الملل الذي يعتري متابعي الإيجاز الصحافي اليومي. وقال مسؤول الاتصالات في الحزب الجمهوري، في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز»، مساء الخميس، إن الأسلوب الجديد للبيت الأبيض في التعامل مع وسائل الإعلام سيكون مبتكرًا، في الشكل والمضمون. وقد أثار كل هذا القلق بين الصحافيين الذين يقولون إن تغييرات صغيرة يمكن أن تقود إلى تغييرات كبيرة تحد من قدرتهم في الحصول على المعلومات. وقال سكوت ويلسون، المحرر في «واشنطن بوست»، الذي عمل مراسلاً في البيت الأبيض خلال رئاسة أوباما: «هناك أهمية قصوى لبقاء الأسلوب الرسمي التقليدي في إيصال المعلومات، والتعبير عن مواقف الإدارة بصورة يمكن تحميلها المسؤولية. وأعرب صحافيون آخرون عن مخاوفهم من أن يؤدي موقف ترامب السلبي من وسائل الإعلام التقليدية إلى حرمان هذه الوسائل من الميزات التي كانت تتمتع بها في ظل الإدارات السابقة. وضربوا مثالاً على هذا المخاوف بالإشارة إلى أن ترامب قرر منع الصحافيين من السفر معه على متن طائرته، بما في ذلك رحلته إلى البيت الأبيض لعقد أول لقاء له مع الرئيس أوباما. وفي مناسبات أخرى، اعتاد ترامب على التنقل مع أسرته دون أن يخبر الصحافيين عن وجهته، مما حرمهم من التغطية، وأجبرهم على الهرولة للحصول على معلومات من مصادر أخرى بعد فوات الأوان. ومن اللافت أن ترامب لم يعقد مؤتمرًا صحافيًا واحدًا منذ أواخر يوليو (تموز) الماضي، وفضل بدلاً من ذلك اللجوء إلى التغريد المنفرد، حيث يواصل إثارة الصخب والجدل عبر صفحته الشخصية على «تويتر»، وكادت إحدى التغريدات غير المدروسة أن تحدث أزمة دبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة، إثر توجيه ترامب اتهامًا للصين بـ«سرقة» غواصة أبحاث تابعة للبحرية الأميركية خلال وجودها في المياه الدولية. وردًا على ذلك، أشارت الصحيفة الرسمية للحكومة الصينية، في نشرتها باللغة الإنجليزية، إلى أن «انعدام خبرة ترامب الدبلوماسية قد تقود إلى صدام بين الدولتين»، مشيرة إلى أن «هناك قنوات رسمية لحل أي إشكاليات، وليس عبر (تويتر)». ويعزى اعتماد ترامب على «تويتر» إلى ارتيابه الذي لا يخفيه من عداء وسائل الإعلام الأميركية والعالمية له منذ ما قبل فوزه في الانتخابات الرئاسية، موجهًا في ذلك أصابع الاتهام لوسائل الإعلام بالتحريض ضده، وهو تحريض خدمه عمليًا أكثر مما أضر به، إذ إن التعاطف معه بين الناخبين ظل يتصاعد طرديًا كلما اشتد الهجوم عليه من جانب الإعلام. وينظر الرئيس المنتخب إلى وسائل الإعلام على أنها «فاسدة ومثيرة للاشمئزاز». وكثيرًا ما قال ترامب عبر «تويتر» إن وسائل الإعلام لا تتابع تطورات حملته بشكل «نزيه»، معتبرًا أن الوضع لو لم يكن على هذا النحو، فإنه كان بمقدوره هزيمة هيلاري كلينتون بفارق 20 في المائة. واتهم ترامب وسائل الإعلام الأميركية بالانحياز لكلينتون في أثناء تغطية الانتخابات الرئاسية، قائلاً: «إن وسائل الإعلام لا تغطي تجمعاتي الانتخابية بشكل صحيح، ولا تتكلم أبدًا عن الرسالة الحقيقية، ولا تصور حجم الحشود المؤيدة لي وحماسة الناخبين معي}. وكتب في تغريدة أخرى: «ليس الكذب والإخفاء من حرية الصحافة»، وكثيرًا ما هاجم ترامب بصورة خاصة محطة «سي إن إن» وصحيفة «نيويورك تايمز»، منتقدًا لجوئهما لنشر استطلاعات رأي كاذبة عن تقدم منافسته عليه. وكتب ترامب على «تويتر»: إن الصحف الأميركية «تذكر مصادر غير محددة الهوية، وتتحدث عن اجتماعات لم تعقد على الإطلاق. وكتبت صحيفة «وول ستريت جورنال» ذات مرة أن «ترامب على حق حين يقول إن معظم وسائل الإعلام تريد له الهزيمة»، لكنها تابعت: إن ما لم يقله ترامب إنه سهّل كثيرًا على وسائل الإعلام وخصومه مهاجمته بسبب التصريحات المتهورة التي يدلي بها بانتظام». ومن بين الصحف المائة الأوسع انتشارًا، لم يحظ ترامب سوى بتأييد اثنتين، بينما أيدت 98 صحيفة كلينتون.

مشاركة :