ضريح فاطمة خاتون.. تحفة فنية يضربها النسيان

  • 1/2/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

الضريح يكتنفه حنيتان كان على جانبي كل منهما عمودان يحملان عقداً ذا زاوية، ويعلوه عرق خشبي فوق عقد عائق من الآجر. •مثلثات غريبة ويصف الضريح أيمن رمضان، الخبير الأثري بمنطقة السلطان حسن، أنه في وسط كل ضلع من أضلاع الضريح توجد نافذة كبيرة، مكونة من فتحتين مستطيلتين يعلوهما عقد على شكل حدوة الفرس، وفوق الفتحتين، فتحة مستديرة، وجميع هذه الفتحات الثلاث محصورة داخل إطار معقود حدد بزخارف قالبية، وهذه الطريقة في زخرفة النوافذ تعتبر الأولى من نوعها في العمارة المصرية. وفي أركان الضريح من الداخل توجد أربعة مثلثات غريبة الشكل، يمكن وصفها بأنها تحتوي على ثلاثة صفوف من الدلايات يحيط بها مقرنص كبير، وتحمل هذه المثلثات ضلعاً من أضلاع مثمن رقبة القبة، ويحتوي كل منهما على نافذة يعلوها عقد ذو زاوية فوق فتحة مستديرة. وعن المئذنة الموجودة بالضريح يقول رمضان: إن بدنها يأخذ شكل المربع تقريباً مزخرف نهايته بزخارف بيضية الشكل، وفي الجزء العلوي من المئذنة يوجد في ضلع فتحة على جانبيها عمودان مندمجان وقاعدتها على شكل زهرة اللوتس يحيط بها إطار معقود، ويغطي الطابق الثاني من المئذنة قبة ضحلة من الآجر ترتكز على مثلثات مقعرة كروية، وقد شق الجانب الجنوبي الغربي من القبة فتحة مستطيلة، ومن المرجح أنها كانت تستعمل للوصول إلى الطابق الذي يعلو الطابق الثاني من المئذنة، والذي اندثر الآن. •حصن الأكراد أما عن التاريخ المرتبط بهذا الأثر، فيقول د. أبو العربي صبري، أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة: تولى السلطان الملك المنصور قلاوون سلطنة مصر سنة 678 هـ، وكان أول ما فعله بعد توليه السلطنة وضع نصب عينيه القضاء على التتار الذين كانوا احتلوا أجزاء من بلاد الشام، ولذا أرسل إلى الأمير سيف الدين بلبان الطباخي، نائب حصن الأكراد يحذره من غزو الفرنج لمنطقة المرقب بالشام، حتى يساعدوا التتار في احتلالهم عند وصولهم إلى حلب، فقام الأمير سيف الدين بجمع الجنود والأسلحة والاستعداد لمنازلة الفرنج، إلا أنه انهزم واستشهد من المسلمين مائتي جندي، وعندما علم السلطان بذلك قام بإعداد جنوده وبدأ يتحرك للسفر نحو الشام، فجمع أعيانه بقلعة الجبل، ليرتب أمور مصر قبل سفره، وجعل ابنه علاء الدين عليا، ولي عهده ولقبه بـ "الملك الصالح"، كما قام بتكليف الأمير علم الدين سنجر الشجاعي، باستخراج الأمور وتدبير أمور المملكة، وجعله في خدمة ابنه الملك الصالح مع الوزير برهان الدين السنجاري. ويشير إلى أن السلطان الملك المنصور قلاوون تزوج سنة 680 هـ بـ خوند أشلون ابنة الأمير سكناي بن قراجين بن جنغان نوين، الذي قدم إلى مصر في عهد السلطان الظاهر بيبرس وعاش في كنفه موفور الكرامة، ومتمتعاً بكل ما ينعم به أمراء المماليك من حياة الترف والبذخ، والسيدة خوند أشلون هي أم الملك الناصر محمد، فيما بعد، وكانت ذات جمال وبهاء ملكت قلب وعقل السلطان "المنصور"، حتى أنه احتفل بهذا الزواج احتفالاً باهراً فاق الاحتفال بزواجه السابق. وحدث أثناء الحفل – والكلام على لسان أبو العربي – أن رأى "علي" أو "الملك الصالح" إحدى المدعوات فأعجب بجمالها كثيراً، وكانت هذه السيدة زوجة للأمير "كتباني المنصوري"، الأمر الذي أصاب الملك الصالح بالغم والحزن لعدم استطاعته الزواج بها، فلما عرف السلطان بذلك سعى لدى الأمير "كتبنا" لطلاق زوجته، فلما نجحت المساعي تزوجها الملك الصالح في العام نفسه. ويقول د. أبو العربي: إنه في سنة 687 هـ مرض "الملك الصالح" مرضاً شديداً أدى إلى وفاته، وحزن السلطان المنصور قلاوون عليه حزناً شديداً، وفي مدة مرض "الملك الصالح" جاء السلطان بالمال وأكثر من الصدقات، واستدعى الصالحين ليدعو له، وقد روي أن السلطان بعث إلى الشيخ محمد المرجاني أحد أولياء الله الصالحين في عهده يدعوه فرفص الشيخ، فأرسل له السلطان خمسة آلاف درهم، ليعمل بها حفلة للذكر وقراءة القرآن للفقراء، ليدعو الله تعالى أن يشفي ابنه، فقال الشيخ لمبعوث السلطان: سلم على السلطان وقل له متى رأيت فقيراً يطلب أحداً من الله فإن فرغ أجله فوالله ما ينفعه أحد، وإن كانت فيه بقية فهو يعيش. وبعد وفاة الملك الصالح حمل جثمانه ودفن بضريح أمه "ضريح فاطمة خاتون"، والذي أنشأه أبوه الملك المنصور قلاوون، وسماه باسم أم "الملك الصالح" سنة 682 هـ، وقد توفيت فاطمة خاتون أم الملك الصالح في سنة 683 هـ، ودفنت في هذا الضريح وتصدق زوجها السلطان وابنه على قبرها بمال كثير.

مشاركة :