اتخذت الانتخابات البلدية في تركيا منحى آخر أمس، إذ طعن «حزب الشعب الجمهوري» المعارض بنتيجة الاقتراع في مدينتَي أنقرة وإسطنبول اللتين فاز بهما حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، كما فرّقت الشرطة بالقوة آلافاً من أنصار الحزب احتجوا على «تزوير» في الانتخابات. تزامن ذلك مع تحذير رئيس الحزب كمال كيليجدار أوغلو من بدء حملة لـ «صيد ساحرات» في البلاد، بعدما وصف رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان إثر فوزه خصومَه بأنهم «خونة» و «إرهابيون»، وإشارته إلى جماعة الداعية فتح الله غولن: «لن تكون هناك دولة داخل الدولة... حان الوقت للقضاء عليهم. سندخل عرينهم وسيدفعون الثمن». وأفادت أرقام غير رسمية بنيل الحزب الحاكم نحو 44 في المئة من الأصوات، في مقابل نحو 28 في المئة لـ «حزب الشعب الجمهوري». وأعلنت الهيئة العليا للانتخابات أنها ستعلن النتائج الرسمية بعد البتّ بكل الشكاوى من مخالفات. وقد يستغرق الأمر أسابيع، إذ أوردت صحيفة «حرييت» أن الحزب المعارض قدّم 8 آلاف شكوى في أنقرة وحدها، أي اكثر بأربع مرات من الشكاوى التي قُدِّمت على صعيد وطني في الانتخابات البلدية عام 2009. واعتُبرت الانتخابات التي نُظمت الأحد الماضي استفتاءً على حكم أردوغان، بعد فضيحة فساد كبرى طاولته ومقرّبين منه. لكن أرقاماً غير رسمية أفادت بإعادة انتخاب مرشح الحزب الحاكم مليح غوكشك في أنقرة، متقدماً على مرشح «حزب الشعب الجمهوري» منصور ياواش بنقطة واحدة فقط. وفي إسطنبول، أُعيد انتخاب رئيس البلدية المنتهية ولايته من الحزب الحاكم قدير توباس، بنيله 48 في المئة من الأصوات، في مقابل 40 في المئة لمنافسه مصطفى ساري غول، مرشح «حزب الشعب الجمهوري»، الذي طالب بـ «إعادة فرز كل الأصوات». واستخدمت الشرطة خراطيم مياه لتفريق آلاف من أنصار الحزب كانوا متجمّعين أمام الهيئة العليا للانتخابات في أنقرة، احتجاجاً على «تزوير» الاقتراع في العاصمة. وهتف الحشد «طيب لص»، و «الهيئة العليا للانتخابات، الشعب معك». وكان الحزب قدّم شكوى لدى الهيئة، ضد «مخالفات» في الاقتراع، مطالباً بإعادة فرز الأصوات، فيما أعلن ياواش أن الحزب سيرفع شكوى لدى المحكمة الدستورية إذا تطلب الأمر، متهماً الهيئة بتعمّد الخطأ في جمع أصوات لمصلحته، في غياب مراقبين من حزبه تراخوا في حضور جلسات الجمع والفرز. ويبحث متطوعون في المقر العام لـ «حزب الشعب الجمهوري»، عن أدلة على حدوث تزوير، فيما أوردت وسائل إعلام صور أوراق انتخابية ممزقة في سلال مهملات، صُوِّت عليها لمصلحة المعارضة، في 6 مدارس استُخدِمت مراكز اقتراع في منطقة يهيمن عليها «حزب الحركة القومية» المعارض جنوب البلاد، وفاز فيها الحزب الحاكم. ودعا رئيس الهيئة العليا للانتخابات سعدي قوفن الناخبين والأحزاب السياسية إلى الهدوء، قائلاً: «إذا حدثت أخطاء، ستُصحّح». وكان وزير الطاقة تانر يلدز نفى أي علاقة بين انقطاع التيار الكهربائي وحدوث تزوير محتمل، مبرّراً الأمر بـ «دخول هرّ أحد المحوّلات». وأضاف: «لا أمزح، وهذه ليست المرة الأولى التي يحصل فيها ذلك. على الخاسرين ألا يتذرعوا بالكهرباء لتبرير هزيمتهم». وعلى رغم طعنه في نتيجة الاقتراع في أنقرة وإسطنبول، شدد «حزب الشعب الجمهوري» اليساري على نجاح تجربته في التقرّب من اليمين، من خلال ترشيحه قوميين ومنشقين عن حزب «العدالة والتنمية»، ما زاد من أصواته في مدنٍ. لكن انتقادات من داخل الحزب اتهمت كوادر بالامتناع عن التعاون مع المرشحين الجدد والتراخي في الحملة الانتخابية ومراقبة الفرز في إسطنبول وأنقرة، ما سهّل «تزوير» الاقتراع لمصلحة الحزب الحاكم. واعتبر كيليجدار أوغلو نتيجة الانتخابات مجرد «بداية»، منتقداً خطاب النصر «العدائي» الذي ألقاه أردوغان، واتهمه بـ «تهديد الديموقراطية والقانون والفئات الاجتماعية»، متسائلاً: «هل نتجّه إلى صيد ساحرات؟ وماذا حدث لسيادة القانون؟». تركياأردوغان
مشاركة :