ينتقد فقهاء الميليشيات ابن تيمية وابن القيم، على أنهما حنابلة متشددون، ونحن معهم في النظر لهذا التشدد، لكنهم يمتثلون للفقه نفسه مصوغاً بقلم الخميني، وقد طابقنا بين أحكام الخميني وشروط ابن قيم فوجدناها واحدة. إذا لم تكن فيها زيادة. نحن أمام مشكلة أن الأحزاب الدينية الحاكمة وأذرعها المسلحة تمتثل لذلك الفقه. نعم شرع فقهاء إمامية غير سياسيين كابن إدريس الحلي (ت 598هـ) مثلاً: «مَن أتلف خمراً أو خنزيراً لذمي في بيته أو في بيعته، فالضمان عليه» (إجماعات فقهاء الإمامية)، وذالك زمن سابق، فكيف يسفك دمه في هذا الزمن مع ادعاء الديموقراطية؟ أقول: هل هناك رذيلة أكبر من سفك الدم، ورعب الآمنين بالخطف؟! حسب فقه الخميني: يُضطر المواطنون المسيحيون إلى أضيق الطرق، ويكره تبادل التحية معهم وبالتالي لا يُهنَّؤون بأعيادهم، والإشارة إليهم بالأجانب، فأي جحيم يعيشه الذين تقاسموا تأسيس وإعمار البلاد مع غيرهم منذ القِدم؟ تصوروا أن أساتذة كأنستاس الكرملي (ت 1947)، وكوركيس عواد (ت 1992)، ومير بصري (ت 2006) يضطرهم أصدقاؤهم وتلامذتهم من المسلمين إلى أضيق الطريق، ولا يبدؤونهم بالسلام؟! أي خِلة في الضمير هذه؟! نحسب أن رفع صورة الخميني بالأماكن العامة العراقية، وعلى سيارات الميليشيات، إقراراً بتلك الثقافة، التي تُسفك دماء غير المسلمين ويختطفون وفقها. إن السكوت على الاستمرار باعتبار الخميني إماماً مرشداً عند الأحزاب الدينية والجماعات المسلحة، لا يسمح بتسوية (تاريخية)، ولا بناء دولة مواطنة، مثلما يدعون، فلسان المقهور يقول: «بك استعتبتُ أيامي قديماً/ كما فزع الغريم إلى الكفيلِ/ فإما أن تُعين على مقامٍ/ وإمَّا أن تُعين على رحيلٍ» (للمُنيْحي/ يتيمة الدهر)، والرحيل إلى أين، وكيف! والجذور ضاربة في أعماق هذه الأرض! رشيد الخيّون r_alkhayoun@hotmail.com
مشاركة :