أصدرت محكمة الأحوال الشخصيَّة بجدَّة -مؤخَّرًا- حكمًا بضمِّ حضانة فتاة عشرينيَّة لأمِّها، بدلاً من والدها، بعد ثبوت توبيخ وضرب الأب لها، ومعاملتها معاملة «سيئة»، وتعمُّده التفريق بينها وبين بقيَّة أخواتها من أبيها، وإهانتها أمام أبناء عمومتها الموجودين في منزل والدها. وتعود تفاصيل القضيَّة -بحسب مصادر المدينة- بالتَّزامن مع الشكوى التي قدَّمتها طليقة مواطن، تضمَّنت أن ابنتها تتعرَّض لسوء معاملة من والدها، الذي يقوم بضربها، وتوبيخها بدون مبرر منطقيّ، ويفرِّق بينها في المعاملة، مقارنة بأخواتها من زوجته الثانية، حيث قرَّر ناظر القضيَّة إحالة ملف القضيَّة للجنة الصلح، والتي استمعت للفتاة المتضرِّرة، التي طلبت أن تكمل حياتها مع والدتها، خاصَّةً وأنَّها إنسانة بالغة، عاقلة، وتستطيع تسيير أمورها بنفسها، فيما أصرَّ الوالدان على أن يحرم كل منهما سكن ابنته لديه، رافضين جميع مبادرات الصلح. وعلى إثر ذلك قام أعضاء لجنة الصلح بإعادة ملف القضيَّة لناظر القضيَّة متضمِّنًا أن الفتاة لم يعاملها والدها بالرفق واللين. وكانت القضيَّة قد تواصلت عدَّة جلسات، تضمَّنت تأكيد والدة الفتاة بأنَّ لديها سكنًا مستقلاً في دور متكامل، ولديها عددٌ من الأطفال من ثمرة زواجها قبل طلاقها، ويسكن في الدور الثاني شقيقها، وهو خال الفتاة، بالإضافة لسكن عددٍ من أقاربنا الذين يُعدُّون محرمًا شرعيًّا لابنتي بجوارنا، فيما اتَّضح أيضًا أنَّ ردود والدها تؤكِّد أن سكن ابنته في بيت غير مستقل، حيث تسكن معه، ومع جدَّتها، بالإضافة لوجود أبناء عمومتها، وهم لا يُعدُّون محرمًا لها؛ ممَّا استلزم من ناظر القضيَّة بعد تأكُّده من صلاح الأم وابنتها، وتحديد مواعيد للزيارة، ولما ثبت بأنَّ الحضانة لا تثبت على الإنسانة البالغة الرشيدة؛ لأنَّها قادرة على إصلاح أمورها بنفسها صدر الحكم بأنْ يكون وجود الفتاة لدى والدتها؛ لأنه أستر وأصون لها من الوجود في منزل والدها الذي يسكن فيه أبناء عمومتها. وفي تعليقه على القضيَّة قال المحامي سعد بن عابد الشريف: إن بعض العلاقات الزوجيَّة التي تنتهي بالطلاق تلقي بأضرارها الاجتماعيَّة على الأبناء والبنات لأنَّهم الحلقة الأضعف في عمليَّة الطلاق بين الأزواج حيث يقعون تحت تأثير التجاذب بين الزوج والزوجة، مشيرًا إلى أن القضاء عند نظره في مثل هذه القضايا حريص على مصلحة الجميع، وأولهم هؤلاء الأبناء والبنات، من خلال البحث عن الأصلح في حضانة الأبناء، وتبقى المحكمة صاحبة الكلمة الفصل في اتِّخاذ القرار، وما تراه ضمانًا لمصلحة هؤلاء الأبناء، وفي حال وجود أكثر من طفل، أو ابن فيفضل الجمع بينهم في جهة واحدة، كي لا ينشأوا بعيدين بعضهم عن بعض، مع مراعاة وضع كل عائلة. فهناك احتياجات ومتطلبات متباينة، ورغبات ينبغي الحفاظ عليها من الآثار المترتبة على الطلاق، وتأثيرها على الأبناء، والذين يُعدُّون في مثل هذه القضايا مستقلِّين عندما تصل أعمارهم (18 عامًا)، حيث يخيَّرون بين الأم والأب، باستثناء بعض الحالات مثلاً زواج الأم من شخص آخر، فبإمكان زوجها الأول المطالبة بالأولاد، أو أن الأب يشتكي بأن الأم غير قائمة بواجباتها تجاه الأولاد، وفي حالة وفاة الأم فتذهب الحضانة للجدِّ والجدَّة من جهة الأم، إذا وافق الزوج على ذلك.
مشاركة :