مع الريش المتناثر - قاسم الرويس

  • 4/2/2014
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

امتداداً لحديث الأسبوع الماضي عن فكرة التأليف الأبرز في معرض الرياض الأخير للكتاب التي تركزت على جمع التغريدات التويترية بين دفتي كتاب صغير الحجم خفيف الوزن تعلو غلافه العصافير الزرقاء والتي استطعت إحصاء العشرات منها مع صعوبة حصرها بسبب كثرتها، وفي حين اتفق جامعو التغريدات في الفكرة لكنهم اختلفوا في منهج التأليف فمنهم من انتخب ما يراه من تغريداته ووضعها في كتابه، ومنهم من جمع تغريداته المختصة بموضوع محدد، ومنهم من جمع تغريداته وتغريدات غيره في موضوع معين، ومنهم من خلط القمح بالشعير ولم يميّز الناقة من البعير. وفي حين بادرت دور النشر بإعلاناتها عن إصداراتها الجديدة من الكتب المبنية على التغريدات التويترية قبل المعرض فلم يكن عجباً مشاهدة العصافير الزرقاء ترفرف بأجنحتها الصغيرة في أروقة المعرض ورفوف دور النشر بل قد لا تتعجب حين تجد شيئاً من الريش المتناثر في ثنايا هذه الكتب التي التقى تحت ظل أشجارها المغمور والمشهور وتنوعت موضوعاتها من الرواية إلى القصة إلى الطرائف إلى الاستشارات والخطرات والأشعار والأسرار لدرجة أن تجد أن تصدر بعض دور النشر عدداً من هذه الكتب لمؤلف واحد دفعة واحدة. نحن هنا أمام عملية إعادة تدوير ونشر للتغريدة (Retweet) خارج العالم الافتراضي، فإذا علمنا أن كثيرا من التغريدات هو في الأصل إعادة تدوير ونشر لما في بطون الكتب ووسائل الإعلام التقليدية إلى داخل العالم الافتراضي نجد أنها عملية تدوير مستمرة تبادلية بين العالم الافتراضي والعالم الحقيقي، وبصفة عامة فإعادة تدوير الجميل عملية جميلة كما أن إعادة تدوير القبيح عملية قبيحة، ولكن الأجمل هو صناعة الجمال وليس تدويره؛ هذا الجمال يمكن أن يكون في تغريدة من 140 حرفاً ولكنها بصفة عامة ولا عبرة بالاستثناءات حيّز ضيّق قد يتيح فرصة للتعبير والحوار والتواصل ولكنه يفتقد للأبعاد التي تسمح للفكر بالتجلّي والإحاطة والإبداع ولذا فكثير من التغريدات تأتي وليدة اللحظة وتفتقد للتركيز وفيها اختزال مشوّش للمعاني ولا تخلو من أخطاء إملائية ونحوية ولغوية وقد لاحظت عدم تلافي هذه الأخطاء في بعض الكتب التي تصفحتها وهذا أمر لا يعذر فيه أصحاب الكتب إذا أرادوا الاستمرار على هذا النهج السهل في التأليف اللطيف. ومع ذلك فإن بعض التغريدات يمكن أن تكون نواة لأفكار أو منطلقاً لمباحث أو فكرة لكتابة مقالة أو رؤوساً لأقلام في موضوعات مختلفة ، ولذا فمن وجهة نظري أن جمعها في كتب لن يضعها في ميزان الإنتاج الثقافي الثقيل بقدر ما يضعها ضمن كتب التسلية الخفيفة كما أشار بعض مؤلفي هذه الكتب إلى ذلك فسلمان العودة يرى أنها تحقق (الأنس) والمريسي نصّ على تحقيقها (الترفيه) وهذا لا يعني عدم وجود نماذج تافهة و(ثقيلة دم) من هذه الكتب الجديدة. وأخيراً لا بد أن نستعيد قول بديوي الوقداني رحمه الله: انفكّت السبحة وضاع الخرز ضاع بغيت ألمّه يا سليمان وأزريت صار الذهب قصدير والورد نعناع أنكرت ريحه مختلف يوم شمّيت

مشاركة :