مختصون: الأسواق النفطية باتجاه السيطرة «التدريجية» على فائض المعروض

  • 1/5/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

مالت أسعار النفط إلى الارتفاع أمس في الأسواق العالمية بسبب عدة عوامل ومؤثرات، أهمها انخفاض المخزونات الأمريكية إلى جانب توقف صعود الدولار مقابل العملات الرئيسية، فيما عزز الأسعار بشكل أكبر تزايد الثقة بجدية المنتجين نحو تطبيق اتفاق خفض إنتاج النفط الخام بنحو 1.8 مليون برميل يوميا وفق الاتفاق الذي تم التوصل إليه في فيينا نهاية العام الماضي بمشاركة 22 دولة نصفها من أعضاء "أوبك" والنصف الآخر من المنتجين المستقلين بقيادة روسيا. واعتبر المختصون أن حاجة المنتجين الماسة إلى رفع أسعار الطاقة هو الضامن الأكبر لتحقيق الالتزام بتطبيق خفض الإنتاج سعيا إلى تقليص المعروض العالمي والقضاء على التخمة وتضييق الفجوة بين العرض والطلب والوصول إلى سوق نفطية متوازنة بشكل مستدام. وفي هذا الإطار، قالت لـ "الاقتصادية"، مصادر في "أوبك"، "إن المنظمة تولي أهمية كبيرة لتحقيق الاستقرار في السوق وستسعى إلى دعم وتطوير التعاون مع الإدارة الأمريكية الجديدة فيما يعزز هذا الاستقرار النمو المنشود في سوق النفط الخام". وأشارت المصادر إلى أن الولايات المتحدة حاليا هي المنتج رقم واحد في مجال سوائل الطاقة بنحو 13.6 مليون برميل يوميا كما أنها ما زالت المستهلك رقم واحد بما يزيد قليلا على 20 مليون برميل يوميا إضافة إلى أنها المستورد الأول فيما يخص السوائل بمستوى نحو 9.6 مليون برميل يوميا إلى جانب أنها المصدر الثالث على مستوى العالم فيما يخص السوائل بنحو 4.6 مليون برميل يوميا. وأضافت المصادر أن "الحاجة إلى الاستقرار لها عديد من الانعكاسات الإيجابية على السوق منها نمو الاستثمارات وتوسيع القدرات الإنتاجية لضمان مستويات من المعروض النفطي تكون ملائمة وكافية إلى جانب تمكين المنتجين من الاستجابة بسرعة وبشكل مناسب في أوقات وقوع الأزمات الطارئة بما يعرقل الإمدادات ويؤدي إلى تقييد المعروض". وأوضحت المصادر أن الاستقرار أمر حيوى للمستثمرين والمنتجين لتحقيق عائد عادل من استغلال الموارد خاصة غير قابلة للتجديد كما أنه مهم للمستهلكين من أجل الحصول على إمدادات آمنة وموثوق بها إلى جانب أنه يمكن السوق من التفاعل بشكل جيد مع الأحداث غير المتوقعة في المستقبل. من جانبه، قال لـ "الاقتصادية"، سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، "إن "أوبك" استعادت بالفعل دورها الريادي والمؤثر في السوق مع بدء تطبيق اتفاق خفض الإنتاج في العام الجديد، حيث سيشهد هذا العام بروز دور أكبر للمنظمة في قيادة السوق نحو التعافي"، مشيرا إلى أن هذا الأمر جاء بعد زيادة قناعة المنتجين بضرورة التدخل في السوق وعدم ترك الأسواق دون أي ضوابط كما كانت عليه في الفترة السابقة. وأضاف شيميل أن "استمرار فائض المعروض في الأسواق بلغ مليوني برميل يوميا دون أي أمل في تقلصه تلقائيا بل على العكس، فقد كانت الأمور تتجه إلى تفاقم الوضع وزيادة فائض المعروض ومن هنا تم تعديل سياسات المنتجين بقيادة السعودية وروسيا للسيطرة على هذا الفائض، وتبلور ذلك بنجاح في اتفاق خفض الإنتاج نهاية العام الماضي بمشاركة 22 دولة لأول مرة منذ 15 عاما". وذكر شيميل أن تخفيض 1.8 مليون برميل يوميا من المعروض العالمي يعد خفضا مهما ومؤثرا وليس كما يحاول البعض أن يقلل من أهميته وتأثيره كما أنه قادر على السيطرة التدريجية على فائض المعروض العالمى وبالتالي بدأنا بالفعل نشهد في السوق قفزات سعرية إلى مستويات قياسية ربما تكون الأعلى في قرابة عامين". إلى ذلك، أوضح لـ "الاقتصادية"، سباستيان جرلاخ رئيس مجلس الأعمال الأوروبي، أن الحصة التي تحملتها السعودية في خفض الإنتاج هي الأكبر حيث تقدر بـ 486 ألف برميل يوميا وتمثل أقصى مستويات المرونة وتعد مثالا جيدا لبقية المنتجين. ويرى جرلاخ أن القلق في السوق حاليا ليس من التزام الدول داخل الاتفاقية بالخفض لأن هذا الأمر مفروغ منه بسبب قناعة المنتجين بضرورة تعزيز الأسعار، لكن القلق الآن متعلق بالدول المنتجة من خارج الاتفاقية التي تسعى إلى الاستفادة والتربح من خفض الإنتاج دون تحمل أي أعباء ومنها بالطبع النفط الصخري الأمريكي الذي كان من الصعب إدارجه في أي اتفاق بسبب الكساد والانكماش الذي عاناه في ضوء تراجع الأسعار. وأوضح لـ "الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير محللي شركة إيه كنترول لأبحاث النفط والغاز، أن التزام كافة المنتجين بالاتفاقية أمر ضروري وحيوي للسوق "وهناك بعض التجارب السابقة السلبية يجب ألا نلتفت إليها كثيرا ويجب ألا تؤثر في مستويات الثقة بالعمل المشترك بين المنتجين". وأضاف كروج أن "خرق منتج واحد للاتفاقية ينذر بعواقب وخيمة حيث يمكن أن ينهار الاتفاق وفي هذه الحالة ستعود كل الدول المنتجة إلى الإنتاج بأقصى طاقاتها ومن ثم تنهار الأسعار"، مشيرا إلى أن التحقق من الالتزام يقع عبؤه الأكبر على كاهل اللجنة الوزارية الخماسية المعنية بمراقبة تنفيذ الاتفاق التي تتولى رئاستها الكويت بالمشاركة مع روسيا. وقال كروج "إن العام الجديد سيشهد إحلال التعاون بدلا من التنافس بين المنتجين، وعلى المنتجين الصغار أن يحذوا حذو المنتجين الكبار الذين تحملوا العبء الأكبر في خفض الإنتاج ودشنوا لمرحلة جديدة قائمة على التعاون وإنهاء حرب الأسعار"، مشيرا إلى أنه على إيران بصفة خاصة الانخراط بشكل جيد في الاتفاق والتخلي عن طموحاتها السابقة في سعيها إلى القفز بمستويات الإنتاج فوق أربعة ملايين برميل واستعادة حصة في السوق قدرتها بـ 13 في المائة. من جهة أخرى، على صعيد الأسعار، فقد ارتفعت أسعار النفط أمس بدعم من توقعات بانخفاض مخزونات الخام الأمريكية وعلامات على أن منتجي النفط مستعدون للالتزام باتفاق خفض الإنتاج الذي دخل حيز التنفيذ هذا الأسبوع. وبحسب "رويترز"، فقد زاد خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة 49 سنتا إلى 55.96 دولار للبرميل، وبلغ عقد برنت مستوى جديدا هو الأعلى في 18 شهرا في الجلسة السابقة لكن قوة الدولار بددت معظم هذه المكاسب بعد ذلك. وجرى تداول خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة عند 52.82 دولار للبرميل بزيادة 49 سنتا عن سعر التسوية السابقة، وقال بيارنه شيلدروب كبير محللي السلع الأولية لدى "إس.إي.بي ماركتس" في أوسلو "إن ارتفاع الأسهم ومكاسب المعادن الصناعية إلى جانب التوقعات بأن مخزونات الخام الأمريكية ستشهد انخفاضا، عوامل أسهمت في دفع خام برنت إلى تحقيق مكاسب طفيفة". وتوقع محللون استُطلعت آراؤهم أن تظهر البيانات الأسبوعية لمخزونات النفط الأمريكية انخفاضا قدره 1.7 مليون برميل، فيما عززت الكويت العضو في "أوبك" التوقعات بأن يلتزم المنتجون بالاتفاق على تقليص تخمة المعروض من خلال خفض الإنتاج، بعدما قالت مؤسسة البترول الكويتية أمس "إنها ستخفض الإنتاج في الربع الأول". وفي إطار الاتفاق يتعين على الكويت خفض الإنتاج بواقع 131 ألف برميل يوميا، وفي علامة على تحسن السوق أيضا يتوقع بعض التجار أن ترفع السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم سعر البيع الرسمي لشحنات الخام إلى آسيا في شباط (فبراير).

مشاركة :