الفهم الصحيح للدين وترسيخ مفهوم الدولة الوطنية والعدالة أسس استتباب الأمن

  • 1/6/2017
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

عمر الأحمد (أبوظبي) أكد علماء ومسؤولون لـ«الاتحاد» أهمية استتباب الأمن في المنطقة من خلال عوامل مهمة، منها إصلاح التعليم وترسيخ مفهوم الدولة الوطنية، ودحض مكامن الشك والشبهات فيها. وأشاروا على هامش منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة الذي عُقد في أبوظبي، مؤخراً، إلى أهمية تحقيق العدالة الاجتماعية وإشاعة الرحمة بين الناس، وفهم العلم والنصوص الشرعية في ردع الشباب، وحماية المجتمع من الأفكار السامة، ما يؤدي إلى نشر الوعي والمشاركة المجتمعية في استتباب الأمن في المنطقة.وشدد سماحة السيد علي عبدالرحمن الهاشمي مستشار الشؤون الدينية والقضائية في وزارة شؤون الرئاسة، على الدور التعليمي، قائلاً «لا بد من إصلاح التعليم وجعل المدارس نسبة وافية من المعارف الإسلامية، وأولها معرفة الله عز وجل، الآن الكثير من الناس يصلي ويصوم، ولكن لا يعرف آلاء الله تبارك وتعالى وربما يَغفل عن مسألة العقيدة الإسلامية الصحيحة، وتأصيلها هو حجر الزاوية في نشر السلم للآخرين»، واستشهد بالآية الكريمة (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، وقال: «التقي هو الذي يتجنب الرذائل ويعمل الفضائل فلا بد من تعميق هذا المفهوم العقائدي». وشدد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري، على أهم عاملين في استتباب الأمن في المنطقة وهما: ترسيخ مفهوم الدولة الوطنية، وتعزيز الولاء والانتماء إليها والذي هو أحد محاور منتدى تعزيز السلم الذي عُقد في أبوظبي، وكان الهدف منه الاستفادة ومناقشة وتثقيف مفهوم «الدولة الوطنية». وأضاف أن العامل الثاني هو تعزيز السلم وتأصيل التعايش السلمي بين جميع المواطنين ثم القيام على نشر العدل ومحاربة الرِّشَى والمحسوبية والفساد والعمل على راحة الناس وتحقيق مصالحهم. أما عمار ميرغني وزير الإرشاد والأوقاف السوداني، فأكد أهمية معالجة المفاهيم ومحاولة اجتثاث المتطرفين والإرهابيين والذين يروجون الأفكار الهدامة من خلال التثقيف والتعليم، ودحض مكامن الشك والشبهات، ونشر ثقافة السلم وحُرمة القتل والدماء، وكذلك تفعيل القوانين والرد على المخالفين، وإشاعة روح الإخاء، وإعلام الناس أن التقتيل والتكفير ليس من الدين في شيء، وقال «نحن بحاجة إلى البحث في التراث الإسلامي ونستلهم منه ما ينظم حياة الناس ويحميهم من التطرف الإرهاب، لأن العلم كفيل بإحداث تغييرات في الحياة بصورة عامة والحكم على الشيء فرع من تصوره، وما لم نضع هذه الإشكاليات على طاولة النقاش لن نستطيع الوصول إلى الحلول». من جانبه، ذكر فضيلة الشيخ الدكتور رافع طه الرفاعي مفتي الديار العراقية، أن تصحيح الأفكار من أهم العوامل التي يجب مراعاتها وصونها،وقال: «كل الحروب التي نراها الآن نتيجة فكر منغلق ونتيجة أيديولوجيات مبنية على طائفية أو أفكار شمولية لا قيمة لها في ميزان الله عز وجل».من جانبه، أكد الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد كبير مفتين ومدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، أهمية تضافر الجهود لتثبيت وترسيخ الأمن من خلال عوامل أساسية، أهمها العدالة الاجتماعية والتي تُشعر الناس أنهم سواسية وتحقق العدل فيأخذ المظلوم حقه ويردع الظالم، وأضاف أن الرحمة بين الناس هي أيضاً من العوامل الأساسية، مما يمنع التناحر والتباغض، وقال: «معرفة الله عز وجل والدين هو أحد أهم عوامل استتباب الأمن. إن معرفة الله تولِّد المخافة، ومعرفة الدين تولِّد فهم الأحكام وبالتالي لا يتعدى المرء حدود الله، هذه أسس منهجية حقيقية لتثبيت الأمن وهو ما ضربت به الإمارات أروع الأمثلة، وبالتالي استتبَّ الأمن والأمان وانتعشت الحياة الاقتصادية والحضارية، وأصبحت مضرب المثل في الأمن المنشود لدى كل الناس».وأكد أن الأمن ركيزة أساسية في الإسلام، ويجعله أساساً من أسسه قائلاً: الأمن والإيمان متلازمان، ولذلك يمتنّ الله عز وجل به في معرض سياق آيات التوحيد والدلالة على وحدانيته سبحانه وتعالى في سورة قريش «الذي أطعمكم من جوعٍ وآمنكم من خوف»، الأمن مطلب إنساني كما هو مطلب ديني، فالإنسان إذا لم يأمن لن يستطيع العيش. عبدالفتاح عبدالقادر: الأمة تواجه أزمة فكرية ذكر الشيخ عبدالفتاح عبدالقادر جمعة إمام وخطيب في وزارة الأوقاف المصرية، أن استتباب الأمن في المنطقة يبدأ من العلم والفهم المستقيم للنصوص وإنزالها بما يتناسب مع الواقع، مشيراً إلى أن الأزمة التي تواجهها الأمة هي أزمة فكرية. وشدد على دور أهل الفكر والفهم المستقيم في توعية الشباب خصوصاً النشء الصغير لتصحيح المفاهيم والنصوص التي يتخذها أرباب الفكر المتطرف ذريعةً لإشاعة الفوضى، وحالة الاحتراب في المجتمعات المسلمة على الرغم من أن الإسلام دين رحمة، فكيف يكون سبب قلق للعالم، واستشهد بالآية الكريمة «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» وقال: «سبق في علم الله أن العالمين ليسوا كلهم مسلمين، والرسول عليه الصلاة والسلام أُرسل رحمة لهم فلا بد أن تهدأ جميع النفوس حتى المخالفون والذين ليسوا مسلمين لأن الله خلق الدنيا هكذا (ولا يزالون مختلفين).. يجب أن نثقف الناس بالقضايا التي يتذرع بها بعض معتنقي الفكر المتشدد، ونقول لهم قولة جريئة كيف يفهم النص في العصر الحديث». وقال: ليس كل المتطرفين يكونون كذلك عن عمد ولكن هناك قدر كبير من أتباع الحركات المتطرفة عندهم جهل، والذي لا يُزال إلا بالعلم والفهم المستقيم وأن يعيشوا الواقع. وأضاف أن سبب ذلك هو إسقاط النصوص ولَيَّها بما يتوافق مع أجندات تُنفذ في المنطقة، وقال «يراد لدولنا التفتيت والتمزيق وألا تزدهر ولا تتقدم، أما المسلمون الأوائل عندما سادوا، سادوا بالفهم الصحيح للدين وليس بالعنف، والجهاد كان في تلك المرحلة دفاعاً عن النفس، ولكن الآن نحن أصبحنا في ظل مواثيق دولية وعهود يجب أن تُحترم وأن نعلم طبيعة العالم الذي أصبح غرفة صغيرة، ولا بد أن نتعاطى مع ذلك، وإن لم نتعاطَ مع واقعنا سنتخلف أكثر».

مشاركة :