أياد ناعمة تصنع الذهب في الخليل لم تعد مهمّة صناعة الذهب ونقشه مقتصرة على الرجل، فقد دخلت شابات فلسطينيات هذا المجال واحترفن النقش وتصفية الذهب من الشوائب وتحضير الموديلات وتلميع قطع المصوغ، وذلك لجهة أن المرأة جديرة بهذه المهنة نتيجة حبها للمعدن النفيس إضافة إلى سعة خيالها في ابتكار ما يزيّنها. العرب [نُشرفي2017/01/06، العدد: 10504، ص(20)] حرفة تتطلب الدقة الخليل (فلسطين) - تمسك العشرينية ياسمين مطرية، بقلم النقش بكل خفة للحفر على المصوغ الذهبي داخل مصنع القواسمي للذهب. وانطلقت ياسمين في هذا العمل منذ عامين وباتت بحسب أحمد القواسمي، صاحب المصنع، أول فتاة فلسطينية تعمل في مجال نقش الذهب في فلسطين إلى جانب العشرات من الفتيات الأخريات اللاتي يعملن بأقسام مختلفة ضمن العديد من المهام، بدءا بتنقية المعادن وصهرها وتجهيز الموديلات وتركيبها، مرورا بتجميع القطع الذهبية وتحجيرها، وصولا إلى تلميعها تمهيدا لنقلها إلى السوق. وأكدت ياسمين لوكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”، أن هذه المهنة تتطلب ذهنا صافيا وتركيزا عاليا، بالإضافة إلى حب وإبداع وابتكار، مشيرة إلى أنها تنقلت بين النقش والتشبيك، والتفنيش، وأن كل مرحلة من هذه المراحل لها صعوبتها ودقتها المختلفة. وأوضحت أنها تستلم قطع الذهب ضمن وزن محدد وتسلمها إلى القسم الذي يليها بذات الوزن بعدما تضيف لها لمسات تنقشها بدقة فائقة، وعبّرت عن سعادتها بهذا العمل الذي تتميز فيه النساء العاملات بدقة العمل وجماله. وبدورها تعمل مها الفلاح (34 عاما) في ذات المصنع منذ سبع سنوات، ويكمن عملها في تحضير قوالب تشكيل المصوغات المطلوبة ووضعها في ماكينة ضخ الشمع لإنتاج شكل المجسمات بالشمع. وبيّنت الفلاح أن هذا العمل يتطلب مهارات فنية من حيث السرعة والإنجاز تكتسبها العاملات بعد فترة تدريب قصيرة حسب شغفهن بهذه المهنة، مؤكدة أن علاقة الصداقة بين العاملات والاحترام من قبل الإدارة والنظام المتبع، كلها عوامل من شأنها أن تعطي جوا متكاملا ومريحا في العمل. وتتمتع هنادي قطينة (37 عاما) بخبرة كبيرة في هذا الميدان دامت قرابة 16 عاما وتشرف على 30 عاملة يعملن على تنظيف القطع الذهبية والتحجير وتنظير وتركيب شجيرات من أشكال الخواتم الشمعية على شكل شجرة تمهيدا لصب قوالب مماثلة من الذهب من خلال ماكينة شفط. وتقول قطينة “عليك أن تحب هذه المهنة حتى تستمر بها لما تتطلبه من دقة وذوق وصبر”. المرأة لها لمستها الخاصة في المصنع ومن جانبها، تعمل الكيميائية صفاء العطاونة بقسم تنقية المعادن الثقيلة، مشيرة إلى أن أي سبيكة غير نقية يتم تفتيتها ووضعها في بوتقة في جهاز “بوراتو” بعد إضافة مواد كيمائية تعمل على تحويل الذهب إلى ماء الذهب، وبعد ذلك يوضع في خزان ترسيب بعد إضافة مواد كيمائية ليحول ماء الذهب إلى تراب ذهب نقي عيار 24 بالألف (9999). وتابعت، “يلي ذلك وضع تراب الذهب في بوتقة فرن يتحول إلى سائل ثم إلى “ربوس” رقائق وفتات صغيرة، وتنتج فضة نقية من عيار ألف وذهبا نقيا عيار ألف، ويسلم الذهب إلى الأقسام الأخرى بحسب المعيار المطلوب بعد فحصها بدقة قبل التشكيل”. وأضافت، “المرأة في هذا القسم مبدعة وتتمتع بمهارات الدقة والذكاء والنشاط والقوة البدنية المطلوبة في مرحلة سكب السبائك”. وفي هذا القسم تراقب أخصائية البيئة حنين الشريف عناصر البيئة من ماء وهواء وتعمل على تقييم بيئة المصنع لمعرفة مدى تأثيرها على المكان عموما. وقالت الشريف “تتم معالجة المياه الداخلة في التصنيع قبل التخلص منها، كما يعالج الهواء عن طريق أجهزة تنقية الهواء للمحافظة على بيئة العمل والعمال والبيئة الداخلية للمصنع باستخدام أدوات السلامة وأجهزة آمنة ومواد خام آمنة”. وأضافت “أن هناك لوحات إرشادية مع إنذارات للطوارئ، وأدراج خارجية وأدوات للوقاية والسلامة”. وأكد أحمد غازي القواسمي، صاحب المصنع، أن “وجود المرأة أصبح مهمّا في كل المجالات ومن شأنه خلق نوع جديد من الإبداع.. المرأة لها رؤية خاصة للمجوهرات، فهي جزء مكمّل لهذه الصناعة وهي عنصر جاد ولها لمستها الخاصة في المصنع”. وأشار إلى أن نسبة النساء العاملات في المصنع زادت عن النصف وأن المرأة تعمل في كافة مراحل التصنيع إلى جانب الرجل. وحول معدل ونسبة أجور النساء العاملات في المصنع، أكد القواسمي على الالتزام بالحد الأدنى للأجور بحسب وزارة العمل (1450 شيقلا)، والفترة التدريبية للعاملات تكون أقل أجرا نظرا لأنها تكون في مرحلة التدريب وغير منتجة وتكون هناك خسائر للمصنع نظرا لإعادة تكسير وتشكيل القطعة خلال هذه الفترة. :: اقرأ أيضاً الذهب يفقد بريقه في تونس
مشاركة :