أغلقت تشاد أول من أمس حدودها البرية الطويلة مع ليبيا، بسبب ما قالت إنه «ارتفاع خطر تسلل إرهابيين» من جنوب ليبيا التي تمزقها الحرب الأهلية منذ سنوات عدة، وأصبحت مؤخرًا وكرًا للجماعات الإرهابية المسلحة التابعة لتنظيمَي القاعدة وداعش المتشددين. وقالت الحكومة التشادية على لسان رئيس الوزراء ألبرت باهيمي باداكي، في بيان صحافي أذاعته وسائل الإعلام الرسمية في تشاد، إن بلاده سترسل قوات خاصة إلى الشريط الحدودي مع ليبيا، حيث تنشط جماعات إرهابية وعصابات التهريب والجريمة العابرة للحدود؛ ما جعل هذا الشريط الحدودي من أخطر مناطق العالم. وأكدت الحكومة التشادية، أنها «ستتحرك فورًا» من أجل منع أي احتمال لتسلل مقاتلين من جنوب ليبيا إلى داخل أراضيها عبر الشريط الحدودي، وقال باداكي إن «بعض المجموعات المعزولة تجمعت باتجاه جنوب ليبيا، أي على الحدود الشمالية لبلادنا المحتمل تعرضها لخطر التسلل»، قبل أن يشير إلى أن هذه المنطقة العسكرية أصبحت ابتداءً من اليوم «منطقة عمليات عسكرية»، على حد وصفه. وانزلقت ليبيا إلى حالة من الانفلات الأمني منذ الإطاحة بنظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011، وعلى الرغم من إخراج تنظيم داعش من سرت، معقله السابق في ليبيا، فإن الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة لم يحالفها نجاح كبير في تحقيق الأمن والنظام. وسبق أن دقت بلدان الساحل الخمس، وهي موريتانيا وتشاد والنيجر ومالي وبوركينافاسو، ناقوس الخطر من تحول جنوب ليبيا إلى بؤرة لتجمع الحركات الإرهابية المسلحة، وتهديد الأمن القومي لهذه البلدان ومنطقة الساحل الأفريقي بشكل عام، ودعت هذه البلدان في قمة عقدتها مجموعتهم في العاصمة الموريتانية نواكشوط عام 2015، إلى تدخل عسكري دولي في ليبيا يطهر جنوب البلاد من أي تحرك إرهابي. في غضون ذلك، أطلقت فرنسا عمليتها العسكرية «برخان» للحد من الخطر الإرهابي في منطقة الساحل الأفريقي، وذلك بالتعاون مع جيوش دول الساحل الخمس (موريتانيا، تشاد، النيجر، مالي وبوركينافاسو)، ويبلغ قوام القوات الفرنسية المنخرطة في العملية قرابة 4 آلاف جندي، منتشرين على قواعد عسكرية عدة، بعضها في عمق الصحراء غير بعيد من الجنوب الليبي. وتدرب القوات الفرنسية منذ عامين جيوش دول الساحل الخمس على تسيير دوريات مشتركة لملاحقة العناصر الإرهابية التي تتحرك بخفة وسرعة كبيرتين عبر الحدود والمناطق الصحراوية الشاسعة، وقد استفاد الجيشان التشادي والنيجري من أغلب هذه التدريبات في مناطق على الحدود مع جنوب ليبيا. ورغم المصاعب الاقتصادية والسياسية التي تمر بها تشاد منذ فترة، بسبب انخفاض أسعار النفط وتشبث الرئيس إدريس ديبي بالبقاء في الحكم، فإن الجيش التشادي يعد واحدًا من أقوى الجيوش الأفريقية، وشريكًا استراتيجيا للدول الغربية في حربها على الإرهاب، وبخاصة في منطقة الساحل الأفريقي ومنطقة بحيرة تشاد، حيث تنشط جماعة «بوكو حرام». وتجد تشاد اليوم نفسها بين شمال نيجيريا المشتعل بسبب الحرب على «بوكو حرام»، وجنوب ليبيا الذي تحول إلى منطقة لجوء لأغلب الجماعات الإرهابية، ويتخوف المسؤولون التشاديون من تمكن جماعة «بوكو حرام» في الجنوب من ربط صلة مع بقية الجماعات الإرهابية في الشمال، وبخاصة في ظل نشاط حركة التهريب وتمكن عناصر من التسلل عبر الحدود البرية الشاسعة. وأوضح الوزير الأول التشادي، أنه «أمام المخاطر التي تهدد الوحدة الترابية للبلاد، فإن الحكومة قررت أولاً إغلاق الحدود البرية مع ليبيا، وثانيًا إعلان المنطقة الحدودية مع ليبيا منطقة عمليات عسكرية»، ويشير القرار إلى منطقة «تيبستي»، وهو شريط حدودي في أقصى شمال تشاد يحاذي الجنوب الليبي، وهو ذو كثافة سكانية منخفضة جدًا، ويعيش قاطنوه من قبائل «التبو» البدوية على التهريب بين البلدين. وأضاف الوزير الأول موضحا، أن «مجموعات إرهابية منفردة بدأت تتحرك نحو الجنوب الليبي، أي ما يعني الحدود الشمالية لبلادنا التي أصبحت اليوم تحت تهديد خطر تسلل إرهابي»، مشيرًا إلى أن ذلك يهدد السلم والأمن في تشاد.
مشاركة :