سعت كنائس مصر، مساء الجمعة 6 يناير/ كانون الثاني 2017 بالتزامن مع مراسم قداس عيد الميلاد، في مختلف أنحاء البلاد، إلى تجاوز أجواء للحزن وللآلام شهدها مسيحيو البلاد عقب التفجير الأخير لكنيسة البطرسية شرقي القاهرة، الذي راح ضحيته 29 شخصاً. ودقت أجراس قداسات لعيد الميلاد دون الوقوف لدقائق حداداً على ضحايا البطرسية، بينما بدت الفرحة على وجوه الحاضرين أثناء تبادل التهاني، وسط حضور رسمي. وفي شرقي العاصمة، شهدت الكاتدرائية (أكبر مقر كنسي للمسيحيين الأرثوذكس) إطلاق زغاريد وإلقاء ورود وابتسامات عريضة على الوجوه أثناء حضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للقداس مساء الجمعة. كما دقت الترانيم في دير الأنبا سمعان، الذي يُصنف عالميًا باعتباره أول دار عبادة كنسية، يتم نحته بالكامل داخل صخور، والواقع داخل جبل المقطم وصخوره، جنوب شرقي العاصمة، وسط تبادل للتهاني بين الرهبان والمسيحيين الحضور. وقداس عيد الميلاد، يتميز عن غيره من القداسات، بتراتيله وألحانه المبهجة على خلاف الترانيم الحزينة التي يرتلها المسيحيون في أسبوع الآلام (مناسبة مسيحية). وهذه الترانيم الكنسية المبهجة، توارثها المسيحيون من القرن الأول وحتى القرن الخامس الميلادي، ويتم تأديتها بنفس الشكل الذي كانت تؤدى به في هذه القرون الأولى التي شهدت ميلاد المسيحية. وهذه المشاهد الكنسية، صاحبها تواجد أمني مشدد. وقالت مصادر أمنية في أحاديث منفصلة إن وزارة الداخلية رفعت درجة الاستعداد الأمني للحالة التي تعرف باتخاذ تدابير أمنية مشددة، حول الكنائس المصرية التي تقدر بنحو 2626 كنيسة على مستوى الجمهورية، لتأمين احتفالات عيد الميلاد. وشهدت عدد من الكنائس بالمحافظات بوابات أمنية للتفتيش، وتثبيت كاميرات مراقبة في محيطها للمرة الأولى، وفق المصادر ذاتها. وأعلنت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في بيان مساء الجمعة، عن ترتيبات استقبال بابا أقباط مصر المعتاد سنويا بالمقر البابوي بالكاتدرائية لضيوفه، والتي تقام غدا السبت. وقدمت الكنيسة اعتذارا عن استقبال أبنائها الذين كان يرحب بهم البابا سنويا، مكتفية باستقبال كبار رجال الدولة والدين، مع عدم السماح للسيارات أو غير حاملي الدعوات الخاصة بالدخول، وفق تعليمات أمنية. وقال مصدر كنسي إن عدم استقبال الشعب المسيحي من جانب البابا لتبادل التهاني طبيعية في سياق التنظيم وليس صحيحا أنه احتجاب أو تعبير عن غضب من هتافات من شباب مسيحي ضد رأس الكنيسة والنظام عقب التفجير الأخير بمحيط الكاتدرائية. وقبيل ساعات من احتفالات عيد الميلاد، أكد بابا الكنيسة المصرية، تواضروس الثاني، أن علاقة الأقباط بنظام السيسي، لا تزال في "شهر عسل"، ضمن حوار تلفزيوني بث على إحدى القضائيات الخاصة المصرية، مساء الأربعاء. وفي 20 ديسمبر/ كانون أول الماضي، قالت الكنيسة المصرية إن "احتفالات عيد الميلاد المجيد قائمة كالمعتاد، وأن الآلام التي سببها الحادث الذى جرى بالكنيسة البطرسية مؤخرًا كانت مصحوبة بتعزيات إلهية جزيلة". وأضافت وقتها أنه "لذا فإن كنا نتخلى عن المظاهر الاحتفالية الشكلية إلا أننا يجب أن نبقي على احتفالنا بالعيد وكذلك على مشاعر المحبة التي تسوده والتي تمثل القاسم المشترك الذي يجمع أبناء الوطن". ولا توجد إحصائية رسمية لعدد المسيحيين في مصر، غير أن البابا تواضروس قدّر في تصريحات إعلامية مؤخرًا أعدادهم بـ 15 مليون نسمة (إجمالي عدد سكان مصر 94 مليون نسمة).
مشاركة :