اكتظت ساحة كنيسة المهد في مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية بالسياح المحليين والأجانب تزامنا مع بدء احتفالات أعياد الميلاد لدى الطوائف المسيحية التي تسير وفق التقويم الغربي. وعلى مدى اليومين الماضيين، جابت فرق كشفية محلية من فئات عمرية مختلفة شوارع وأزقة المدينة القديمة وصولا إلى ساحة الكنيسة التي توسطتها شجرة عيد الميلاد التي وصل ارتفاعها إلى 15 مترا وتزينت بألوان وإضاءة وكرات حمراء. وأدت فرق فنية شعبية فقرات فولكلورية بمشاركة العائلات المحتفلة، فيما ارتدى شبان وأطفال ونساء أزياء وقبعات "بابا نويل" وأقنعة ملونة على الوجه وسط فرحة وبهجة عارمة بين الحاضرين الذين حاولوا توثيق تلك اللحظات عبر هواتفهم الخاصة. وقال رئيس بلدية بيت لحم حنا حنانيا للصحفيين إن بيت لحم تطلق رسالتها لكل العالم بأن "روح الميلاد تجمعنا وتوحدنا رغم كافة الصعاب التي تعيشها المدينة وجدار الفصل الذي تقيمه إسرائيل والذي يفصلها عن القدس ويقيد حركة السكان فيها". وأكد حنانيا أن الشعب الفلسطيني يصبو إلى الحياة بحرية وكرامة في ظل دولة مستقلة وآمنة، داعيا دول العالم إلى الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الذي يعاني "الظلم والقهر من الاحتلال الذي يقتل الفلسطينيين بدم بارد". وتأتي احتفالات أعياد الميلاد هذا العام والتي أطلق عليها "روح الميلاد تجمعنا" وسط تصاعد التوتر بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية منذ مارس الماضي وبعد عامين من انتشار فيروس كورونا ما أدى لإغلاق المدينة أمام السياحة الوافدة. وقال محافظ بيت لحم في السلطة الفلسطينية كامل حميد لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن المدينة لازالت تتعافى من آثار فيروس كورونا وما سببه من أضرار كبيرة في مناحي الحياة وعلى رأسها السياحة التي تشكل مصدر الدخل الأساسي لسكانها. وأوضح حميد أن أزمة كورونا لم تكن العقبة الوحيدة أمام قطاع السياحة في بيت لحم، وإنما تزداد المعاناة مع وجود الاحتلال الإسرائيلي وما يفرضه من تضييق على السكان ووصول المسيحيين إلى أماكن العبادة. وسبق أن زار أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون سائح الأراضي الفلسطينية في العام 2019، غالبيتهم إلى بيت لحم، قبل أن يتم إغلاق المدينة على إثر اكتشاف أولى الإصابات بفيروس كورونا في مارس 2020، بحسب إحصائيات رسمية. وفي مثل هذه الفترة من العام كانت نسبة إشغال الفنادق في بيت لحم تصل إلى نحو 90 في المائة، بحسب ما أفادت جمعية الفنادق في المدينة، فيما بلغ حجم الخسائر في القطاع السياحي حتى نهاية العام الماضي نحو 1.5 مليار دولار. وقالت وزير السياحة والآثار الفلسطينية رولا معايعة لـ((شينخوا)) إن قطاع السياحة بدأ ينتعش ما يعطينا بارقة أمل في عودة الحياة لطبيعتها بعد عامين مؤثرين مرت بهما المدينة ولازالت حتى اليوم. وأشارت رولا معايعة إلى أن عدد السياح الأجانب الذين زاروا فلسطين منذ بداية العام الجاري وصل إلى 700 ألف شخص، لافتة إلى أن نسبة إشغال الغرف الفندقية وصلت إلى 80 بالمائة. ويعمل في بيت لحم 70 فندقا تضم 4700 غرفة فندقية، فيما ينشط ما يزيد على 33 ألف عامل فلسطيني في مجال السياحة في محافظات الضفة الغربية تتركز النسبة الأكبر منهم في بيت لحم بحسب إحصائيات فلسطينية رسمية. وعادة ما يصاحب احتفالات عيد الميلاد انتشار لعناصر الأمن الفلسطيني وإغلاق شوارع رئيسية في بيت لحم لتسهيل حركة السياح من مختلف الدول وحماية الشخصيات الدينية والدبلوماسية الحاضرة. وتعتبر مدينة بيت لحم وجهة لمسيحيي العالم لأنها تضم كنيسة المهد التاريخية التي بنيت على يد قسطنطين الأكبر العام 330 م فوق كهف أو مغارة ولد فيها السيد المسيح. إلى ذلك، أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال مشاركته بمأدبة العشاء الميلادي التي نظمتها حراسة الأراضي المقدسة بمناسبة عيد الميلاد، رفضه مواصلة استهداف السلطات الإسرائيلية للوجود المسيحي في الأراضي الفلسطينية. وقال عباس، بحسب ما نشرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية ((وفا))، "لن نقبل بمواصلة ممارسات الاحتلال باستهداف الوجود المسيحي في فلسطين، الذي هو جزء لا يتجزأ من نسيج شعبنا". وأضاف عباس "نستقبل عاما جديدا ونحن أكثر صمودا وأكثر إصرارا على البقاء في أرضنا، والتخلص من الاحتلال وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس"، مؤكدا أنه رغم ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من "ظلم وعدوان إلا أن رسالته للعالم تبقى رسالة أمل ومحبة وسلام". وتابع ان العام الجاري يمضي وقد زار الرئيس الأمريكي جو بايدن المنطقة وقدم "وعودا للأسف لم يتحقق منها شيء، في ظل ما نشهده من ازدواجية للمعايير تحرم الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة ونيل حريته واستقلاله". وكان بايدن زار بيت لحم جنوب الضفة الغربية في 15 يوليو الماضي في زيارة قصيرة التقى خلالها عباس، بعد قضائه 40 ساعة في إسرائيل ولقاء مسؤولين إسرائيليين. ويطالب الفلسطينيون بإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس ومكتب منظمة التحرير في واشنطن ودعم موازنة السلطة الفلسطينية والضغط على إسرائيل للحفاظ على الوضع القائم في القدس ووقف إجراءاتها أحادية الجانب واحتجاز أموال الضرائب الفلسطينية.
مشاركة :