أكد أكاديميون لـ «العرب» أن تصدر قطر قائمة الدولة العربية في التعليم بحسب مؤشرات عالمية يعود للاستقرار الكبير الذي تتمتع به قطر، إضافة إلى توجيهها جزءا مقدرا من مواردها للتعليم، مشيرين إلى أن ميزانية التعليم والصحة لم تتأثر رغم تراجع أسعار النفط في السنة الأخيرة. وأوضحوا أن الدولة شيدت بنية تحتية متميزة، واستقطبت أفضل الكفاءات التدريسية على مستوى العالم إضافة لتحفيزها المستمر للطلاب المتفوقين وإعطاء الخريجين المتفوقين فرصا متميزة في التوظيف. وأوضحوا أن حصول دولة قطر على المركز الرابع عالميا في جودة النظام التعليمي من إجمالي 140 دولة على مستوى العالم والمركز الأول عربيا طبقا لأحدث تقرير صادر عن التنافسية العالمية ( GCI )، الذي يصدر سنويا عن المنتدى الاقتصادي العالمي . يؤكد وجود إستراتيجية تعليمية واضحة تعتمد على التوسع في إنشاء المنشأت التعليمية وتزويدها بأحدث الأجهزة والمدخلات التعليمية بالأضافة إلى العمل على تطوير أداء القائمين على العملية التعليمية وأرجعوا تراجع بعض دول المنطقة في التصنيف العالمي إلى أن الدول التي تعتمد أنظمتها على القمع فأنها أهتمامها يكون منصب في المقام الأول على الإنفاق على المجال القمعي و عسكرة الدولة. وحمل تقرير التنافسية العالمي السنوي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، الكثير من المؤشرات الإيجابية على ما تم تحقيقه في النظام التعليم بدولة قطر حيث يعد هذا التقرير إضافة مثمرة على تحقيق السياسات والاستراتيجيات والخطط التنفيذية لنجاحات مختلفة في عدة مجالات تعليمية. ووفقا للتقرير فقد تضمن جودة النظام التعليمي توافر خدمات التدريب ومدى تدريب الموظفين وجودة الإدارة المدرسية وتوفر الانترنت في المدارس وجودة تدريس الرياضيات والعلوم في المدارس حيث حصلت جميعها على مراتب متقدمة مقارنة بالدول المنطقة أو على مستوى العالم وتضمن التقرير السنوي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي حصول دولة الامارات العربية المتحدة على المركز العاشر وألمانيا المركز ال 20 وفرنسا 22 ولبنان 25 واليابان 31 والهند على المركز 67 والمملكة العربية السعودية على المركز54 بينما حصلت دول عربية وافريقية وبعض دول أمريكا الجنوبية على مراكز تصنيف متأخر في جودة النظام التعليمي . د. أمينة الهيل: قطر تهتم بترتيب أولوياتها.. والتعليم على رأسها أكدت الدكتورة أمينة الهيل، المستشارة التربوية والنفسية، أن المرتبة التي احتلتها قطر في جودة التعليم الأساسي تعود باهتمام القيادة الرشيدة، بالتعليم في قطر، وأتاحت كافة السبل والفرص بالنهوض بالتعليم إلى أن وصل إلى هذه المرتبة الرفيعة. أشارت إلى أن دولة قطر لديها اهتمام بترتيب أولوياتها، ويأتي التعليم على رأس تلك الأولويات، للنهوض به وتنوعه وتوفير فرص تعليم راقية ومتميزة لمواطني الدولة والمقيمين على أرضها، إن «دولة قطر تستحق هذا المركز، وهذا أمر يشرفنا كمواطنين لها، وكعاملين في مجال التعليم العالي أو الأساسي، فهو وسام على صدورنا أن يصل التعليم لدينا إلى هذه المراكز المتقدمة من التميز والجودة». منظومة متكاملة وتابعت: «يمكنني القول إن الوصول بالتعليم الأساسي في قطر إلى مكانة متميزة تقف خلفه منظومة متكاملة، فوزارة التعليم والتعليم العالي تهتم بالطلاب من ناحية جودة التعليم، وتنقيح المناهج أولا بأول، والتنوع في نوعيات المدارس الموجودة على الساحة من مستقلة، وخاصة، وأخرى تدرس المناهج البريطانية، وغيرها للمناهج الأمريكية، ومناهج أخرى متنوعة، تؤدي إلى تنوع كبير في مخرجات التعليم في الدولة، هذا إلى جانب الاهتمام الكبير من الدولة بمرحلة رياض الأطفال والتعليم التأسيسي، ولدينا أيضا البرامج المتميزة والمهارات المعنية للتعليم المبكر والاهتمام بطلاب الصفوف الـ3 الأولى من الأول إلى الثالث الابتدائي، فضلا عن الاهتمام بالجانب اللوجستي، واختيار المعلمين الأكفاء، فالمعلم حتى ينضم إلى منظومة التعليم في قطر لا بد أن يخضع للعديد من الاختبارات والمقابلات الشخصية، وأن يكون تربويا ومتمكنا من أداء مهمته، وكذا الاهتمام بكوادر الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين في المدارس فضلا عن وجود التمريض، والاهتمام بوجود ملف صحي لكل طالب والحصول على التطعيمات والتعاون مع أسرته إذا كان لديه أي مشكلة صحية يعاني منها». الطالب محور الاهتمام وتواصل المستشارة التربوية شرحها لعوامل الاهتمام بالتعليم في قطر، موضحة: «من ناحية الاهتمام بالبنية التحتية، هناك اهتمام شديد بالمدارس في قطر بداية من اختيار مواقعها، ومرورا بالخدمات والمكان الذي يمضي فيه الطالب وقتا كبيرا من يومه في التعلم، والاهتمام بالتهوية والإضاءة، والإشراف على المقاصف المدرسية، وتغذية الطلاب، ودورات المياه النظيفة، والاهتمام بالأمن والسلامة، والإشراف على الباصات وتهيئتها بشكل مناسب للطلاب، للحفاظ على أرواحهم، التي تخضع لشروط معينة والبنية التحتية. باختصار الطالب هو محور الاهتمام في دولة قطر، وهو ما تعتمد عليه في بناء نهضتها، وتحقيق رؤيتها الوطنية 2030، حيث يكون هناك اهتمام بالتحصيل الأكاديمي للطالب، وإكسابه المهارات الحياتية التي تمكنه من الاعتماد على نفسه، وإكسابه اللغات المتعددة، إلى جانب الاهتمام باللغة العربية بصفتها اللغة الأم، وهناك إشراف دائم على الطلاب أكاديميا وإشراف على إدارات المدارس وكل النواحي الأخرى. فهذه المنظومة المتكاملة تهتم بالطالب وتجعله محورها منذ دخوله إلى المدرسة واستقباله، والاهتمام به من الناحية الأكاديمية والنفسية والاجتماعية والصحية». وترى د. الهيل أن قبول أكبر الجامعات المعترف بها عالميا للطلاب الدارسين بالمدارس القطرية «هو في حد ذاته اعتراف بجودة التعليم في دولة قطر، وكذلك المتطلبات التي تطلبها جامعة قطر وغيرها من الجامعات العالمية الموجودة في الدولة من الطلاب، تثبت كلها أن طلابنا في المدارس والتعليم الأساسي يخضعون لتعليم متميز، ولدينا هنا على مستوى المدارس المستقلة على سبيل المثال مدارس يشار إليها بالبنان في مستوى التعليم ومخرجاته، منها مدارس البيان وعمر بن الخطاب وغيرها الكثير والكثير. بركات: التعليم بدول مثل سوريا ومصر ارتبط بالأوضاع السياسية أكد الدكتور سلطان بركات مدير مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بمعهد الدوحة للدراسات العليا على ارتباط الأوضاع السياسية بمستوى التعليم ومخرجاته مشيراً إلى أن تراجع التعليم في عدد من الدول العربية ارتبط بأوضاع سياسية معينة مستشهدا بحالة العراق وسوريا، ومصر، وقال بركات إن التعليم الجامعي الذي كان مشهودا له في العراق تراجع بصورة كبيرة إبان الحرب العراقية الإيرانية ومن ثم احتلال العراق للكويت مما أدى لصعود الأجندة الحربية وتوجيه الصرف على التجهيزات العسكرية، لافتا إلى أن احتلال الكويت ترتب عليه الحصار الذي خلق أوضاع معقدة أدت لبروز مجموعات تسيطر على كل شيء وبالتالي أصبح التعليم في ذيل الاهتمامات، وقال بركات في الحالة السورية تراجع مستوى التعليم عندما بدأت الدولة تحقنه بخطاب أيدلوجي كبير الأمر الذي أدى لتراجع قيمته العملية لصالح الأيدلوجية ثم جاءت الحرب لتكمل حلقات تدهور التعليم، وعن مصر أرجع بركات تدهور التعليم فيها إلى منظومة الفساد التي سيطرت على كل شيء وبالتالي أضعفت كفاءة المؤسسات التعليمية مشيراً إلى أن المعلم في مثل هذه الأجواء يشارك في هذه المنظومة ويصبح وجوده في المدرسة غير فاعل ويستهدف تدريس الطلاب خارج المدرسة من أجل تعظيم منافعه لافتا إلى وجود مدارس للجيش يمكن تصنيفها ضمن مدارس النخبة لذلك فهي متميزة على في مستواها التعليمي. وقال بركات إن التوسع الكبير الذي انتهجته بعض الدول في التعليم العالي أدى لتدهور مستوى التعليم نتيجة لشح الموارد، إضافة لتراجع دور المعلم الذي كان يمثل نموذجا في أزمان سابقة، وأكد بركات أن بعض الدول انتهجت سياسة تأهيل كادرها البشري والدفع به للعمل في الخارج من أجل الحصول على المال مما كان له انعكاس على العملية التعليمية. الخلايلة: تحقيق نجاحات في قائمة الحقوق الأخرى قال الدكتور ياسر الخلايلة العميد المساعد للشؤون الأكاديمية بكلية القانون جامعة قطر أن التطور الكبير الذي شهدته قطر على مستوى التعليم يعود للتقييم المستمر لمسار العملية التعليمية والتقييم الذي تجريه الجهات المسؤولة عن التعليم على مسار العملية التعليمية، وأوضح أن هنالك خططا جديدة بخصوص التعليم الابتدائي لتيسير التحاق الطلاب بالدراسة العليا، وأكد الخلايلة أن قطر ومنذ وقت مبكر رسمت سياستها على توفير تمويل كافي للعملية التعليمية مع ضمان تعليم مجاني لكل مواطن. وأوضح الخلايلة أن هنالك ركائز أساسية في الدولة لا تمس كينونتها مثل التعليم، والصحة مشيراً إلى أن هذا وضح جليا إبان تراجع أسعار النفط في الفترة الأخيرة، لافتا إلى أن صرف قطر على التعليم لم يتأثر إطلاقا. وأكد الخلايلة أنه في الأوضاع السياسية غير المستقرة فإن التعليم يتراجع وكذلك بقية القطاعات لأنه في حالة عدم ضمان الحقوق الأساسية المتصلة بالإنسان مثل الحق في الحياة، والحق في الأمان، وبقية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فإنه لا يمكن الحصول على الحقوق الأخرى. وأكد أن تميز قطر في التعليم ووجودها على رأس قائمة الصنيف العالمي في هذا المجال يعني ضمنيا أنها قطعت أشواطا بعيدة في قائمة الحقوق الأخرى وبالتأكيد فإن لاستقرار قطر الدور الأساسي في تحقيق كل هذه الإنجازات. ناشي: الدولة وجهت جزءاً كبيراً من مواردها للتعليم ووضعته على قائمة أولوياتها قال الدكتور سالم ناشي أستاذ الاقتصاد بجامعة قطر إن العملية التعليمية تقوم على ثلاثة محاور هي الطالب، والمؤسسة، والموارد، مشيراً إلى أن أي تراجع في أحد أضلاع المثلث سيؤثر على مخرجات العملية التعليمية بصورة جلية. وأكد أن تقدم دولة قطر وبعض الدول العربية الأخرى على مؤشر التعليم العالمي مرتبط باهتمامها بأضلاع المثلث مما أدى إلى هذه النتائج التي نراها اليوم، فالدولة وجهت جزءا كبيرا من مواردها نحو التعليم ووضعته على قائمة أولوياتها مما انعكس على شكل المؤسسات التعليمية في الدولة، ويمكننا القول إن قطر تمتلك تعليما متميزا على مستوى المرحلة قبل الجامعية، كما تمتلك تعليما جامعيا متطورا قائما على التنافسية العالية. وأوضح ناشي أن الدولة شيدت هذه المؤسسات بعناية شديدة موضحا أن هذه العناية ليس في تميز المباني فقط بل في تجهيزها بكل المعينات من وسائل تكنولوجية وتعليمية حديثة فجميع المدارس والجامعات على مستوى الدولة مجهزة بالأدوات التعليمية الحديثة والمراجع الإلكترونية وغيرها من المعدات، وبجانب جامعة قطر استقطبت الدولة مجموعة جامعات عالمية في المدينة التعليمية تحت مظلة مؤسسة قطر لافتا إلى أن استقطاب الأساتذة على كافة المستويات يقوم على التنافسية والتأهيل لذلك فإن الهيئة التدريسية الموجودة في دولة قطر اليوم هم الأميز على كافة المستويات. ولفت إلى التحفيز الكبير الذي يجده الطالب القطري من أجل التفوق، إضافة إلى أن الخريج المتميز يجد العناية من الدولة والأولوية في التوظيف وبالتالي فإن كل أركان العملية التعليمية تعمل في تناسق تام مع بعضها. وأرجع ناشي تدهور التعليم في بعض الدول العربية التي عرفت تاريخيا بتميزها لاختلال أضلاع المثلث عندها، مثل توجيه الموارد نحو أولويات أخرى غير التعليم الأمر الذي يؤدي لتقصير في الإنفاق على التعليم وبالتالي في مخرجات العملية التعليمية. الميزانية المدروسة للتعليم عامل أساسي في تميزه يرى أخصائي التنمية المهنية بالمركز الوطني لتطوير التربويين (ع. ش) أن هذه المكانة المتميزة التي وصل إليها التعليم في قطر تعود إلى اهتمام الدولة بالتعليم، وبإجراء إصلاحات حقيقية في مجال التعليم، وتصحيح المسار أولا بأول. «فالقيادة السياسية في قطر تولي أهمية للتعليم، وتقوم بعمل تطوير مستمر وتحديث ومتابعة آخر التطورات في العالم، التي يمكن الإفادة منها، هذا فضلا عن الميزانيات الضخمة المخصصة لهذا الشأن والتي من شأنها الارتقاء به». وتابع: «من الأمور التي يمكن أن نعزي لها وصول قطر إلى هذه الدرجة في جودة التعليم، تتمثل في الاهتمام باستقطاب أفضل الخبرات في مجال التعليم من الدول العربية وغير العربية، إلى جانب التطوير المهني المستمر للعاملين في هذا الحقل، سواء للقطريين أو غير القطريين طالما يعملون بحقل التعليم في الدولة، فبرغم أن معلمي المدارس وأساتذة الجامعات الذين يتم استقطابهم يأتون ولديهم الخبرات اللازمة، فإنه يجري تدريبهم وتطويرهم على الدوام لتحقيق أفضل إفادة ممكنة منهم، وكل هذا يصب في صالح جودة التعليم في دولة قطر». وأوضح أخصائي التنمية المهنية أن رصد ميزانيات كبيرة للتعليم يكون من الأسباب الرئيسية للنهوض به، حيث يمكن من خلالها استقطاب الطاقات البشرية المؤهلة، التي تتمتع بخبرات عالية تصب في صالح التعليم بشكل واضح، فضلا عن الإنفاق السخي على البنية التحتية لمنشآت التعليم كالمدارس، وتوافر الإمكانيات اللازمة للنهوض بالعملية التعليمية من أجهزة ومعدات ومختبرات مجهزة والإمكانيات المختلفة اللازمة لتطوير الطلاب وتهيئتهم تعليميا.;
مشاركة :