تداعيات نقل السفارة الأمريكية إلى القدس

  • 1/8/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

استمع د. ناجي صادق شراب اعتادت الإدارات الأمريكية ألا تقوم بنقل سفارتها إلى القدس المحتلة، من خلال قرارات رئاسية بالتأجيل لمدة ستة أشهر، وتحولت هذه القرارات إلى عرف سياسي شبه ملزم، حرصاً على المصالح الأمريكية، وانسجاماً مع الموقف السياسي المعلن بأن وضع القدس النهائي لا يتم إلا من خلال التسوية السياسية النهائية؛ ولذلك فقد شكل هذا الموقف حلاً وسطاً، ومخرجاً لمأزق نقل السفارة، والبديل لذلك وجود القنصلية الأمريكية في القدس. بداية ماذا يعنى نقل السفارة إلى القدس؟ المتعارف عليه في أدبيات الاعتراف الدولي، أن إقامة علاقات قنصلية لا يعنى اعترافاً، وأن الشكل الرسمي والصريح للاعتراف هو قيام العلاقات الدبلوماسية، وهذا متوفر في حالة العلاقة بالولايات المتحدة بإسرائيل، لكن نقل السفارة يعني اعترافاً بأن القدس هي العاصمة الأبدية لإسرائيل، وهو ما يعني التخلي عن الموقف الرسمي للولايات المتحدة على مدار الإدارات السابقة بأن القدس الشرقية تقع تحت سيطرة الاحتلال، وأن وضعها النهائي يرتبط بالتسوية السياسية، ومن ثم إخراج القدس من أية عملية تفاوضية، وإسقاط كل الحقوق السياسية والتاريخية والدينية للفلسطينيين. وهذا يعني أيضاً أن الولايات المتحدة لم يعد بمقدورها القيام بدور الوسيط في عملية التفاوض، أو بعبارة أخرى لم تعد الولايات المتحدة مقبولة كدولة راعية للمفاوضات، وهو ما سيقود حتماً لإغلاق باب التسوية والتفاوض من خلال واشنطن، والذهاب للبديل الآخر وهو المواجهة والعنف. والسؤال الآن ما هي احتمالات نقل السفارة الأمريكية للقدس؟ قد يصعب الرهان على موقف إدارة الرئيس ترامب، الذي أكد مرات كثيرة أثناء حملته الانتخابية نيته بنقل السفارة إلى القدس، وتهديده الأخير بعد قرار مجلس الأمن الأخير رقم2334، الذي استنكر الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، بأن الأمور ستتغير بعد 20 يناير/ كانون الثاني أي بعد توليه منصبه. ترامب لا يستطيع إلغاء القرار المذكور، لكن بإمكانه أن يحول دون أي مشروع قرار يفرض عقوبات على إسرائيل، استناداً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وبإمكانه وبكل سهولة وبقرار رئاسي نقل السفارة الأمريكية، ضارباً عرض الحائط بكل النصائح بعدم نقلها، وعليه أن ينتظر ستة أشهر لنقلها في أعقاب إصدار الرئيس أوباما قراره بتأجيل التنفيذ لستة أشهر. بقراءة تصريحات ترامب، فإن احتمالات نقل السفارة قائمة، وبدرجة كبيرة، وقد يساعده على ذلك البيئة العربية المتهالكة، والمنشغلة بقضاياها، والوضع الفلسطيني الضعيف، والأوضاع الدولية المنشغلة بقضايا أخرى. مع ذلك ما لا يدركه ترامب وفريق عمله أن مكانة القدس في الضمير الفردي والجماعي ليست للفلسطينيين، بل للمسلمين كافة، وما لذلك من انعكاسات على المواقف الرسمية لأنظمة الحكم العربية والإسلامية، التي يصعب أن تبقى بعيدة عن ردود أفعال شعوبها، القدس هي الرمز الديني المقدس الذي يحكم السلوك الفردي والجماعي للعرب والمسلمين كافة. وهذا له تداعيات ودلالات كبيرة ستمتد آثارها إلى إسرائيل وإلى المصالح الأمريكية في المنطقة، ولعل أخطرها انفجار انتفاضة واسعة داخل كل فلسطين قد تتحول إلى انتفاضة مسلحة ستكون نتائجها كارثية على الجميع. وقد لا نذهب بعيداً بأن مثل هذه الانتفاضة قد تفرض على الدول العربية مراجعة علاقاتها مع الولايات المتحدة، وقد تطال الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل. drnagish@gmail.com

مشاركة :