شيرين والاحتجاج العاطفي (الأخيرة)

  • 4/3/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تمثل تجربة شيرين، بعد عقد زمني من انطلاقتها 2002 حالة من حالات الغناء العربي في الألفية الثالثة، وتمثل خطاباً من بين خطابات غنائية. هذه دراسة عنها وهي الحلقة الأخيرة. ومن المكونات الأساسية في الخطاب الغنائي الإفصاحي القدرة على إعادة توليف العناصر الواقعية من لغة وتعابير ومواد ثقافية تتصل بالشعر والنغم في الاقتراب من تحقيق حالة واقعية تنسخ الواقع ولا تقع في العادية وإنما تستعير وتوظف المفردة والتعابير وهو ما يغني قاموس الخطاب نفسه ويخصبه بالولادات الجديدة، إذ تحققه "تجربة مؤلمة" (2014): "تاعبني ومعاه انا عايشه تجربة مؤلمة وشايفه الحياه وياه.. اه وياه في عيني مغيّمة وتسائل شيرين شخصيتها الإنسانية في مجموعتها الغنائية وهو ما يكرس ما قيل في أول المقالة باعتبار أحد محركات التجربة ودوافعها الذهنية والنفسية إذ يمثل خطاب شيرين الغنائي صورة الإنسان القلق في عناصر متناقضة بين رغبة إسعاد الآخرين، والغناء تفاعل ومشاركة، وبين نقل عواصف الذهن والعاطفة غير المستقرة. غير أن هذا النموذج يقدم لصورة تحولات خطاب الإفصاح في مكاشفة الذات وتعريتها وإعادة فهمها "أنا كتير" (2014): "أنا كتير أنا ألف حاجة على بعضها في حاجة وحدة أنا واحدة عايش لوحدها ومش حاسة وحدة في ضحكي حزن غريب قوي وفي حزني ضحكة مصارحة نفسي عيوبي مش ناكراها فيا وأن تايهة ببقى مركز ف توهاني وبسرح فيه إحساسي لو مرة اتأذى يمكن يوم أموت بعديه وعشان كده متحفظة ومش عايزة أغامر بيه".. يتشكل الخطاب الغنائي وتتضح ملامحه ومداه بحسب ما يتميز عند شخصية المبدع في حقول الثقافة دون تجاهل الموهبة نفسها وطموحها والظروف وإعادة توجيه العناصر الداعمة ومجمل المضامين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. تتشابك شخصية شيرين بكل حمولاتها المتعددة بما يتخذ منها صورة عن طبقة اجتماعية وأظلالها المتجسدة في آلية التلقي والتفاعل لتمثل تصدعات إنسان الطبقة الوسطى بوصفها الخاسر الأكبر في مجتمع يفقد خاصية التوازن والمعاوضة. ويتوازى في صلب التحولات تطور الخطاب بالتنقل من خواص الذات وتجربتها السلبية من تجارب الخسارة والفقد والندم نحو إعادة مساءلة الذات وتعريتها وفهمها، وهو ما يكسبه خطاب الإفصاح بالنتجية بموازاة ما يفقده من أسباب ميتة.

مشاركة :