شهدت إسطنبول هجوماً إرهابياً، قبل أيام، راح ضحيته العشرات؛ أغلبهم من جنسيات عربية. وبات الوضع في المدينة يبعث على القلق، فالجنود المسلحون يجوبون الشوارع الرئيسة والأماكن السياحية، وإجراءات الأمن مشددة بشكل كبير. إلا أن الحياة سرعان ما عادت إلى طبيعتها، بعد أيام من الهجوم الدموي. وكان اعتداء رأس السنة، على نادي «رينا»، من أسوأ الهجمات التي يتبناها تنظيم «داعش» في تركيا، إذ إن أنقرة لم تعتد على مثل هذا العنف، لكن مراقبين يرون أن ذلك تطور خطير للغاية، ويهدد أمن البلاد. تعرّض عدد من باعة هدايا عيد الميلاد للاعتداء الجسدي من قبل متشددين. كما أكدت وزارة الشؤون الدينية في أنقرة أن الاحتفال بالسنة الميلادية يخالف القيم التركية، وبالتالي فهو «غير مقبول». وتبنّى التنظيم الإرهابي العملية، كما فعل عقب هجمات باريس في نوفمبر 2015، ومدينة نيس في يوليو 2016، ووفقاً لقناته الدعائية، فقد نفذ جندي من جنوده هجوم إسطنبول الأخير، مستهدفاً أشهر نادٍ ليلي في المدينة. لم يسبق أن تبنى التنظيم عمليات إرهابية في تركيا، بما في ذلك اغتيال صحافي سوري في مارس، والهجوم على الشرطة في ديار بكر خلال نوفمبر الماضي. ويذكر أن الجيش التركي يقاتل «داعش» منذ نهاية أغسطس في شمال سورية، وبالتالي فإن التنظيم يتراجع، وعليه أن يكسب نقاطاً في معركته ضد أعدائه. يقول أحد أقارب بوسرا كوزي، 19 عاماً، التي قضت في الاعتداء، معلقاً:«عار على البلدان التي تدعم الإرهاب»، ويضيف الرجل الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، «نرى كل شيء على التلفزيون، ما تقوم به الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وغيرها». في حين تشير صحيفة «صباح»، الموالية للحكومة، إلى أن الهجوم كان مخططاً له بشكل واضح. وتنحي الصحيفة باللائمة على أميركا والغرب، في تناغم واضح مع تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي ألمح إلى هذا التورط. ويوجّه صحافيون مقربون من حزب العدالة والتنمية الحاكم، أصابع الاتهام إلى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، ويقولون إنها تريد من هذا الهجوم الرد على دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في سورية. وكان قد تم في الـ30 من ديسمبر المنقضي، التوصل الى اتفاق وقف القتال بين أنقرة، التي تعتبر داعماً رئيساً للمعارضة السورية، من جهة، وموسكو التي تدعم نظام بشار الأسد، من جهة أخرى. وبهذا تكون روسيا قد تمكنت من إخراج أميركا من الأزمة. وباتت واشنطن أمام تحول دبلوماسي مهم للغاية، تعتبره إهانة كبيرة. وقبل أسبوعين، اتهم أردوغان الولايات المتحدة بتقديم الدعم للإرهابيين التابعين لتنظيم «داعش» ومقاتلي «حزب الاتحاد الديمقراطي» المرتبط بـ«حزب العمال الكردستاني»، الذي يقاتل الجيش التركي منذ فترة طويلة. ويجد الأتراك أنفسهم في حيرة هذه الأيام، إذ يتم الخلط إعلامياً بين ثلاث حروب تخوضها أنقرة: الأولى ضد تنظيم «داعش»، والثانية ضد مقاتلي «حزب العمال الكردستاني»، والأخيرة ضد تنظيم رجل الدين فتح الله غولن، المتهم بتدبير الانقلاب العسكري الفاشل في الـ15 من يوليو الماضي. وفي سياق متصل، أثير نقاش حاد، خلال الأسابيع الأخيرة، في تركيا حول الاحتفالات بأعياد الميلاد، وذلك بعد أن تلقت المؤسسات التعليمية تعليمات من وزارة التربية، بداية ديسمبر، تمنع الاحتفال بعيد الميلاد في المدارس. وبعدها قامت جمعيات موالية للحكومة بحملة واسعة تدعو الأتراك الى ترك هذه الاحتفالات. وقد تعرض عدد من باعة الهدايا للاعتداء الجسدي من قبل متشددين. كما أكدت وزارة الشؤون الدينية في أنقرة، أن الاحتفال بالسنة الميلادية يخالف القيم التركية، وبالتالي فهو «غير مقبول».
مشاركة :