ترجمة وإعداد - كريم المالكي: حققت شبكة الجزيرة إنجازا إعلاميا عالميا وتاريخيا حيث نجحت في كشف تفاصيل أخطر مؤامرة للوبي الصهيوني في بريطانيا مما جعلها تخطف الأضواء مجدداً وتتربع على صدر الصفحات الأولى لأغلب الصحف والمواقع الالكترونية العالمية أمس الأحد. تتمثل المؤامرة في قيام دبلوماسي رفيع يعمل في السفارة الاسرائيلية في لندن و موظفة كبيرة في الحكومة البريطانية تعمل مسساعدة لوزير التعليم للتخطيط بهدف الاطاحة بوزير الدولة للشؤون الخارجية البريطاني الرافض للاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية وكذلك تشويه سمعة عدد من نواب مجلس العموم البريطاني واسقاطهم باعتبارهم اعداء لانهم يدعمون الشعب الفلسطيني ويقفون ضد الاستيطان. وجاءت تفاصيل الفضيحة عبر تسجيل فيديو تمكنت قناة الجزيرة الانجليزية عبر قيام صحفي متخف لها بتصويره سراً بين طرفي المؤامرة الخبيثة، وقد وصل الفيديو إلى وسائل الإعلام البريطانية صباح أمس الأحد، وسرعان ما تسبب باستقالة الموظفة في الحكومة البريطانية من منصبها. يُمثل الفيديو ثلاث دقائق ونصف الدقيقة فقط من أصل فيلم وثائقي مدته 120 دقيقة انتجته القناة ومن المقرر أن تبثه على مشاهديها اعتبارا من 15 يناير الجاري على أربعة أجزاء، لتكشف به مزيداً من تفاصيل الفضيحة التي قد تتحول إلى منعطف خطير في العلاقات البريطانية الإسرائيلية. وقد تصدرت الفضيحة الصفحات الأولى للصحف البريطانية في يوم العطلة الأسبوعية، وشغلت مئات المواقع الإلكترونية الإخبارية في بريطانيا والولايات المتحدة وإسرائيل ومختلف أنحاء العالم. تسجيلات سرية وحقائق خطيرة وجاءت الفضيحة بعد عمل استقصائي مثير أجرته وحدة التحقيقات الاستقصائية في الجزيرة الإنجليزية حيث استطاع الصحفي المتخفي أن يتوصل إلى حقائق خطيرة عبر قيامه بتسجيلات سرية مصورة شكلت الأساس للفيلم. وقد سجَّلَ الصحفي المتخفي فيديو مصوراً لشخص يدعى شايي ماسوت، الذي يصف نفسه بأنه ضابط في الجيش الإسرائيلي ويعمل كمسؤولٍ سياسيٍ رفيع المستوى في سفارة تل أبيب في لندن، تحدث فيه عن عددٍ من نواب البرلمان البريطاني الذين يريد إسقاطهم. ويتناول الوثائقي المعلومات التي كشفها صحفي الجزيرة والتي هي في غاية الخطورة والأهمية حيث وصف بعض السياسيين البريطانيين ما قام به الدبلوماسي الإسرائيلي في لندن بأنه معيب ومريب. ستة أشهر عمل وامتد العمل لوحدة التحقيقات الاستقصائية في قناة الجزيرة الإنجليزية ستة أشهر حيث بدأ العمل منذ يونيو وحتى نوفمبر من العام الماضي، وسجلت الأحاديث لمجموعة واسعة من الناشطين المؤيدين لإسرائيل وكذلك السياسيين البريطانيين وموظفي السفارة الإسرائيلية في عدد من المناسبات. وتظهر التسجيلات المصورة -التي كُشِفَ من خلالها سعي الدبلوماسي الإسرائيلي لإسقاط سياسيين بريطانيين- تخطيطه مع مساعدة الوزير البريطاني المحافظ روبرت هالفون للإطاحة بزميلها في الحزب وزير الدولة للشؤون الخارجية آلان دانكن المعروف بانتقاده الدائم لبناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. اعتذار رسمي وقد كُشِفَ المسؤول في السفارة الإسرائيلية، بالصوت والصورة وهو يناقش كيفية تشويه سمعة النواب البريطانيين وهي التصريحات التي وصفتها السفارة الإسرائيلية بأنها غير مقبولة. وقد أظهرت التسجيلات المصورة الدبلوماسي شايي ماسوت وهو يخطط لمؤامرة سرية لإسقاط نواب بريطانيين صنفهم هو كـ"أعداء" من بينهم وزير الدولة في الخارجية البريطانية، آلان دنكان، وهو شخص معروف بتأييده الصريح لقيام الدولة الفلسطينية. وما فعله شايي ماسوت، الذي يصف نفسه بأنه ضابط في الجيش الإسرائيلي ويعمل كضابط سياسي رفيع في السفارة الإسرائيلية في لندن، يعد خرقا استثنائيا للبروتوكول الدبلوماسي. وكان السفير الإسرائيلي، مارك ريجيف، قد اعتذر إلى وزير الدولة في الخارجية البريطانية، آلان دنكان، وقال متحدث إسرائيلي إن السفير ريجيف بين الموقف بوضوح وقال إن السفارة تعتبر هذه التصريحات غير مقبولة تماما. وقالت السفارة الإسرائيلية أن ماسوت سينهي فترة ولايته من العمل مع السفارة قريبا. ورفض ماسوت التعليق أو توضيح ما كان يقصده عندما قال إنه يريد إسقاط من عدد من النواب. تشويه سمعة النواب وخلال حديث ماسوت إلى ماريا ستريزولو، وهي موظفة كبيرة مدنية كانت تعمل في السابق مساعدة لوزير من المحافظين كان حاضرا رجل عُرِفَ باسم روبن، الذي اعتقدوا أنه يعمل مع أصدقاء حزب العمال الإسرائيلي، وهي مجموعة ضغط مؤيدة لإسرائيل، وفي الواقع، أن روبن هو صحافي قناة الجزيرة المتخفي، وكانت ستريزولو تناقش مع ماسوت كيفية تشويه سمعة النواب قائلة: "حسنا، أنت تعرف، بأنه إذا نظرت متفحصا بما فيه الكفاية، فأنا متأكدة من أن هناك شيئا ما يحاولون إخفاءه". وفي وقت لاحق أضافت: "ربما، فضيحة صغيرة". وخلال المحادثة، التي دارت في أكتوبر الماضي، تفاخرت ستريزولو بأنها ساعدت على ضمان الترويج لرئيسها، النائب المحافظ روبرت هالفون، وقالت إنها كانت رئيسة طاقمه عندما كان نائبا لرئيس حزب المحافظين البريطاني، وفي العام الماضي، عين هالفون وزيرا للتعليم البريطاني وعينت ستريزولو كمدير رفيع المستوى في وكالة تمويل المهارات التابعة لوزارة التعليم، كما أنها لا تزال تعمل بدوام جزئي مع هالفون. المحادثة والأسماء والتسقيط وفي التسجيل اتفق ماسوت على أن ستريزولو ساعدت هالفون، ومن ثم سألها عما إذا يمكنها أيضا تحقيق تأثير معاكس، وبعد ذلك سأل قائلا: "هل يمكنني أن أقدم لك أسماء بعض النواب الذين أود أن أقترح عليك الإطاحة بهم؟"، ومضى إلى القول إنها تعرف من هم النواب الذين كان يشير إليهم. ومع ذلك طلبت منه أن يُذكرّها. وقال "ماسوت" "نائب وزير الخارجية". وقالت ستريزولو: "هل لا تزال ترغب في المضي قدما بذلك؟" وجاء رد "ماسوت" أنه غامض، لكنه أردف قائلا إن دنكان لا يزال يسبب المشاكل. ومن ثم سألت ستريزولو: "أعتقد بأنه كان لدينا مشاكل، كما تعرفون، لكن يمكن تحييده قليلا، أليس كذلك؟" ولم يوضح "ماسوت" ما هو المقصود بـ"الإسقاط"، لكنه تعبير يستخدم عادة على أنه يعني هندسة السقوط، ربما من خلال النيل منهم بطريقة أو بأخرى. ومن ثم تطرق الحديث إلى وزير الخارجية، بوريس جونسون. وقالت ستريزولو أنه كان صلبا في إسرائيل. واتفق ماسوت على ذلك، مضيفا إن جونسون لا يهمني. وقال : "أنت تعرفين أنه أحمق". شخصيات مؤيدة للفلسطينيين ومن بين الأسماء التي ذكرت خلال المحادثة هو اسم، أحد أعضاء حزب المحافظين البارز، كريسبن بلانت، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني، وهو أيضا من الشخصيات المؤيدة للفلسطينيين. وقال بلانت معلقا على فضيحة الدبلوماسي الإسرائيلي: مع أن هذا النشاط الدبلوماسي الواضح من قبل دولة أجنبية في سياسة المملكة المتحدة أمر شائن رسميا ويستحق التحقيق، لكن ينبغي أن تكون الأسئلة الحقيقية موجهة إلى دولة إسرائيل نفسها، فلا يمكن أن يُخدَمْ مستقبل السلام والأمن لإسرائيل من خلال تجاهل لوبي السلام الكبير في كل من إسرائيل والجالية اليهودية في جميع أنحاء العالم ولا بالعمل على تقويض أولئك السياسيين الأجانب الذين يشاركونهم في هذا المنظور. وفي محادثة أخرى، يتفق ماسوت على أن بلانت كان من بين النواب المؤيدين بقوة للعرب وليس من المؤيدين لإسرائيل، وتشير ستريزولو إليه لكونه واحدا من ضمن القائمة. وقد أدرك وزراء المملكة المتحدة بأنه يجب أن تؤخذ مثل هذه المحادثات المؤامرة كأمر يثير القلق الشديد، وأنها بمثابة عبور خطوط ما وراء النشاط الدبلوماسي العادي، ومع ذلك رفض دنكان التعليق. تناقض واضح وعلى الرغم من أن السفارة الإسرائيلية تصر على أن ماسوت مسؤول صغير في السفارة وليس دبلوماسيا، إلا أن بطاقة عمله تصفه بأنه ضابط سياسي رفيع، كما أن صفحته على موقع "لينكد إن" تقول بأنه عمل في السفارة منذ نوفمبر عام 2014، ويصف ماسوت عمله بأنه نقطة الاتصال الرئيسية بين السفارة والنواب والمنسق مع الوزراء والمسؤولين في وزارة الخارجية البريطانية. كما أنه يصف نفسه بأنه بعد أن كان ضابطا برتبة رائد في قوات الدفاع الإسرائيلية (IDF) بين عامي 2004 و2011 - وخدم في جزء من تلك الفترة على متن قارب دورية قبالة غزة، وأنه لا يزال يستخدم من قبل الجيش الإسرائيلي كنائب لرئيس قطاع المنظمات الدولية. وجاء هذا الكشف في لحظة حساسة، وذلك بعد خلاف رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي مع إدارة الرئيس الأمريكي أوباما على خلفية قرار مجلس الأمن بوضع حد لعمليات الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
مشاركة :