رسائل الرئيس العاشق بقلم: فاروق يوسف

  • 1/9/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الحب أعاد الرئيس فرنسوا ميتران إلى الكتابة في أرقى مستوياتها وأكثرها نبلا، فكتب قطعا أدبية يمكن أن يغبطه عليها الكتاب المحترفون. العربفاروق يوسف [نُشرفي2017/01/09، العدد: 10507، ص(16)] “آن لقد كنت فرصة العمر لي”، قبل بضعة أشهر من وفاته عام 1996 كتب العاشق تلك الجملة في آخر رسالة بعث بها إلى عشيقته. أكثر من ألف رسالة كانت السيدة المحبوبة قد خبأتها في صناديق أحذية صارت المادة الأساسية، لكتاب، يتوقع المهتمون أن يكون الأشهر بين كتب أدب الرسائل. لا لأن كاتبها هو الرئيس فرنسوا ميتران الذي حكم فرنسا ما بين عامي 1981 و1995، بل لأن العاشق المتيم كان في الأساس يفضل الكتابة على المهمات السياسية. ربع قرن يفصل بين عمري ميتران وعشيقته آن بينجو، أما عمر الرسائل فثلاثون سنة، كتب فيها الرئيس العاشق 1218 رسالة إضافة إلى 22 دفترا من القطع الكبير كانت تتضمن الكثير من تفاصيل تاريخه الشخصي. كان كلما أكمل العمل في دفتر سلمه إلى آن التي كانت مشاركتها وابنتها في جنازة الرئيس إلى جانب زوجته دانيال مثار استغراب الكثيرين، ممن لم يطلعوا على الحكاية السرية. ثلاثون سنة من الوله عاشها الرئيس ليستعيد من خلالها شغفه الكتابي الذي غطى عليه الانشغال بالسياسة وتكلفتها الباهظة. قراءة ما نشر من مقاطع مستلة من تلك الرسائل تثبت أن الحب هو الأقوى دائما، فهو قادر على إيقاظ الكائن الذي نظنه قد محي في أعماقنا ولم يعد له أثر. لقد أعاد الحب ميتران إلى الكتابة في أرقى مستوياتها وأكثرها نبلا، فكتب قطعا أدبية يمكن أن يغبطه عليها الكتاب المحترفون. في الحب معجزات صغيرة، لا يمكن أن يهتدي إليها إلاّ مَن كتب له قدره أن يخوض غمار التجربة، وهي تجربة تشبه الموت، إذ لا عودة منها، نحب فنغادر ذواتنا بكل حمولتها ونستسلم للعصف الذي سيحملنا إلى بلاد أخرى وزمن آخر. لا يملك العاشق أن يقول “لا”، وإن قالها فإن كل السحر الذي وهبه جناحين سيختفي وسيسقط بدوي خيبته على الأرض. كان ميتران مثاليا في استجابته لشروط الحب، فمضى قدما وهو يعرف أن رئاسة فرنسا ليست أهم من الحب. كاتب من العراق فاروق يوسف :: مقالات أخرى لـ فاروق يوسف متى ننتقل إلى عصر ما بعد العقائد , 2017/01/09 رسائل الرئيس العاشق, 2017/01/09 علي بن سالم مخترع عوالم لا تزال تغص بالجمال, 2017/01/08 التفجيرات لم تقع.. من هؤلاء القتلى؟, 2017/01/07 أستانة ليست جنيف.. افهموا روسيا, 2017/01/04 أرشيف الكاتب

مشاركة :