يوسف عبدلكي قديس الثورة السورية المطعون بقلم: فاروق يوسف

  • 1/24/2017
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

الفنان يوسف عبدلكي يعتبر واحدا من أهم رواد فن الاحتجاج في العالم العربي، سيرته النضالية البيضاء هي بمثابة درس في الوطنية التي لا تقبل الالتباس. العربفاروق يوسف [نُشرفي2017/01/24، العدد: 10522، ص(14)] لوحة أم الشهيد أخيرا رد الفنان السوري يوسف عبدلكي على منتقديه، الناقمين عليه، المحرضين بلغة شعبوية على عزله وتخوينه وإلقائه في جحيم الشبهات. رد عبدلكي كان مسهبا وهادئا وعميقا. فالماركسي العتيد درب نفسه منذ أمد بعيد على الجدل، باعتباره الوسيلة الوحيدة للتفاهمات، ولكن أما كان عليه أن يكتفي بإقامة معرضه، محل الخلاف؟ لقد أقام الفنان السوري معرضا جديدا لرسومه في دمشق التي عاد إليها عام 2005 من باريس التي قضى فيها ربع قرن بعيدا عن وطنه. بسبب ذلك المعرض شنت حملة ضده، أدارها سوريون يقيمون في المنافي الأوروبية بعد مقال كتبه أحد اللبنانيين تحت شعار “خيانة الثورة”. مشكلة المعارضين السوريين مع عبدلكي وقد رغبوا في الانقضاض عليه، هربا من مواجهة حقيقة ما انتهوا إليه، أنهم لن يتمكنوا من قنصه بالأسلحة التقليدية التي اعتادوا استعمالها في الحرب على خصومهم أو مَن يختلفون معهم في الرأي في ما يتعلق بمآلات الثورة. فعبدلكي واحد من أهم رواد فن الاحتجاج في العالم العربي. سيرته النضالية البيضاء هي بمثابة درس في الوطنية التي لا تقبل الالتباس فالرجل الذي عاش على كفاف يومه في زمن مكرمات الأنظمة العربية كان دائما واقفا في المكان الذي لا يمكن أن تطاله الشبهات، بسبب وضوخ موقفه وصلابة روحه وشجاعته في التعبير عن مبادئه الإنسانية. ما كانه عبدلكي دائما لم يحل دون توجيه الطعنات الرخيصة إليه. وهي ظاهرة يمكننا من خلالها أن نحدس مستوى الانهيار الأخلاقي الذي وصل إليه شاتموه الذين سعوا إلى ابتزاز الجميع بشعار الثورة المطعونة في الوقت الذي كانوا فيه يطعنون واحدا من قديسي تلك الثورة. أكان صعبا عليهم أن يروا رمزا سوريا واحدا طالعا بالحياة في الأرض الخراب؟ أما كان في إمكانهم أن ينصتوا لصوت عبدلكي الجريح وهو ينادي بالجمال في مواجهة القتل؟ لقد أسهب ابن الحسكة في تفسير موقفه السياسي وليته لم يفعل. ذلك لأن الوقائع قد سبقته إلى تأكيد ما كان قد تنبأ به واستشعره وحذر منه منذ سنوات، وهو ما لا يود شاتموه الاعتراف به أو النظر إليه أو التعامل معه، باعتباره نتيجة حتمية لانحراف الثورة عن مسارها السلمي حين سقطت في فخ التمويل الأجنبي وذهبت إلى التسليح. ربما قال عبدلكي ذلك لأنه لم يصدق ما قرأه من فنون الهجاء التي أحاطه بها مدبرو الحملة ضده في محاولة منهم لإلهاء الرأي العام السوري عما حدث في حلب. ما لا يصدقه عبدلكي أيضا أن الحملة السياسية التي شنت عليه كانت مدبرة، لا من أجل شطبه شخصيا من التاريخ السياسي بل من أجل شطب المعارضة السياسية السورية الحقيقية. كان خصوم عبدلكي الذين لم يكن يتوقع كثرتهم بسبب ذلك الحب الذي غمره به العالم أجمع يوم تم اعتقاله قبل سنوات يعرفون ما يفعلون. لقد سلموا رمزا حيا لنقاء الثورة للغوغاء في إطار خطاب عدواني شعبوي أعمى، لا يجد في قيم الجمال التي يدعو إليها عبدلكي إلا نوعا من الخيانة لمفردات الخراب الذي صار للأسف عنوانا للثورة. من المؤكد أن الفنان السوري لم يرغب في إثبات براءته مما نسب إليه، غير أنه في رده لم يفصح عن أنه يخاطب ماكنة صماء، صُنعت خصيصا من أجل إلحاق الأذى بالشعب السوري. فعل ذلك مطمئنا وهو القوي دائما، ربما لأنه يثق بالروح السورية الحية. ربما لأن تجربته في العمل الحزبي فرضت عليه مخاطبة الفئات الأقل وعيا، ربما لأنه لا يزال يحلم باستعادة الثورة، غير أنه كان في إمكانه من وجهة نظري أن يكتفي بمعرضه ردا على ما فعلته الوحوش بسوريا. :: اقرأ أيضاً أصداء السيرة الذاتية لنجيب محفوظ حكاية معقدة وغريبة وقائعها في ثلاثين يوما أحلام الليل والنهار في كتاب جديد لعبده وازن البحث عن السلطة الضائعة فيلم مغربي عن الحرية المفقودة

مشاركة :