انتقل ثقل المعارك في ليبيا من إقليمي برقة (شرق) وطرابلس (غرب) إلى «إقليم فزان» (جنوب)، عقب تدشين قوات خليفة حفتر، الموالية لمجلس النواب بمدينة طبرق (شرق)، هجمات برية على قاعدتي «براك الشاطئ» و«تمنهنت» شمالي مدينة سبها، مركز إقليم فزان، وغارات جوية على قاعدة الجفرة الجوية (وسط). وبحسب وكالة الأناضول التركية، فقد شكلت سيطرة قوات حفتر على منطقة الهلال النفطي (شمال وسط)، وحصر قوات «مجلس شورى ثوار بنغازي» في أحياء ضيقة شمال وسط بنغازي، إضافة إلى طرد «كتائب مصراتة» (موالية لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس المدعومة من المجتمع الدولي) لتنظيم الدولة من مدينة سرت (شمال وسط)، أصبح الجنوب هو ساحة القتال الرئيسية بين أكبر قوتين في الشرق والغرب. وبينما يقول مجلس النواب، الذي يرفض الاعتراف بحكومة الوفاق ويطالب بإدخال تغييرات على اتفاق السلام: إن تحركات قواته حفتر جنوبا تستهدف مكافحة الإرهاب، يرجح مراقبون أن هذه القوات، وبتلك التحركات، تسعى إلى الالتفاف جغرافيا على مدينة مصراتة، والانقضاض على العاصمة طرابلس، دون الاصطدام بكتائب مدينة مصراتة، الواقعة بين طرابلس وبنغازي على البحر المتوسط. محافظة الجفرة ومدينة سبها، بل والجنوب الغربي عامة، خاضعة لنفوذ «القوة الثالثة»، التابعة لـ«كتائب مصراتة» (نحو 200 كلم شرق طرابلس)، والتي تمثل أكبر قوة عسكرية في الغرب، لكن قاعدتي «براك الشاطئ» و «تمنهنت»، تقعان في مناطق تسكنها قبائل موالية للنظام السابق (معمر القذافي)، على غرار القذاذفة، المنحدر منها القذافي، ما يفسر وقوع محاولات للسيطرة على القاعدتين الجويتين. وفي ديسمبر 2016، تمكنت قوات تسمي نفسها «اللواء المجحفل 12»، بقيادة «محمد بن نائل»، (ضابط قاتل مع كتائب القذافي قبل أن يعلن ولاءه لحفتر) من السيطرة على قاعدة «براك الشاطئ» الجوية، وهي خارجة عن الخدمة، لكنها تضم مخازن أسلحة وذخائر، وكثيرا ما لجأت إليها «القوة الثالثة» لنقل العتاد إلى ساحات المعارك، خاصة في الهلال النفطي بين عامي 2014 و2016. محمد أقليون، المتحدث باسم «القوة الثالثة»، التابعة لـ «كتائب مصراتة»، قال: إن «هذه الاشتباكات تأتي ضمن محاولات قوات حفتر المستمرة للسيطرة على كافة مناطق الجنوب الليبي، خاصة القواعد العسكرية، وتحديدا قاعدتي تمنهنت وبراك الشاطئ». أقليون، تابع: إن «الهدف من استهداف القواعد العسكرية بالطيران هو إخلاؤها من الثوار، ثم اتخذها مكانا لتزويد طائرات حفتر بالوقود والسلاح، لمهاجمة الغرب الليبي، وقبل أيام صدت القوة الثالثة هجوما شنته قوات لحفتر على قاعدة تمنهنت (جنوب غرب)، وسيطرت على الطريق بين سبها وبراك الشاطئ وتمنهنت». بالمقابل، أضاف المتحدث أن «القوة الثالثة بصدد الهجوم على قاعدة براك الشاطئ، التي استولت عليها قوات حفتر، إذا فشلت مساعٍ يقوم بها أعيان الجنوب لخروج قوات بن نائل من القاعدة سلميا». عميد بلدية سبها، حامد الخيالي، يتحدث عن الصراع قائلا: «ندين استخدام القوة لفرض أي توجه في المنطقة الجنوبية، واستغلال أي حدث لتصدير الأزمات، وجعل الجنوب ساحة لقتال الإخوة، وتعريض حياة المواطنين للخطر». ودعا الخيالي إلى «تفعيل المؤسسة العسكرية بالمنطقة الجنوبية، وعودة الجيش والشرطة إلى العمل، وفق مهنية تضبط تلك المؤسسات؛ وذلك للمساهمة في حلحلة الأوضاع الأمنية المتردية». وإذا كان الصراع في سبها بالجنوب الغربي في حقيقته نزاعا بين بقايا كتائب القذافي، مدعومين من قبيلة القذاذفة من جهة، وبين «كتائب مصراتة» من جهة ثانية، فإن القتال في جبهة الجفرة يختلف تماما، حيث يدور القتال بين قوات حفتر، وبين «كتائب مصراتة» و«سرايا الدفاع عن بنغازي»، وكلتاهما ينسقان مع وزير الدفاع بحكومة الوفاق، مهدي البرغثي.;
مشاركة :