مخاوف من تحول الجنوب الليبي إلى ساحة حرب

  • 5/23/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

خرق الميليشيات للهدنة يهدف لإبراز هشاشة الاتفاق بين خليفة حفتر وفايز السراج.العرب  [نُشر في 2017/05/23، العدد: 10641، ص(4)]الميليشيات تخنق الجنوب براك الشاطئ (ليبيا) - أثار الهجوم الذي نفذته القوة الثالثة الموالية لحكومة الوفاق على قاعدة براك الشاطئ وقتل أكثر من 140 عسكريا من قبائل الجنوب، مخاوف الليبيين من إمكانية تحول الجنوب إلى ساحة جديدة للاقتتال. وظل الجنوب الليبي منذ أحداث الإطاحة بالعقيد الراحل معمر القذافي بعيدا عن الصراعات السياسية، باستثناء بعض المعارك التي تندلع بين الحين والآخر بين قبائل التبو والطوارق أو أولاد سليمان والقذاذفة. ويرجع مراقبون أسباب تلك المعارك إلى خلافات قبيلية ومصلحية في إطار صراع النفوذ باعتبار أن المنطقة تقع على الأطراف مع دول أفريقية والتي تعتبر مصدرا لإدخال الملايين من الدولارات من خلال تهريب المهاجرين الأفارقة والسلع. ولم يتدخل الجنوب في الخلافات السياسية التي حصلت خاصة سنة 2014 عند إطلاق عمليتي الكرامة وفجر ليبيا. وتسيطر القوة الثالثة التابعة لمدينة مصراتة غرب البلاد على أغلب مدن الجنوب. وتم تكليف هذه القوة بحماية الجنوب بأمر من المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته في عهد حكومة علي زيدان، واعترفت بها حكومة الوفاق المعترف بها دوليا. وبدأت الأنظار تتجه نحو الجنوب منذ أن أعلن العناصر المتبقية مما يسمى بـ”مجلس شورى ثوار بنغازي” الذين قام الجيش بقيادة خليفة حفتر بطردهم من المدينة، إطلاق فصيل مسلح أطلقوا عليه اسم “سرايا الدفاع عن بنغازي” واتخذوا من قاعدة الجفرة جنوب ليبيا نقطة تمركز لهم والتي تقع تحت سيطرة “القوة الثالثة”. وهاجمت “سرايا الدفاع” بقيادة مصطفى الشركسي مرات عديدة قوات تابعة للجيش كان أبرزها الهجوم على مدينة المقرون بهدف إعادة السيطرة على مدينة بنغازي. لكن الهجوم الأبرز كان على الحقول النفطية مارس الماضي، حيث سيطرت عليها لأيام قبل أن يعيد الجيش استرجاعها. واتهمت حينها السلطات المنعقدة شرق البلاد، حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج بالتواطؤ مع الجماعات الإرهابية بعد أن سلمت “سرايا الدفاع” الموانئ النفطية لوزارة الدفاع التابعة لحكومة السراج. ودفعت العمليات المباغتة لـ“سرايا الدفاع عن بنغازي” قوات الجيش الليبي إلى إطلاق عملية عسكرية هدفها السيطرة على الجنوب الذي تنطلق منه تلك الجماعات للهجوم على قوات الجيش. وهاجمت قوات الجيش قاعدة تمنهنت الجوية التي تتمركز داخلها “القوة الثالثة” وقال مراقبون إن السيطرة على قاعدة تمنهنت ستمهد لبسط الجيش سيطرته على كامل الجنوب. ويشكل بقاء “سرايا الدفاع” في الجفرة خطرا مستمرا، فهي مستعدة لإعادة الهجوم على الموانئ النفطية التي تشكل الدخل الأول لليبيا، في أي فرصة. لكن العملية العسكرية التي أطلقها الجيش سرعان ما انتكست بعدما اصطدمت برفض دولي، حيث دعت الدول الكبرى إلى ضرورة ضبط النفس محذرة من تحول الجنوب إلى بؤرة توتر جديدة. وهاجمت “القوة الثالثة” وكتائب مساندة لها من بينها “سرايا الدفاع عن بنغازي” الخميس، قاعدة براك الجوية في عملية مفاجئة من ثلاثة محاور، مما أسفر عن تدمير بعض الآليات وقتل أكثر من مئة وأربعين جنديا. وجاء الهجوم عقب لقاء السراج مع خليفة حفتر في العاصمة الإمارتية أبوظبي مطلع الشهر الجاري ونتجت عنه تهدئة في المواجهات العسكرية في قاعدة تمنهنت الجوية ومدينة سبها مركز إقليم فزان. وتناقلت وسائل إعلام تسريبات لم يتم تأكيدها بشأن الاتفاق على إعادة تشكيل المجلس الرئاسي من ثلاثة أعضاء فقط بدل تسعة حاليا، يتمثلون في السراج وحفتر وعقيلة صالح، رئيس مجلس النواب. وأثارت التسريبات غضب الميليشيات وتيار الإسلام السياسي وزادت حدة غضبهما بعدما أعلن وزير خارجية حكومة الوفاق الطاهر سيالة أن حفتر هو القائد العام للجيش. ويرى مراقبون أن الهدف من الهجوم هو إرسال رسالة للمجتمع الدولي مفادها أن حفتر والسراج لا يملكان لوحدهما مفاتيح الحل في ليبيا ولإبراز الجنوب خارج السيطرة تماما.وأوقف المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني كلا من وزير الدفاع مهدي البرغثي، وقائد القوة الثالثة جمال التريكي، إلى حين تحديد المسؤولين عن خرق الهدنة، ووقف إطلاق النار في الجنوب الليبي. وقوبل الهجوم بإدانة دولية ومحلية واسعة. واعتبر عقيلة صالح الهجوم على قاعدة براك “خرقا لاتفاق الهدنة والتهدئة” الذي تم الاتفاق عليه بين حفتر والسراج. وقال “لن نقبل بعد الآن أي تهدئة إلا بعد رحيل تلك الميليشيات الجهوية والمتطرفة من الجنوب”، في إشارة إلى “القوة الثالثة” التابعة لمدينة مصراتة. وقال مصدر عسكري مقرب من حكومة الوفاق رفض الكشف عن هويته إن “القوة الثالثة هي قوة شكلية قيادتها من مصراتة وتتبع في حقيقة الأمر حكومة الإنقاذ برئاسة خليفة الغويل”. وأضاف المصدر لـ“العرب” أن القوة الثالثة تستغلها الجماعات الإسلامية كالقاعدة وأنصار الشريعة وداعش كواجهة لتحقيق أهدافها. واستبعد المصدر اندلاع حرب خلال الأيام القادمة في الجنوب، لافتا إلى أن الصراع سيكون في طرابلس في محاولة للسيطرة عليها وإنهاء حكومة الوفاق. وأمهل حكماء وأعيان ومشائخ قبائل ومؤسسات المجتمع المدني جنوبي ليبيا السبت القوة الثالثة مدة 72 ساعة لمغادرة المنطقة. وقال البيان إن “المجزرة بقاعدة براك الشاطئ هي حادثة مفجعة مسّت أهالي الجنوب جميعا”. وطالب البيان “أبناء الجنوب بالزحف الشامل على قاعدة تمنهنت الجوية لدك أوكار المرتزقة”.

مشاركة :