انقطاع المياه يعيد ضجيج القباقيب إلى حمامات دمشق القديمة

  • 1/10/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

بعدما شكل ارتياد الحمامات الشعبية منذ مئات السنين عادة شعبية في دمشق، وكانت تعد ملتقى اجتماعيا لا سيما في الأفراح، بات اليوم ضرورة لآلاف السكان الذي يشكون من قلة المياه في بيوتهم. فمصائب قوم عند قوم فوائد، حيث شكلت أزمة انقطاع المياه باب رزق إضافي لحمام الملك الظاهر الذي يعد واحدا من الحمامات التاريخية في دمشق، ويعتمد على بئره الخاصة، ما يجعله بمنأى عن الأزمة الراهنة. وبات حمام الملك الظاهر الذي يعود تاريخ بناؤه إلى عام 985 ميلاديا مقصدا للمئات من الدمشقيين الذين يتوافدون إليه يوميا، مع استمرار أزمة انقطاع المياه بسبب معارك تشهدها منطقة وادي بردى، خزان مياه دمشق. ويعلو الضجيج داخل الحمام كلما ازداد عدد الزوار جراء القباقيب الخشبية التي تصدر صوتا مرتفعا في كل مرة ترتطم فيها بأرضية الحمام الرخامية. ويتوزع أكثر من عشرين شخصا على الكراسي الجانبية في القاعة الخارجية، حيث يقوم عمال الحمام بتبديل إبريق الشاي الكبير للمرة الثالثة خلال نصف ساعة إثر خروج دفعة جديدة من الزبائن من المقصورة الداخلية. فعلى غرار كل الحمامات الشعبية في دمشق، ينقسم حمام الملك الظاهر إلى ثلاثة أقسام، قسم خارجي يجلس فيه الزبائن بعد إنهاء الحمام لتناول الطعام والحلويات والشاي، وقسم في الوسط مخصص لخدمات التدليك والتنظيف. أما القسم الداخلي فهو مقسم إلى غرف صغيرة، في كل منها أجران حجرية تصلها المياه الساخنة إلى جانبها غرفة تبعث بخارا كثيفا يملا كل المقصورات التي تعلوها قبب زجاجية يخرقها ضوء الشمس في ساعات النهار. ويستلقي بعض الزبائن على حجر كبير يتوسط الحمام، فيما ينقسم الآخرون إلى مجموعات تجلس كل منها قرب جرن مملوء بالمياه والصابون، ويتشارك كل شخصين جرنا واحدا. وفي حين ينهمك العمال بغسل المناشف وتجفيفها، يشرف صاحب الحمام بسام كبب على سير العمل ويرد على هاتفه الذي يرن باستمرار. ويقول كبب في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، «تضاعف عدد الزبائن تقريبا، وبات سبب المجيء إلى الحمام مختلفا هذه الأيام، إذ بات ضرورة بعدما كان رفاهية». ويضيف: «نحاول قدر الإمكان ألا نعيد أحدا من باب الحمام دون أن يتمكن من الدخول، ونطلب من الزبائن ألا يتباطأوا في الاستحمام كي نلبي حاجة أكبر عدد ممكن» من الزبائن. خلال تنقله بين أقسام الحمام، يدون كبب وهو يتلقى الاتصالات الهاتفية واحدا تلو الآخر، حجوزات اليوم المقبل، ويعتذر من متصلين آخرين لعدم القدرة على استقبالهم في اليوم نفسه. ويوضح: «اضطررت لإلغاء حجز كامل للحمام من قبل بعض التجار، ومددنا فترة الدوام إلى ما بعد منتصف الليل، وأحضرت عددا إضافيا من الصابون والعبوات لنلبي حاجة الأعداد الكبيرة». ورغم الإقبال الشديد، لم يرفع كبب الأسعار وأبقى تعرفة الدخول على حالها، أي 1200 ليرة سورية (نحو 2.40 دولارا، وهي تزداد قليلا مع التنظيف والتدليك. ويقول كبب: «أتنقل بين الزبائن، وأسمع أحاديثهم التي تدور كلها حول موضوع واحد، وهو كيفية تأمين المياه، ومتى ستعود إلى سابق عهدها». جدير بالذكر، أن منطقة وادي بردى تشهد معارك مستمرة منذ 20 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إثر هجوم شنّته قوات النظام وحلفاؤها للسيطرة على المنطقة التي تعدّ خزان مياه دمشق. وقالت المعارضة السورية إن القصف الجوي تسبب في تضرر إحدى مضخات المياه الرئيسية؛ ما أدى إلى قطع المياه عن العاصمة منذ أكثر من أسبوعين. ومنذ ذلك الوقت تبادل طرفا النزاع الاتهامات بالمسؤولية عن قطع المياه، بينما شددت الأمم المتحدة الخميس الماضي على أن أعمال التخريب والحرمان من المياه تعد «جرائم حرب».

مشاركة :