عادت المظاهرات الاحتجاجية إلى شوارع طرابلس مرة ثانية، على إثر انقطاع التيار الكهربائي في غالبية مناطق العاصمة لفترات طويلة، في ظل ارتفاع درجة حرارة الطقس، و«تقاعس حكومي» لمواجهة الأزمة.وتوافد عشرات الشبان الغاضبين إلى شوارع حي سوق الجمعة بالعاصمة، مساء أول من أمس، منددين بانقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 15 ساعة يومياً، واتهموا حكومة «الوفاق» بالفشل في حل الأزمة التي تؤرق المواطنين منذ سنوات. وأمضت بعض مناطق وأحياء العاصمة، من بينها الخمس وسوق الجمعة، ليلها في ظلام دامس، كما انتقلت أزمة انقطاع الكهرباء إلى مدينة سرت الواقعة بين طرابلس وبنغازي (شرق). لكن النيران التي أضرمها المحتجون في إطارات السيارات أنارت ظلمة طرابلس، بينما تصاعدت أعمدة الدخان في سمائها. وقطع المحتجون طرق الشط و11 يونيو، والسريع، وعرادة، بالإضافة إلى الطريق الساحلي بالقرب من بوابة وادي كعام أمام حركة السيارات، التي اصطفت على جانبي الشوارع لساعات، كما أضرموا النيران في مدخل مقر المجلس البلدي لسوق الجمعة.وقال عميد بلدية سوق الجمعة التابعة لحكومة «الوفاق»، هشام بن يوسف، إن أزمة انقطاع الكهرباء «زادت من معاناة المواطنين حتى أصبحوا يعيشون فيما يشبه الإظلام الكامل»، مشيراً إلى أنه قام مع أعضاء من المجلس بالتواصل عدة مرات مع رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء، لكن الرد كان دائما هو أن الشركة «في وضع حرج للغاية»، وأن الفرق الفنية «تعمل ليل نهار لصيانة ما يمكن صيانته وتحسين وضع الشبكة». وأضاف بن يوسف في بيان أمس أنه «دعا مجلس الحكماء والأعيان وتجمع النشطاء، ومجلس الخبراء بالبلدية إلى اجتماع بمقر البلدية صباح أمس لمناقشة ردود شركة الكهرباء على الأزمة، والاتفاق على الخطوات التصعيدية تجاه الشركة وحكومة (الوفاق)، لكونهما الجهتين المسؤولتين مباشرة عن الأزمة. لكن محاولة التخريب التي طالت مدخل مبنى البلدية حالت دون حضور المدعوين الاجتماع».ونوه المجلس البلدي إلى أنه يؤيد المظاهرات السلمية ويدعو إلى استمرارها، «شرط الالتزام بسلميتها لتحقيق أهدافها، والبلدية تدين بشدة التخريب للممتلكات العامة والخاصة، وتحمّل مديرية أمن طرابلس المسؤولية، وتدعو لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين المظاهرات، ومنع المخربين من ممارسة عملياتهم». وسبق أن شهدت مناطق عدة بالعاصمة مظاهرات حاشدة ضد حكومة «الوفاق» والمسؤولين عن شركة الكهرباء، وظلت تتجدد كلما احتدت الأزمة. في وقت تعاني فيه شبكة الكهرباء في عموم ليبيا، وخصوصاً جنوب وغرب البلاد، من أزمات عدة، أوصلتها إلى نقطة الانهيار، وفي مقدمتها غياب الصيانة، ونقص الوقود في محطات التوليد، وتعرض كابلات الضغط العالي والمتوسط إلى السرقات المتكررة، فضلاً عن الحصار الذي تسبب في وقف الصادرات النفطية خلال الأشهر الماضية، ما يتسبب في انقطاع التيار فترات طويلة وصل أحياناً إلى 15 ساعة في اليوم.وانتقلت أزمة انقطاع الكهرباء إلى مدينة سرت، التي دخلت في إظلام تام مساء أول من أمس، بعد خروج إحدى المحطات بالمنطقة الشرقية عن العمل، بحسب الشركة العامة في بنغازي. كما لم تسلم مدن شرق ليبيا من أزمة انقطاع التيار، وهو ما أرجعته شركة الكهرباء إلى نقص الوقود والغاز، ما أدى إلى عجز في إمدادات الكهرباء.وعلاوة على أزمة الكهرباء، تعاني غالبية مدن غرب وجنوب ليبيا من انقطاع المياه بشكل متكرر، مما اضطر جل مواطني العاصمة والمجالس البلدية إلى حفر آبار لمواجهة شح المياه.وقال امحمد عبد الكريم، الذي يسكن بمنطقة عاشور، إنه اضطر بسبب أزمة انقطاع المياه لحفر بئر كلفته قرابة 7 آلاف دينار، (الدولار يقابل 5.55 دينار)، مشيراً إلى أن جل المواطنين في أحياء مجاورة باتوا يأتون بالشركات المختصة لحفر آبار للمياه الجوفية. وأعلنت بلدية الكفرة، الواقعة جنوب البلاد، الانتهاء من حفر بئر بحي المختار، بجهود محلية ومساهمة من شركة المياه والمجلس التسييري، الذي وفر الاحتياجات كافة، وتنفيذ خط الربط مع الشبكة وبناء غرفة لمحول الكهرباء. وكغيرها من المناطق المجاورة، تعاني الكفرة من شح المياه العذبة، ولذلك أصبح اللجوء إلى حفر الآبار فكرة رائجة، ليس في الكفرة فحسب، بل في عموم ليبيا، لأنها تجنب المواطنين انتظار وصول المياه التي قد تتأخر لعدة أيام.
مشاركة :