واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلية حصارها لحي جبل المكبر، الذي خرج منه منفذ عملية الدهس أمس، فادي القنبر، في عملية انتقام جماعي من سكانه، وحولته إلى ثكنة عسكرية، يحتشد فيها الجنود بآلياتهم المجنزرة وحواجزهم التنكيلية. وكشف أحد الوزراء الإسرائيليين، أن المجلس الوزاري الأمني في الحكومة (الكابينيت)، بحث اقتراحا بطرد جميع أفراد عائلة القنبر (زوجته وأولاده ووالديه وأشقائه) إلى سوريا. وقال عضو الكابينيت ووزير الإسكان، يوآف غالانت، أمس، إنه طرح فكرة الطرد إلى سوريا كونها «الحل الأمثل لـ(الدواعش)». وقال: «إن من يسلك طريق داعش في عمليات الدهس، مكانه هناك، حيث يحكم داعش، وينبغي له أن يجرب العيش في ظل حكمه». لكن المستشار القضائي للحكومة لم يصادق على الاقتراح، وأبلغ أن مثل هذا القرار يحتاج إلى سن قانون في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، حيث إن منفذ العملية وأفراد عائلته يعتبرون مواطنين إسرائيليين بحكم القانون، الذي ضمت بموجبه القدس الشرقية المحتلة إلى إسرائيل في سنة 1967. ولذلك قرر الكابينيت إجراءات انتقام أخرى، منها: عدم تسليم جثته لعائلته، ودفنها في مقبرة الأرقام في إسرائيل (حتى لا يتاح لأهله زيارة قبره)، واعتقال زوجته، وهدم بيته، وفصل كل من يعمل من أقربائه في إسرائيل من العمل، ومنع أي واحد أو واحدة منهم، من جمع الشمل في حالات الزواج خارج البلدة. ويذكر أن شقيقة منفذ العملية، نفت في حديث مع جيش من الصحافيين تدفق على البيت، الأنباء التي تحدثت عن الانتماء التنظيمي لشقيقها. وقالت بشكل قاطع: «فادي لم يكن مؤيدا ولا عضوا في أي تنظيم. فلا هو عضو في حماس كما قالوا في غزة. ولا هو عضو في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كما قالوا في رام الله، والصورة التي نشروها ليست له، ولا هو داعشي كما زعمت إسرائيل». وتواصل قوات الاحتلال لليوم الثاني على التوالي، حملتها العسكرية في القدس الشرقية عموما، وفي حي جبل المكبر بشكل خاص. وروى الأهالي أن قوات الاحتلال شنت عمليات دهم وتفتيش في الكثير من الأحياء المقدسية، جرى خلالها اعتقال 15 شخصا، بدعوى أنهم كانوا على علاقة بفادي القنبر، بينهم تسعة أشخاص من المكبر، ومنهم خمسة أفراد هم عائلته. وزعمت الشرطة أن عناصرها صادروا مقتنيات ومواد خاصة بمجريات التحقيق من منزل منفذ العملية. وأفاد شهود عيان أن قوات الاحتلال ما زالت منتشرة في جبل المكبر وأغلقت معظم مداخله، حيث تشن حملات تفتيش للبيوت وتقوم بدهم للأحياء السكنية، وما زالت تحاصر منزل عائلة منفذ العملية. ومنذ ساعات فجر أمس، صعدت قوات الاحتلال من إجراءاتها العقابية ضد الفلسطينيين، حيث وسعت من نشاطها الأمني، ونصبت حواجز عسكرية على مداخل البلدات المقدسية وعلى الطرقات الرئيسية. وعمدت إلى إيقاف السيارات وتفتيشها، والتدقيق في هويات الركاب، وإخضاع بعضهم للتحقيق الميداني. وبالتوازي مع ذلك داهم أفراد من قوات «حرس الحدود» الإسرائيلية والقوات الخاصة بلدة العيساوية، واقتحموا الكثير من المنازل ونكلوا بقاطنيها وعبثوا بالممتلكات. وجرى خلال الحملة، اعتقال ستة شبان ونقلهم إلى مركزي شرطة شارع صلاح الدين والمسكوبية. كما أغلقت قوات الاحتلال مساء الأحد، جميع مداخل بلدة حزما شمال شرقي القدس بالجيبات العسكرية، حيث شهدت تواجدا عسكريا مكثفا. وأفاد شهود عيان بأن قوات الاحتلال اقتحمت البلدة، بحجة البحث عن راشقي الحجارة. وقد احتج الفلسطينيون في هذه الأحياء على الممارسات الانتقامية، ورشقوا القوات بالحجارة، فوقعت صدامات كثيرة بين الطرفين. وكشف أن الكابينيت، قرر فرض الاعتقال الإداري على كل فلسطيني يتعاطف مع تنظيم داعش. وانتقد خبراء أمنيون أقوال رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه، أفيغدور ليبرمان، حول انتماء القنبر إلى «داعش»، خصوصا أن عائلته نفت ذلك تماما. وقالوا: إن هذا التصريح جاء لأغراض سياسية دولية، يستهدف إقناع دول الغرب، بأن إسرائيل تقف معهم في صف واحد ضد «داعش». وأكد الخبير يوسي ميلمان، أن «داعش» لم يضع إسرائيل هدفا لنشاطاته حتى الآن. واتهمت مصادر سياسية نتنياهو، بمحاولة تضليل الرأي العام للتستر على فشله الأمني والسياسي. وقال عضو الكنيست يعقوب بيري، رئيس جهاز الشاباك (المخابرات العامة) الأسبق، إن كل الإجراءات الأمنية مهمة وضرورية، ولكنها لن تنجح في وقف هذه العمليات. والحل الأضمن هو في تحريك العملية السلمية ووقف سياسة الاستيطان والضم. من جهة ثانية، استغل المستوطنون هذه العملية لتنفيذ اعتداءات على الفلسطينيين في مواقع مختلفة. وقد رشقوا السيارات الفلسطينية بالحجارة قرب نابلس. ولم يكتفوا بذلك، بل هاجمت مجموعة من المستوطنين الملثمين نشطاء من التنظيم اليساري «تعايش»، ومتطوعتين أجنبيتين، أثناء مرافقتهم للفلسطينيين خلال حرث أراضيهم في جنوب جبل الخليل.
مشاركة :