بغداد - في مخيم الخازر الشاسع بالصحراء على بعد نحو 20 كيلومترا شرقي مدينة الموصل يخرج باعة جائلون للشوارع الموحلة محاولين استعادة الإحساس بأن حياتهم طبيعية بعيدا عن بيوتهم التي نزحوا عنها بسبب العملية العسكرية في الموصل. وفر معظم النازحين المقيمين في المخيم من العنف الناجم عن استمرار هجوم القوات العراقية من أجل استعادة الموصل ثاني كبرى المدن العراقية من تنظيم الدولة الإسلامية. ولأن النازحين المقيمين في الخازر لم يخرجوا من ديارهم إلا بما خف وزنه من متاع فإن الكثير من الأشياء تنقصهم في المخيم الأمر الذي يجعل حياتهم اليومية بمثابة كفاح مستمر. ولذلك قرر كثيرون منهم توفير دخل لأنفسهم من خلال تقديم خدمات لغيرهم أو بيع الطعام وأشياء أخرى في سوق مؤقتة. وجاء رجل يقيم في المخيم منذ شهرين بكرسيين ومقص وشفرة حلاقة وأقام صالونا بسيطا للحلاقة في المخيم. وقال الحلاق علي وهو نازح من كوكجلي إن قص الشعر يخفف الملل والإحباط في الحياة بالمخيم. وأضاف "ماكو أي شي. الواحد شو يسوي يعني. ماكو غير ترجع على مهنتك وتشتغل. ماكو أي شغل هاي الشباب كلها قاعدة. يعني على الأقل خلي يفتحوا لنا أفواج مال تطويع حتى نتطوع كلنا". ويبيع رجل آخر يدعى أحمد كريم لحماً يجلبه من على مشارف الموصل. وقال كريم وهو نازح من كوكجلي أيضا "بنجيبه من الموصل سيارة من أربيل يودون معاش للموصل ويجيبوا لنا من الموصل لحم هنا. يأخذ يعني مصاري قليلة يعني الحمد لله. يعني ممشيين الحال. أي فيه إقبال الحمد لله الناس يشترون والوضع مليح كويس الحمد لله". ومن ليس بمقدورهم القيام بأي عمل أو خدمة توفر لهم دخلا ماديا تعتبر الحياة في مخيم الخازر شديدة القسوة. من هؤلاء رجل يدعى ماهر وهو نازح كذلك من كوكجلي ويقول "هسا أني عندي نقص لايت (إضاءة كهرباء) نقص مونة (تموين) ما عندي. ما عندي شي. تسع ولد عندي. فاطس من الجوع بالموصل وهنا". وقالت الأمم المتحدة الأربعاء إن نحو ألفي عراقي ينزحون يوميا من الموصل بزيادة تقدر بالمئات عن الأيام السابقة قبل أن يبدأ التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة مرحلة جديدة في معركة استعادة الموصل من تنظيم الدولة الإسلامية. وتقول مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن ما يزيد على 125 ألف شخص نزحوا من بين سكان الموصل وعددهم نحو 1.5 مليون نسمة وإن عدد النازحين زاد بنحو 50 في المئة إلى 2300 نازح يوميا من 1600 على مدى الأيام القليلة الماضية. ومعظم النازحين المدنيين من سكان المناطق الشرقية لكن سكان المناطق الغربية التي يحاصرها مقاتلو التنظيم المتشدد يحاولون الفرار بشكل متزايد من خلال تسلق الجسور التي قصفتها قوات التحالف وعبور نهر دجلة بالقوارب. واستعادة الموصل بعد أكثر من عامين تحت سيطرة الدولة الإسلامية سيؤدي على الأرجح لنهاية الخلافة التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية المُتشدد على مساحات من الأراضي العراقية والسورية.
مشاركة :