في إطارات الشعر تكمن الحالة الكامنة لدى الشاعر والتي تنطلق من الإحساس وتتبلور في ثمة متغيرات سيكولوجية وسوسيولوجية ترتبط بالزمان والمكان تتعامد كثيرا مع المواقف وتتقاطع مع الشعور وقد تغلب على هذه الحالة إملاءات العقل الباطن وعندما يغرق الشاعر في الحالة الوصفية فإن ذلك يتعلق بأبعاد مختلفة من التجاذب الافتراضي بين المثيرات والاستجابة في وضعية «الوصف» أو أوضاع «الموصوف» ونحو اتباع متسلسل ووصفي إلى عمق الحالة وفرض قيودا من البحث النفسي الخاص وأشباعها تقصيا سيكولوجيا يرفعها من العمق إلى السطح على هيئة «لوحة أدبية فارهة المنتج» وإذا ما بحثنا في أعماق «النصوص» فإن القيمة الشعرية للنص قد تتطور بالمفردات وتدخل في ساحة الانفراد وتلامس سقفا بعيدا يستعصي على الفهم المتاح تفصيلا ليلامس «القيمة الفلسفية» التي لا يملك تفسيرها بشكل الكامل سوى «الشاعر» وقد تتدرج من هذه القيمة ثمة ولادات مستقبلية لنصوص ستظل من بنات أفكار «النص الرئيس» ومن قراءة مستقبل الحالة وتفاصيلها. في فلسلفة الشاعر تظهر روح الشاعر وتتجلى تجربته وتظهر عبر المفردات حالة الإبداع مما يجعل النص نتاجا فريدا في حالات ربط الشعر بالفلسفة. وللخوض أكثر في فلسلفة المحاكاة وربطها بالسيكولوجية الشعرية فإن النصوص في هذه الحالة صياغة مبهمة لبعض التجارب أو إلهام يتجلى في صورة مشهد شعري في حين أن المحاكاة تختلف ما بين شاعر يسوق المعاناة نصا أو يحول التجربة إلى اختصار أدبي يظهر في كلمات شعرية بشكل مختلف .وبين آخر يعتمد على الأدوات الواضحة والمعطيات الجلية. بعض النصوص الشعرية تختبىء وراء التفاصيل الحاضرة والظهور اللافت لعناوين ولادة النص وهنا تجتمع الذائقة الشعرية مع الذوق الفلسفي لإخراج نص فريد يستلهم الحالة الافتراضية أو الواقعية أو التنبؤية ويحاكي الحالة الشعرية التي ولد من خلالها النص. في سيكولوجية الشعر تظهر صفات الشاعر عندما يربطها بمحاكاة الآخرين للنص فالنص الشعري الفاخر يسوق المتلقي أحيانا إلى كم من الأسئلة والاستفسارات كي يعمق الفلسلة بشكل أجمل وحتى يبحث المتلقون سواء كانوا متخصصين أو شعراء أو نقاد عن سر داخل النص قد لا يجيب عليه إلا نصوص قادمة. ويسهم ذلك في نشوء لذة ذهنية ونشوة فكرية لدى المتلقين حتى وإن كانوا خارج أسوار الفهم الدقيق مكتفين بسلاسة الأسلوب وتجريد المشهد وإيضاح المعنى في تحويل النص إلى ظاهرة أدبية ومعان إنسانية أو مشاعر أو ألم قد يصل إلى إنتاج حلول ومعنى من الارتياح وإرشادات إنسانية متاحة للاتباع. فسلفة المحاكاة أداة الشعر الفريدة عندما يود الشاعر أن يظهر منتجا مجودا فاخرا يتطلب البحث والتقصي وهي ملمح وبرهان لعلو قامة «النص» وإذا ما ارتبطت بسيكولوحية الشعر فإن الحالة الشعرية والمشهد الأدبي في هذا الحالة «مشهد استثنائي» يجعلنا أمام منهجية بديعة من الأدب ومن التراث الجميل للإبداع الشعري والإرث القويم للكلمة التي تشكل ضالة الشاعر وبطولة النص. تطل حكايات العزلة والوحدة والمتاهات الحياتية والتجارب المختلفة تشكل صياغة نص فلسفي عندما يحول الشاعر النص إلى توأمة بين سيكولوجية المواقف وفلسفة المحاكاة. تغادر الذكريات الموجعة من ذاكرة الشاعر فيستعيدها على شكل محاكاة للعقل الباطن يراها بمثابة محفزات لظهور مشاهد شعرية اخرى عندما تحل معاناة تتشابه معها في الشكل حتى وإن اختلفت في المضمون وهذكا فهو يصنع نصه بفلسفة خاصة تعتمد على المحاكاة وتتعامد على ذائقة سيكولوجية تتحد مع الموهبة وتتواحد مع المهارات وتستلهم خبرة حياتية وخبرات مهارية وفنية يظل الشعر حلها «الأوحد» بعيدا عن فنون أدبية اخرى قد تقفز منها التجربة من الواقع إلى الخيال وقد يتشكل النص بشخصيات مختلفة. في الفلسلفة العميقة للنصوص الشعرية تظهر العديد من المشاهد التي قد لا يعرفها إلا النقاد المحترفين أو الباحثين الأكثر احترافا فيستطيعون تحويل النص إلى شروحات أدبية أكثر من كونها تتعلق بالهدف واستقراء المشهد وقد تصل الفلسلفة في محاكاة النص إلى توفير «حكمة أو مثل أو نصيحة فاخرة» ولكنها تبقى في طي البحث من خلال بعض النصوص بينما تكون أشد فهما من المقدمات والعمق الأساسي في نصوص أخرى.
مشاركة :