أكد تجار أن تراجع أسعار الذهب خلال الشهرين الأخيرين من العام الماضي قد أسهم في زيادة اهتمام العملاء بشراء السبائك الذهبية التي تتكون من الذهب الخالص، فضلا عن الجنيه أو الليرة الذهبية، وذلك بهدف الاستثمار وإعادة بيعها عند ارتفاع الأسعار من جديد. وبلغ سعر سبيكة الذهب المتكونة من كيلوجرام من الذهب عيار 24 نحو معدل 133.5 ألف ريال خلال الأيام العشرة الأخيرة من شهر ديسمبر، حيث تتخصص بعض الصرافات في قطر ببيع السبائك الذهب عيار 24. وهبطت أسعار الذهب أكثر من %8 في نوفمبر 2016 بفعل ارتفاع العائد على السندات الأميركية وبعد انتخاب الجمهوري دونالد ترمب رئيسا للولايات المتحدة وهو ما أدى إلى التكهن بأن تعهده بالإنفاق على البنية التحتية سيحفز نمو أكبر اقتصاد في العالم. وجاء تعافي المعدن النفيس منذ الأسبوع الأخير بعد أن كان سجل أدنى مستوى في عشرة أشهر في الخامس عشر من ديسمبر عندما أعطت بيانات اقتصادية أميركية قوية مجلس الاحتياطي الاتحادي الثقة لرفع أسعار الفائدة للمرة الأولى في عام. وأكد التجار لـ «العرب» أن تراجع أسعار الذهب خاصة خلال شهري نوفمبر وديسمبر من العام الماضي لم يساهما في انتشال السوق من حالة الركود التي يمر بها، حيث شددوا على أن مستوى المبيعات قد تراجع خلال العام الماضي بنسبة تجاوزت الـ%60 مقارنة بالعام السابق. وأكدوا أن السبب الرئيسي وراء هذا التراجع يتمثل في تغير عادات العملاء وفقدان المعدن النفيس بريقه في أعينهم، حيث دأب أغلب العملاء من النساء على تغيير مجوهراتهم بأحدث الموديلات من وقت إلى آخر، وقد بدأت هذه العادة في التلاشي بشكل واضح. كما أوضح التجار أن إقبال العملاء من المقيمين على شراء الذهب قد شهد تراجعا واضحا، حيث أصبحت هذه الفئة من العملاء تميل إلى ادخار الأموال بدل شراء الذهب. اهتمام وأشار عبدالرحمن السعدي، مدير محل روما للذهب والمجوهرات، إلى أن الفترة الأخيرة شهدت اهتماما متزايدا بشراء السبائك الذهبية، بهدف الاستثمار خاصة أن أسعار الذهب هبطت إلى مستويات مغرية، بحسب تعبيره. كما أشار إلى أن تراجع الأسعار جعل الناس يتحاشون بيع ممتلكاتهم من الذهب في انتظار ارتفاع الأسعار مرة أخرى. في المقابل، أوضح السعدي أن سوق الذهب قد شهد هبوطا في المبيعات خلال العام الماضي مقارنة بالعام الذي سبقه، وقال: «شهد نشاط السوق تراجعا بأكثر من %60 خلال 2016 مقارنة بالعام السابق، ولفت إلى أن شهر ديسمبر احتوى على مناسبتين يقبل فيها عادة العملاء على شراء الهدايا الذهبية وهما اليوم الوطني ورأس السنة المالية، إلا أن هاتين المناسبتين لم تتمكنا من انتشال السوق من الركود الذي يواجهه. وأشار مدير محل روما للمجوهرات إلى أن السبب بسيط وراء هدوء المبيعات وهو فقدان المعدن الأصفر بريقه في أعين العملاء، فضلا عن تراجع اهتمام البعض بتغيير مجوهراتهم باستمرار كما كان في السابق. ولفت إلى أن المقيمين يعتبرون أكثر عزوفا عن السوق من المواطنين وقال: «تعتبر الجالية السودانية تليها المصرية أكبر المقبلين على السوق، وبشكل عام فإن الجاليات العربية تعتبر المحرك الرئيسي لنشاط السوق». تراجع بـ%60 وفي ذات السياق شدد عبدالله السعدي مسؤول عن أحد محلات الشلوي للمجوهرات، على أن نشاط السوق بشكل عام يشهد تراجعا بنسبة %60 خلال العام الماضي مقارنة بسابقه. وأشار إلى أن الانتخابات الأميركية كان لها التأثير المباشر على تطوير أسعار الذهب خلال الربع الأخير من العام الماضي وقال: «عندما تدعمت التوقعات بفوز هيلاري كلينتون ارتفع الذهب بعض الشيء ليتراجع مباشرة بعد الإعلان عن فوز دونالد ترمب برئاسة الولايات المتحدة. وأوضح أن الاهتمام بشراء السبائك الذهبية في ارتفاع خلال الفترة الأخيرة بعد هبوط الأسعار، وقال: «هناك إقبال ملحوظ على شراء سبائك الذهب خلال الفترة الأخيرة بقصد الاستثمار، خاصة أن أسعار الذهب نزلت إلى مستويات مغرية، كما أن هناك العديد ممن خسروا في السابق بعد شرائهم الذهب بأسعار مرتفعة وهم يسعون لاستلال الظرف الحالي للأسعار لتعويض جزء من خسائرهم». وأشار السعدي إلى تراجع إقبال العملاء على تغيير مصوغاتهم الذهبية بموديلات حديثة بسبب عدم تجدد الموديلات بشكل سريع وقال: «حافظت المجوهرات على نفس التصاميم خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وهو ما جعل إقبال العملاء على تغيير مجوهراتهم ضعيفا نسبيا». وزاد بالقول: «كما أن الإقبال على شراء الهدايا الذهبية لا يمثل نسبة كبيرة من مبيعات السوق وبالتالي لا تؤثر مبيعات هذا الصنف من المجوهرات بشكل عام على نشاط السوق». بالتوازي، أوضح السعدي أن تراجع المبيعات يعود بدرجة أولى إلى عزوف العملاء من المقيمين على السوق، بعد أن كانوا يشترون الذهب لتقديمه كهدايا لأهلهم عند عودتهم لقضاء إجازاتهم السنوية في بلدانهم. هبوط الأسعار وفي ذات السياق، أشار صالح الرياشي صاحب محل التيماء للمجوهرات إلى أن السوق يمر بأزمة خانقة خلال الفترة الحالية، مؤكداً على أن نشاط السوق قد تباطأ بنسبة تتجاوز الـ%60 خلال العام 2016 مقارنة بسابقه. وأوضح الرياشي أن تراجع أسعار الذهب لم يساهم في تصحيح وضع السوق، بقدر ما أسهم في تشجيع العملاء على توظيف أموالهم في السبائك الذهبية كملاذ آمن للاستثمار، وقال: «لاحظنا خلال الشهرين الماضيين زيادة الاهتمام بشراء السبائك الذهبية من قبل العملاء»، مشيراً إلى أن محلات المجوهرات بالسوق لا تبيعها لأن هذا النشاط يأتي ضمن اختصاص محلات الصرافة. وأكد أن إقبال عملاء على تغيير مجوهراتهم بموديلات حديثة في تراجع، وقال: «يعود ذلك إلى تراجع اهتمام العملاء بالمشغولات الذهبية بشكل عام، فضلا عن طول فترة تجدد الموديلات في السوق التي تأخذ في بعض الأحيان أكثر من عام، خاصة أن الذهب بشكل عام يعتبر من السلع التي تتطلب رؤوس أموال كبيرة وبالتالي فإن دورانها في السوق يتطلب فترة أكبر على عكس المنتجات الاستهلاكية الأخرى مثل الثياب أو حتى أثاث المنازل». ظرف موسمي في المقابل يقول التاجر خالد محمد دعوس: إن سوق الذهب يشهد هبوطا في المبيعات منذ شهر أكتوبر فقط، وقال: «يعاني الربع الأخير من كل عام بركود في المبيعات؛ وذلك نظرا لأن هذه الفترة تعقب موسما يثقل عادة جيب المواطنين والمقيمين على حد سواء وهي موسم العودة من الإجازات السنوية والعودة المدرسية، فضلا عن شهر رمضان المبارك ما يضعف من القدرة الشرائية على الذهب». وفي ذات الوقت أكد أن هبوط أسعار الذهب خلال الفترة الماضية أسهم في كبح سرعة هبوط المبيعات ودعم نشاط السوق، مشيراً إلى أن اهتمام العملاء بشراء السبائك والليرات الذهبية قد ارتفع بشكل ملحوظ بسبب تدني أسعارها، بهدف الاستثمار. بدوره أكد أن مناسبتي اليوم الوطني ورأس السنة المالية لم يساهما في تنشيط السوق بالشكل الملحوظ وقال: «تقتصر هاتان المناسبتان على فئة معينة من العملاء ولا ترتقي إلى موسم ذروة لمبيعات الذهب». في المقابل، أكد أن الإقبال على تغيير المصوغات والشبكات بالموديلات والأصناف الجديدة من العملاء قد حافظ على نسقه، وقال: «أغلب عملائنا ممن يقبلون على استبدال ممتلكاتهم من المصوغ بموديلات حديثة، لكن هذه العملية لا تتم بشكل متكرر على مستوى العميل، الذي يحتفظ عادة بمجوهراته لفترة تتجاوز العامين قبل التفكير في استبدالها». وأوضح أن سوق الذهب لديها موسمان أساسيان لذروة المبيعات الأول خلال فصل الربيع مع انطلاق موسم الزواج في البلاد ويتميز بالإقبال على شراء الشبكات الذهبية، والموسم الثاني ينطلق قبل شهر رمضان بقليل ويتميز بالإقبال على المجوهرات والمصوغات ذات الطابع والتصاميم التقليدية ويمثل هذا الموسم نحو %40 من نشاط السوق. وحول تواتر عملية تجديد موديلات المجوهرات المعروضة في السوق، قال: «في السابق كانت الموديلات الجديدة تعرض في السوق في موسمين أساسيين الأول شهر رمضان والثاني خلال عطلة الصيف، لكن أصبحت الآن موديلات تتجدد كل شهر». أسعار السوق جدير بالذكر أن أسعار الذهب قد ارتفعت بالسوق المحلية بنهاية الأسبوع الماضي بمعدل %3 مقارنة بما كانت عليه قبل أسبوع، حيث بلغ سعر الذهب عيار 21 نحو 122.8 ريال للجرام الواحد، مرتفعا بـ 4 ريالات عن الأسبوع السابق. وزادت أسعار الذهب عيار 18 في السوق المحلية، بمعدل 3 ريالات للجرام الواحد ليصل إلى 105.25 ريال للجرام مقارنة بـ 102 ريال للجرام قبل أسبوع. واستقر سعر الذهب عيار 22 في السوق المحلية بنهاية الأسبوع الماضي عند مستوى 128.5 ريال للجرام يوم أمس مرتفعا من مستوى 124 ريالا قبل أسبوع. وتضاف إلى أسعار الذهب عيار 21 و22 كلفة المصنعية التي تتراوح بين 20 و25 ريالا للجرام بالنسبة للمجوهرات المصنوعة محليا، وما بين 45 و50 ريالا لتلك المستوردة، وتشمل كلفة النقل وتخليص الجمارك وهامش ربح التاجر. فيما تتميز المجوهرات عيار 18 بتصاميم معقدة تتطلب خبرة أكبر وساعات عمل أطول، ما يرفع من قيمة مصنعيتها إلى أكثر من ذلك. وتعتبر المجوهرات عيار 18 الأكثر طلبا من قبل المواطنين لما تتميز به من تصميم يضم العدد الأكبر من الفصوص، فيما تميل الجاليات العربية إلى الذهب عيار 21 و22 لأنها تحتوي على نسبة أكبر من الذهب، فيما تتوجه الجالية الغربية لشراء الذهب عيار 14 و12، حيث بلغ سعر جرام هذا الأخير 78.7 ريال و67.4 ريال على التوالي.;
مشاركة :