الإكراه يرفع لحاف الشرعية عن فراش الزوجية شيماء رحومة لم تكن المرأة العربية، وإلى وقت قريب، صوتا يدافع عن حقوق مسكوت عنها تحت مسمى عيب وتدخل في خانة فضيحة، بالإضافة إلى القيود الدينية وقلة الوعي. لكنها في تحد صارخ لمجتمعاتها العربية، ولا سيما العائلة كشفت المرأة عن الجوانب المظلمة من حياتها، وكسرت كل الحواجز التي كانت تشدها للصمت، لتضيف لونا آخر قاتما على ألوان آفة الاغتصاب التي تتعرض لها الكثيرات. لم يعد مفهوم الاغتصاب مرتبطا بإكراه الأنثى قاصرا كانت أو مسنة من قبل أحد ذويها أو غريب من الغرباء، بل لصيقا شديد الالتصاق بفراش الزوجية. ولسائل أن يسأل ما دوافع الزوج لتعنيف زوجته من أجل نيل حق شرعي، الامتناع والتقصير أم لممارسة سطوته الذكورية حتى أثناء اللحظات القليلة التي يمنّ فيها على أنثاه ببعض العواطف التي تقض بداخله المشاعر الإنسانية وتأخذه بعيدا عن أبراجه الإلهية المقدسة. وقد يكون كلا الزوجين ضحية لخلفيات رسخت مفاهيم مغلوطة في المجتمعات العربية تقوم بالأساس على تفسير بعض الأحاديث النبوية وفق أهواء ذكورية تنشأ أغلب الإناث على احترامها وعدم الحياد عنها ليصبحن في المستقبل قوالب جاهزة يفرغ فيها سي السيد شحنة الكبرياء والتعالي باسم الامتثال لشرع “إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبانا عليها، تلعنها الملائكة حتى تصبح، وهو تهديد يخضع الكثير من النساء للرضوخ لاغتصاب حقهن في الرفض. وإذا كانت هي تريد وهو لا فلا حرج عليه، أما إن كان هو يريد وهي لا فهي ناشز، بحسب أعراف وقوانين تحصر العلاقة الحميمية في رغبات الرجل وتتغاضى عن رغبات المرأة التي تحجم أحيانا كثيرة عن التصريح بها حتى للزوج لأنها كبرت وكبرت بداخلها جملة من الموانع التي تحرّم وتحلل ما تراه مناسبا لطبيعة كل فرد ذكرا كان أم أنثى. تبادر إلى مسامعي ذات مرة أن أحد الشباب تقدم لخطبة إحدى الفتيات مشترطا عليها لعقد الزواج أن تعرض عليه سورة النور بوصفها تحدد طبيعة العلاقة بين الزوجين، من الجيد أن تبنى العلاقات الزوجية على أسس دينية صحيحة ولكن المؤسف أن ذلك يحصل بعد توجيهها لصالح الرجل. وبعيدا عن التأويل الديني قد ترضخ الزوجة للاغتصاب دفعا لضريبة عدم التفكك الأسري وهنا أيضا يضع المجتمع العربي يدا ملطخة بدماء ضحيته الأنثى لأنه لم يرحّب بعد بالمطلقة. الخوف من نظرات الاتهام تقود الزوجة إلى سرير مليء بأشواك التعذيب، وينأى بها عن أبواب المحاكم طلبا لحق شرعي ألا وهو الطلاق إن أبغض الحلال عند الله الطلاق، فيرفض مع أنه نص قرآني واضح وتأول الأحاديث تماشيا مع ما تراه المجتمعات مناسبا لنواميسها المقزمة لأنا الأنثى. الابتعاد عن طرق مثل هذه المواضيع يخلق قطيعة بين المرأة ودرجة وعيها بما تتعرض إليه من ممارسات باسم الحق الزوجي. لذلك لا بد أن تفهم المرأة أن اغتصاب زوجها لها لا يقتصر بالضرورة على التعنيف والإكراه بل حتى ممارستها للجنس القسري فقط لتتجنب غضبه وتبتعد عن الشجار أو لإرضاء رغباته لأنها تحبه على حساب رغباتها وحالتها النفسية والجسدية، هو اغتصاب لحقها في الاختيار، لأن المرأة كلما شاركت زوجها الفراش دون رغبة منها فهو يعتبر اغتصابا. وعلى المرأة أن تتسلح بالوعي لتدرك أن زوجها الذي لا يكف عن ترديد “نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم”، حين يجبرها على الجماع كلما بدا له ذلك بدعوة تطبيق ما جاء في هذه الآية، فهو بذلك أيضا يغتصب حقها في الرفض. ومن بين طرق الاغتصاب الزوجي الأخرى إتقان بعض الرجال لفنون التلاعب بأعصاب ومشاعر زوجته مهما بلغت درجة تعليمها وشهائدها العلمية، فهو يدرك أن المرأة تقف في منزلة ما بين المنزلتين فهي إما شديدة الضعف أمام عواطفها أو حريصة على حفظ كرامتها، وفي كلا الحالتين يستغل هذه النقاط ليجمعها ظاهريا برضاها وباطنيا باغتصاب قناعتها. وغالبا ما يستند في تلاعبه إما على تهديد سلامتها وسلامة أبنائهما، إلى جانب تسليط سياط لسانه عليها من شتم وألفاظ نابية أو بأن يكرر على مسامعها أنها لا تجيد إرضاء رغباته وأنها لا تحسن ممارسة العلاقة الحميمية وأنه سيبحث عن وعاء أنثوي رخيص لإفراغ شهواته دونها، لا سيما حين ترفض أن يجرها إلى ممارسات محرّمة. الخوف من الهجر يقهر الأنا في داخل المرأة ويقيدها فترضخ دون رضاها. ولكن هناك اغتصاب زوجي من نوع آخر ليس للمرأة فيه لا حق الاختيار ولا الاعتراض وهو أن يجامعها زوجها إما وهي نائمة أو بعد أن يخدّرها أو أن تكون في حالة سكر أو فاقدة للوعي. كاتبة من تونس سراب/12
مشاركة :