النسخة: الورقية - دولي تعددت الآراء في الشارع اليمني وتباينت إلى حد كبير حول مستقبل اليمن في ظل نظام الدولة الفيديرالية الاتحادية ذات الأقاليم المتعددة. فمنهم من اعترض على هذه الفكرة وفسر تقسيم اليمن إلى أقاليم بأنه ضار بالبلاد وبالوحدة الوطنية. ومنهم من قال إن تقسيم اليمن إلى أقاليم معناه ضعف الدولة وتجزئتها إلى أجزاء تحت مسمى «الأقاليم» فسيكون بعضها ينعم بالخيرات والثروات، خصوصاً التي فيها موارد طبيعية، كالنفط والغاز وغيرهما، وأقاليم فقيرة هي التي لا توجد فيها المعادن والثروات والنشاط التجاري. ومنهم من رحّب بوجود دولة اتحادية تتكون من أقاليم عدة وليس من إقليمين أحدهما في الشمال والآخر في الجنوب، لأن ذلك يشكل خطراً على الوحدة اليمنية. واستقر الرأي الصائب في مؤتمر الحوار الوطني على تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم، أربعة منها في الشمال، وهي إقليم الجند ويضم ولايتي تعز وإب وهما أكبر كتلة سكانية في البلاد، وإقليم تهامة ويضم ولاية الحديدة وريمة والمحويت وحجة، وإقليم سبا ويضم محافظات ذمار والبيضاء ومأرب والجوف، وإقليم صنعاء ويضم صنعاء وريفها ومحافظتي عمران وصعدة، واثنان في الجنوب هما الإقليم الشرقي ويضم ولايات حضرموت والمهرة وسقطرى، وإقليم عدن ويضم ولايات عدن وأبين ولحج والضالع في الجنوب، وهو ما سيضمن لليمن ومستقبله حياة كريمة هادئة مستقرة ناهيك بأن الخريطة السياسية للدولة اليمنية الاتحادية ستتغير تماماً خلال تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم جديدة يتمتع كل منها بدرجة كبيرة من الاستقلالية في إطار نظام اتحادي قوي، وسيمثل هذا النظام الجديد نقلة نوعية في حياة اليمن الجديد، يمن 11 شباط (فبراير) 2011، يمن الثورة الشبابية والحرية والعدالة الاجتماعية والاستقلال. كما أن المتتبع للأوضاع العصيبة والأزمات الكئيبة التي تعيشها اليمن كرد فعل قامت به جهات مأجورة ضد الثورة الشبابية وضد الأحرار اليمنيين بغية الرجوع إلى الماضي الأليم، فضلاً عن المشاكل الدائرة في صعدة والحراك في الجنوب، فليس هناك من حل سوى المبادرة السريعة لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني والتوجه نحو النظام الفيديرالي الاتحادي كونه هو المخرج الوحيد لليمن من أزمته الراهنة. وليثق اليمنيون جميعاً بمختلف أطيافهم السياسية والحزبية بأن قاعدة اللامركزية ستجعل كل إقليم يتمتع بحقوق متعددة، كالمحاكم والبرلمان والشرطة الخاصة به، في ظل حكومة مركزية ذات سلطات مستقلة. فالدولة الاتحادية دولة مستقلة ذات سيادة ولن يكون فيها تحكم في السلطة واستغلال للثروة على نحو ما كانت عليه في ظل النظام السابق. وسيكون لدولة اليمن الاتحادية دستور مستلهم من مخرجات الحوار الوطني التي تُعتبر «الزبدة» لما خرج به المتحاورون خلال عشرة أشهر هي عمر مؤتمر الحوار الوطني. وسيحدد الدستور في الدولة الاتحادية اختصاصاتها، ومنها توزيع السلطات المختلفة والمسؤوليات بوضوح وليس للسلطة المركزية أي تدخل في صلاحيات السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية والإدارية في نطاق مــسؤولياتها الحصرية، إلا في ظروف استثنائية أو لحماية سلطة إقليمية من تدخل سلطة أخرى وينص عليها في الدستور ذاته والقانون. إذاً فللدولة الاتحادية مهمة رسمية وأساسية وهي تطوير السياسة العامة وتمكين الأقاليم والولايات المنتجة من الإدارة الصحيحة والسليمة للموارد الطبيعية بكفاءة وجدارة تحقق من ورائها مكتسبات تنموية، ولن يكون للأقاليم والولايات أي سلطة أو ولاية على الموارد الطبيعية كالغاز والنفط وغير ذلك وإنما ذلك من اختصاص الدولة المركزية وملك للشعب اليمني برمته. وما دام الحال كذلك، فليس هناك خوف من التوجه نحو الدولة الاتحادية الفيديرالية، وعلى جميع اليمنيين المباركة والتسليم بذلك.
مشاركة :