يحظى ذوو الإعاقة في الإمارات برعاية خاصة واهتمام كبير، لدمجهم في المجتمع والحياة العامة، بهدف إظهار طاقاتهم وقدراتهم، كفئة منتجة تسهم في تنمية المجتمع وعملية التنمية الشاملة في الدولة. وتولي الدولة اهتماماً لذوي الإعاقة من منطلق إنساني وتربوي واجتماعي وثقافي، ولم يعد هذا الاهتمام تحت مظلة الرحمة والإحسان والعطف، بل لأن المعاق إنسان قادر، ولديه إمكانات بمستوى الشخص السليم، ولإتاحة الفرصة له أن تجعل منه إنساناً ناجحاً وقادراً على منافسة الأصحاء في المجالات كافة. وقد استطاع عدد كبير من المعاقين في الإمارات تحقيق إنجازات كبيرة على جميع المستويات، واستطاعوا متسلحين بالإرادة والأمل والصبر تحويل الإعاقة إلى سبب ودافع لإنجاز قصص نجاح مهمة ولافتة ومبهرة وملهمة. «كفيفة البصر، ولكني أُبصر بقلبي ما لا أُبصره بعيني».. هذا ما أكدت عليه نبأ أحمد علي الزعابي التي تعمل موظفة في مركز «الحفية لصون البيئة الجبلية» في الشارقة، وتقول: «شعاري في الحياة (لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس)». وحين تُعرّف بنفسها وإنجازاتها تقول: «أمامك نبأ التي حصلت على الثانوية العامة من القسم العلمي بمعدل 89%، وحاصلة على بكالوريوس في التاريخ والحضارة الإسلامية من كلية الآداب والعلوم الإنسانية من جامعة الشارقة بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، موظفة في مركز الحفية لصون البيئة الجبلية وعضو في جمعية الإمارات للمعاقين بصرياً، وعضو في نادي خورفكان للمعاقين، وعضو في رابطة المرأة المعاقة»، لتنتقل في حديثها عن سبب الإعاقة التي تعانيها «لازمني ضعف البصر منذ الولادة، وهذا ناتج عن خلل في شبكية العين، ومع تقدمي في العمر أخذ نظري يتلاشى تدريجياً، رغم إشراف عائلتي على علاجي عند أمهر الأطباء داخل الدولة وخارجها». - مع بداية السنة الثانية من دراستي الجامعية فقدتُ بقايا نظري، وحينها أحسست باليأس من كل شيء وقررتُ ترك الدراسة. - بعض أفراد المجتمع غير مؤهلين للتعامل مع المعاقين بصرياً، ما يجعل بعض المكفوفين يعتزلون الناس». وتضيف نبأ الزعابي أن أصعب المراحل العمرية التي واجهتها كانت «مرحلة الدراسة»، موضحة «كنت أحياناً أشعر بعدم الثقة بنفسي، ويأتي هذا الشعور بعد فشلي في أمر معين، كما كنت أعاني كثيراً الغيرة، ولكني سرعان ما أتخلص من تأثير الغيرة بالاجتهاد أكثر». وتتذكر اللحظة التي قررت بها تخطي الإعاقة «كانت تلك اللحظة مع بداية السنة الثانية من دراستي الجامعية، حين فقدت بقايا النظر الذي كنت محافظة عليه»، وأضافت «حينها أحسست باليأس من كل شيء، وقررت ترك الدراسة والجلوس في المنزل، وفي تلك اللحظة مدت لي والدتي يدها وانتشلتني من أفكاري وأخذت بي إلى مرسى الأمل، وقتها قررت استكمال دراستي والتميز فيها، ومن حينها وأنا أحب الخوض في جميع معتركات الحياة، والفضل يعود لأمي». وأشارت الى أن التحديات بينها وبين نفسها قد تجاوزتها بدعم العائلة، خصوصاً من قبل أمها، لكنها خاضت تحديات مع المجتمع، واصفة الحالة «نعاني نحن المكفوفين عدم ثقة المجتمع بإمكاناتنا وقدراتنا، وهذا ناتج عن عدم ظهور المكفوفين بشكل كبير في المجتمع»، موضحة «بعض أفراد المجتمع غير مؤهلين للتعامل مع المعاقين بصرياً، وهذا ما يجعل بعض المكفوفين يرغبون في اعتزال الناس». وتعود الزعابي لذكرياتها التي تقسمها الى ذكرى حزينة وذكرى سعيدة «الذكرى السعيدة هي عندما تخرجت في الجامعة عام 2012، وأنا أتسلم شهادتي من والدي الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي والقاعة تضج بالتصفيق من حولي، أما الذكرى الحزينة فهي فقداني أحد إخواني في حادث سير»، حينها أيقنت الزعابي، كما تقول، أن الموت لا يستأذن أحداً، وعن أصعب المواقف التي واجهتها، قالت: «كنت كثيراً ما أحب أن أعتمد على نفسي في كل شيء، وفي أحد الصباحات خرجت بسرعة من المنزل لألحق بحافلة الجامعة دون مساعدة أحد، فكانت النتيجة أنني اصطدمت بمرآة الحافلة الجانبية وانكسرت سنّي الأمامية»، مضيفة «هنا وقعت في حيرة، هل أكمل طريقي أم أعود للمنزل وأعالج أسناني المكسورة، وحينها اخترت الذهاب إلى الجامعة». ولخصت الزعابي الأمور التي قامت بها خدمة لذوي الإعاقة «شاركت في حضور بعض الملتقيات والمؤتمرات والمنتديات الخاصة بالإعاقة في داخل الدولة وخارجها، كالمشاركة في مسابقة مؤسسة أونكيو اليابانية الإقليمية لأفضل مقال بطريقة برايل والفوز بالمركز الأول، وقمت بتقديم ورش مختلفة في بعض الفنون، إضافة الى الانتساب لبعض النوادي الخاصة بالسيدات والمشاركة معها في فعالياتها ومبادراتها». وعن وضعها الحالي عملياً، وطموحاتها، قالت الزعابي: «أعمل حالياً موظفة في هيئة البيئة والمحميات الطبيعية في إمارة الشارقة، وبالتحديد في مركز الحفية لصون البيئة الجبلية، وتحت مسمى وظيفي المُثقِّف البيئي، وهذه الوظيفة تعنى بتثقيف كل شرائح المجتمع بالبيئة، خصوصاً الجبلية، والمحافظة على الحياة البرية والفطرية فيها، أما عن طموحي وآمالي فأنا أطمح إلى استكمال دراستي العليا وحصولي على الماجستير والدكتوراه، وأن أكون متميزة في عملي»، مؤكدة «أملي أن أكون واحدة ممن يصنعون إنجازات دولة الإمارات، وأن أردّ جزءاً ولو بسيطاً مما تقدمه الدولة لنا».
مشاركة :