تحقيق:عبير أبو شمالة دق ناقوس الخطر مجدداً مع زيادة وتيرة شكاوى المستثمرين من تعرضهم لعمليات نصب واحتيال من خلال شركات استثمار وهمية وعدتهم بتحقيق أرباح مضاعفة. وعلى الرغم من أن جمع الأموال بزعم توظيفها من أقدم طرق الاحتيال المالي في العالم؛ إلا أن هذه الظاهرة تبتكر أساليب جديدة تجذب صغار المستثمرين. وتلقت الخليج شكاوى من عدد من المستثمرين تفيد بتعرضهم لعمليات نصب محكمة، تضمنت أساليب جديدة ومبتكرة، لإغراء المستثمرين باستبدال أدوات ومجالات الاستثمار الشرعية، بأدوات ومجالات استثمار توفر أرباحاً خيالية لاتنسجم مع أسعار الفائدة السائدة في الدولة أوفي الدول الأخرى. ومع رصد عودة الظاهرة مجدداً، استطلعت الخليج في هذا الملف آراء الخبراء بموضوع عودة الشركات الوهمية وكيفية حماية صغار المستثمرين من الوقوع في شباك المحتالين باسم الاستثمار، والإجابة على عدد من الأسئلة التي تفرض نفسها في هذا السياق، ومنها من المسؤول؟ وما هي الأسباب التي تجعل المستثمر ينجر وراء هذه الوعود غير المنطقية والخيالية؟ وكيف يمكن حماية صغار المستثمرين من السقوط في عمليات الاحتيال في هذه الاستثمارات الوهمية التي على الأرجح ستستنزف كل مدخراتهم، لتتركهم يعانون مرارة الخديعة والخسارة الفادحة بعد أن تحول حلم الثراء السريع إلى كابوس مفزع؟. ويرى الخبراء أن اللوم يقع بالدرجة الأولى على المستثمر نفسه، إذ أنه لايحكم العقل ولايقوم بما يلزم للتأكد من صحة هذا الاستثمار ودرجة موثوقيته، ويتبع غريزة الجشع وتحقيق الثراء السريع، مما يجعله فريسة سهلة. ونصح الخبراء المستثمرين بضرورة إجراء بحث سريع على مواقع الإنترنت لرؤية ما يتداول حول هذه الشركة أو استثماراتها، كما يمكن اللجوء إلى خبير لاستطلاع رأيه، والحصول على الأوراق والتراخيص الرسمية، والتأكد من مصداقيتها عبر الموقع الإلكتروني للجهة التشريعية، التي منحت الشركة هذا الترخيص. وبمتابعة إحدى الحالات التي توجه ضحاياها بشكواهم إلى الخليج تبين أن الشركة ليس لديها ترخيص لمزاولة أية أنشطة مالية أو استثمارية في الدولة، ولم تحصل على موافقة من الجهات المعنية بالترخيص للشركات والمؤسسات المالية، على الرغم من ادعائها أن لديها ترخيصاً من الجهة المشرعة المعنية بذلك؛ بل كل ما لديها هو ترخيص لمزاولة أعمال صناعية وزراعية، وذلك ما يجعل تلقيها للأموال بغية استثمارها غير قانوني. وهنا يتبادر إلى الأذهان سؤال آخر لايقل أهمية عما سبقه، وهو من الذي عليه أن يتابع نشاط مثل هذه الشركات بعد حصولها على تراخيصها للتأكد من طبيعة ما تزاول من أعمال؟ ولماذا لم تساور أحد الشكوك حول الأموال التي تتلقاها في حسابها المصرفي بالدولة، على الرغم من أن نشاطها لايتضمن تلقي سيولة من مستثمرين أفراد وبالملايين؟ إذاً الشخص نفسه هو المسؤول عن سقوطه في حبائل المحتالين، وهو أيضاً المسؤول الأول أو كما قال الخبراء هو خط الدفاع الأول عن حماية نفسه من المحتالين. ومن الأسباب البارزة لاتجاه المستثمرين إلى الشركات الوهمية، هو غياب الأدوات الاستثمارية المشروعة، في المصارف والجهات المعنية، وذلك ما يساهم في تضاؤل البدائل المتاحة أمام المستثمرين. وبحسب خبراء فإن هناك بالفعل بدائل لكن المشكلة أنها غير مجزية بشكل كافٍ لإغراء المستثمر، أو أنها استثمارات طويلة الأجل، ومكلفة على المدى القصير، مثل أدوات الاستثمار التكافلي، أو الأدوات الاستثمارية المصاحبة للتأمين على الحياة. ويتفق بعض الخبراء على محدودية البدائل الاستثمارية أمام صغار المستثمرين ممن يفتقرون للخبرة الاستثمارية الكافية التي تؤهلهم لخوض غمار الاستثمار بأنفسهم دون مساعدة خبير، ولايملكون في الوقت نفسه من السيولة ما يؤهلهم للحصول على الوقت الكافي من بيوت الخبرة المختصة، لكنهم في الوقت نفسه لايرون في ذلك عذراً يدفعهم للجري وراء الأوهام التي قد تعرضهم لخسائر فادحة. إيان جونستون الرئيس التنفيذي لسلطة دبي للخدمات المالية: المستثمر خط الدفاع الأول في مواجهة الاحتيال المالي قال إيان جونستون، الرئيس التنفيذي لسلطة دبي للخدمات المالية، إنه ضمن نطاق مركز دبي المالي العالمي فلا يحق إلا للشركات أو الأفراد الذين لديهم ترخيص من قبل سلطة دبي للخدمات المالية القيام بأنشطة وخدمات مالية من وإلى المركز، وبالتالي تخضع هذه الشركات وموظفوها لنظم السلطة. وأضاف: حتى الشركات أو الأشخاص الذين يدعون أن لديهم ترخيص من قبل مركز دبي المالي العالمي ويمارسون أنشطة على هذا الأساس فهم بدورهم يقعون ضمن نطاق تخصص السلطة، وتحت طائلة المساءلة من قبلها، فهي السلطة التنظيمية لأعمال المركز. وأكد ل الخليج أن سلطة دبي للخدمات المالية منوط بها متابعة العديد من أنواع الممارسات حتى التي تتسم منها بالخداع أو الاحتيال، لكن فقط الممارسات المتعلقة بالمعاملات المالية والمنتجات والأنشطة التي تتولى هي مسؤولية تنظيمها، أما غير ذلك من عمليات الاحتيال فهي لا تقع ضمن نطاق تخصصها، وإنما تعتبر من صلاحيات شرطة دبي. انتحال اسم شركة وأشار إلى أنه في حال قام أحدهم بانتحال اسم شركة من الشركات الخاضعة لتنظيم السلطة أو أحد العاملين في هذه الشركات، وأساء استخدام هذا الاسم فعندها المختص في متابعة القضية وملاحقة مرتكبيها هو الشرطة، لكن في حال تم انتحال هذا الاسم بغية توفير خدمات مالية من أو إلى مركز دبي المالي العالمي فسلطة دبي للخدمات المالية هي المسؤولة عن متابعة الأمر، وهي في الحالتين ستبلغ الشرطة، إلا أنها ستقوم بدورها بالتحقيق في الانتهاكات المرتبطة بتقديم خدمات مالية من أو إلى المركز. ولفت إلى أن سلطة دبي للخدمات المالية لديها عدد من العقوبات تفرضها على الأفراد أو المؤسسات التي تنتهك قوانين أو نظم العمل في المركز، بما في ذلك الغرامات أو منع الأفراد أو المؤسسات التي ترتكب هذه الانتهاكات من ممارسة الأعمال المرتبطة بالأنشطة والخدمات المالية، إضافة إلى إلغاء التراخيص والمطالبة بالأرباح الناتجة عن هذه الانتهاكات، وفرض التعويضات وحظر أو تقييد ممارسة الأعمال من قبل من ينتهك نظم وإجراءات العمل في المركز. وأفاد أن المستثمر هو خط الدفاع الأول في مواجهة أنشطة الاحتيال المالي وعمليات النصب بصفة عامة، فهم من يقع على عاتقهم مهمة التحقق من مصداقية الأشخاص الذين يقدمون لهم العروض الاستثمارية المغرية من خلال الاستفسارات وتحري صحة ما يقدمونه من بيانات قبل الانسياق وراء وعودهم والدخول في هذه الاستثمارات. وقال إن على الفرد ألا يتعامل إلا مع الشركات المرخص لها من قبل سلطة دبي للخدمات المالية عندما تمارس أنشطة مالية ضمن نطاق مركز دبي المالي العالمي، فجميع مزودي المنتجات والخدمات المالية يجب أن يكونوا مرخصين من قبل السلطات التشريعية ضمن نطاق عملهم. السلطات التشريعية وقال: تتمثل هذه السلطات التشريعية في الإمارات في سلطة دبي للخدمات المالية وهيئة الأوراق المالية والسلع ومصرف الإمارات المركزي وهيئة التأمين، وتقوم كل من هذه الجهات التشريعية بمنح التراخيص وتسجيل أسماء الشركات والأفراد الحاصلين على الرخص اللازمة لتوفير خدمات أو منتجات مالية في الإمارات، على مواقعها الإلكترونية لتكون متاحة أمام الجميع، وبالتالي فإن عملية بحث سريعة على موقع المشرع الإلكتروني هي خير بداية للتحقق من سلامة الاستثمارات. وأضاف: أقل ما يمكن أن يقوم به المستثمر في حال ساورته الشكوك حيال منتج أو خدمة أن يجري بحثاً سريعاً على الإنترنت ليتأكد إن كانت هناك بيانات عامة عن الشركة أو استثماراتها سواء بالسلب أو الإيجاب، موضحاً أن العديد من عمليات الاحتيال المالي المنظمة يتم تداول التقارير عنها عبر شبكة الإنترنت التي تعد مصدرا ممتازا للمعلومات حول مثل هذه القضايا. وأكد أن المستثمر عليه في جميع الأحوال أن يتوخى الحذر من الاستثمارات المطروحة عبر شبكة الإنترنت أو من خلال غيرها من الوسائل الإلكترونية، فالأفضل دوماً في العمليات الاستثمارية أن تتم بشكل مباشر وجهاً لوجه. حالات الشك وفي حالات الشك قال جونستون إن على المستثمر أن يتوجه بشكوكه هذه واستفساراته إلى الجهة التشريعية المعنية ليتأكد من حصول الشركة أو الشخص على ترخيص لتقديم الخدمة أو المنتج محل الترويج. ولفت إلى أن على المستثمرين دوماً الشك في العروض التي تبدو من الجودة لدرجة تتنافى مع الواقع لأنها على الأغلب ستكون عروضاً غير حقيقية. وحول الطريقة التي يمكن للجهات المشرعة من خلالها أن تعمل على حماية المستثمر من عمليات الاحتيال المالي، قال جونستون إن سلطة دبي للخدمات المالية من جانبها وكجزء من نهجها القائم على تحري المخاطر، تواصل مراقبة الشركات الخاضعة لتنظيمها لضمان التزامها بالنظم المعمول بها في المركز والمبنية على أفضل المعايير والممارسات الدولية. وأضاف: على الرغم من أن سلطة دبي للخدمات المالية قادرة على فرض قوانين ونظم جديدة، إلا أننا نعلم أن هذا لن يجعل الشركات تغير من ثقافتها، ولذا تواصل السلطة العمل على تعقب الانتهاكات والممارسات غير السليمة، وستقوم بفرض الغرامات والعقوبات الرادعة بناءً على العديد من العوامل ومنها مدى فدح الانتهاكات. وأوضح أن السلطة تقوم من جانبها بتوعية الأفراد في الدولة حول كل ما يتعلق بعمليات الاحتيال، وقال إن السلطة قامت على مدى السنوات القليلة الماضية بإصدار عدد من التحذيرات المتعلقة بمثل هذه العمليات، ومن ضمنها تحذيرات من عمليات احتيال باستخدام اسم السلطة نفسها أو مركز دبي المالي العالمي أو أحد العاملين في الجهتين، وشملت بعضها جمع رسوم ومؤسسات لسحوبات اليانصيب. احتيال لبيع تراخيص وأكد: هناك عمليات احتيال لبيع تراخيص في المركز باسم سلطة دبي للخدمات المالية، إضافة إلى عمليات استثمار وهمية تحقق عوائد غير واقعية، منها صفقة عقارات تعد بعائد ربح شهري صافٍ بين 120 إلى 224%، وكانت سلطة دبي للخدمات المالية بالفعل حذرت مراراً من الانسياق وراء هذه الاستثمارات أو عمليات الاحتيال مؤكدة على ضرورة عدم القيام بإرسال الأموال إلى أي جهة ضمن مثل هذه الممارسات، وتخصص السلطة صفحة على موقعها الإلكتروني حول هذه التحذيرات. وأشار إلى أن السلطة تخصص من الوقت والجهد الكثير لتوعية السوق من خلال برامج التدريب والتثقيف المالي والعمل على خلق الوعي اللازم لحقوق المستهلك، وتوضيح سبل الشكوى اللازمة للمستثمر، ولدى السلطة برنامج خاص لتوعية المستثمر، وهو برنامج بوابتي لتوعية المستثمر بالخدمات المالية من خلال عدد من الورش والمؤتمرات، ومنها مؤخراً ورشة عمل عن التوعية حول الخدمات المالية الإسلامية. أحمد المرزوقي مدير الخدمات المصرفية للأفراد في بنك الإمارات دبي الوطني: المنتجات المصرفية بديل مناسب لجميع العملاء قال أحمد المرزوقي، نائب رئيس تنفيذي أول، مدير عام الخدمات المصرفية للأفراد في بنك الإمارات دبي الوطني، إن البنك يقدم مجموعة واسعة من الحسابات المصرفية، والودائع، والبرامج الادخارية التي تمكن العملاء من الادخار لتحقيق غايات طويلة الأمد كتعليم أطفالهم أو تأمين مستقبلهم. حيث يمكن للعملاء من خلال حساب فيتنس المبتكر الحصول على فائدة تصل إلى 2% على مدخراتهم اعتماداً على عدد الخطوات التي يمشونها كل يوم، وأكد أن البنك يهدف بذلك إلى تشجيع العملاء على تبني أسلوب حياة صحي. كما يسمح حساب شيك آند سيف للتوفير السريع للعملاء توفير مبالغ قليلة من المال بشكل فوري بمجرد قيامهم بتحريك أو هز أجهزتهم المحمولة، وحساب الاستثمار في الذهب، والذي يساعد العملاء على ادخار الذهب عبر حساب إلكتروني. كما يمكن للعملاء أيضاً الادخار من خلال حساب التوفير الذكي على الإنترنت بأربع عملات مختلفة، علاوة على إمكانية ادخار الودائع بفترات مرنة للحد الأدنى للوديعة تمتد من شهر واحد وحتى أكثر من عام كامل مع معدلات فائدة جذابة. إضافة إلى ذلك، يمكن للعملاء التسجيل في برامج التوفير الاعتيادية التي يوفرها البنك بالشراكة مع شركة متلايف للتأمين، حيث تتيح لهم الاستثمار في صناديق استثمار مشتركة في الوقت الذي يحصلون فيه على الحماية التأمينية، والادخار لتحقيق أهدافهم بعيدة المدى كالتقاعد على سبيل المثال. محمد علي ياسين العضو المنتدب لدى أبوظبي للخدمات المالية: غياب الاستثمار المجزي يزيد من جاذبية عمليات الاحتيال قال محمد علي ياسين العضو المنتدب لدى أبوظبي للخدمات المالية، إن عملية جمع الأموال من الناس بزعم توظيفها تعد من أقدم طرق الاحتيال المالي في العالم، وهي تعتمد على أمرين، الأول هو قلة الثقافة المالية، والجشع الإنساني مع رغبة المرء في جني الربح السهل. وأضاف: كل ما يتطلبه الأمر هو شيء من الوعي، ففي ظل بيئة فائدة تتراوح بين 1.5 إلى 2.5% كيف يمكن لهذه الشركة، أو هذا الاستثمار أن يدعي القدرة على تحقيق ربح شهري بمعدل، 5 أو 10%، أي ما يزيد على 60 أو 120% سنوياً؟ وعليه أن يسأل نفسه أي نوع من الاستثمارات يمكن أن يحقق هذه الأرباح، ولو كان هناك مثل هذه الاستثمارات فلماذا لا يوظف الجميع استثماراته فيها؟ وأكد أن على المستثمر أن يعي أن أي استثمار يحقق ربحاً أكثر من سعر الفائدة لا بد أن ينطوي على شيء من المخاطرة، وأضاف موضحاً إن السندات تحقق عائداً بين 3 إلى 5% حسب طبيعتها، أما الاستثمار في الأسهم الذي ينطوي على المخاطرة، كما هو معروف للجميع، فعائده يتراوح بين 10 إلى 15%. ولفت إلى نقطة بالغة الأهمية بقوله إن البعض ممن يقع ضحية مثل هذه الاحتيالات، يكون لديه بالفعل الشكوك، لكنه، للأسف، يضع أمواله في الشركة لأنه يظن نفسه أذكى من المحتال، إذ يقول لنفسه إنه سوف يدخل الاستثمار ويخرج منه في الوقت المناسب. والمشكلة هنا أن أحداً لا يمكنه أن يعرف متى هو الوقت المناسب، لذلك يستمر الموضوع، وتتواصل قضايا النصب والاحتيال، أو ما يعرف باسم الاستثمارات الوهمية، ويتسع نطاقها ويكبر البعض ليضم كبار المستثمرين، مثلما حدث في قضية مادوف في الولايات المتحدة، على سبيل المثال. ولفت إلى ضرورة العمل على وضع حد لهذه الشركات التي تستغل ثغرات التواصل بين الدوائر الحكومية، وقال إنه من المهم أن تخضع ممارسات هذا الشركات لرقابة المركزي، وأكد أهمية تحديث بيانات هذه الشركات بشكل متواصل لدى المركزي أو الجهات المختصة، بحيث يسهل على المستثمر التأكد من صحة بيانات هذه الشركات. وقال إن المركزي له الحق في الرقابة على حسابات كل الأفراد، ومن المهم أن يلفت انتباهه تحرك الأموال لدى شركة بصورة تتنافى مع طبيعة عملها، فهذا سوف يسهل الكشف عن حالات الاحتيال قبل تفاقمها. وأكد أهمية منح الجهات الرقابية الصلاحيات الكافية لمراقبة التحركات محل الشك والريبة، مشيراً إلى أهمية خلق المزيد من الوعي لدى المستثمر، الذي عليه بدوره أن يدرك إنه ما من ربح بلا عناء، وإنه كلما ارتفع العائد كلما ازداد حجم المخاطرة. وأشار إلى أن مثل هذه الشركات الوهمية تعتمد بالدرجة الأولى على استغلال صغار المستثمرين الذين لا يرون أمامهم فرص استثمار مجزية، فالأدوات الاستثمارية المتوفرة أمام هذه الشريحة من المستثمرين تكون متدنية العائد بدرجة لا تشجع على الاستثمار، فهناك بالفعل قنوات استثمارية، لكن من دون عائد مغر، أو حتى مشجع، كما أن شريحة صغار المستثمرين لن تجد الخدمات الكافية من الوسطاء أو شركات الاستثمار، وهذه ثغرة لا بد من العمل على سدها بإيجاد القنوات المناسبة والآمنة بعوائد مقبولة. وأشار إلى أنه ما من عائد مضمون أبداً ، فالدرهم عملة ورقية، ولتوظيفها للحصول على درهم آخر هناك مخاطرة، فمن يدخل عالم التداول والتجارة عليه أن يستوعب منطق الربح والخسارة، لكن درجة قبول الخسارة تختلف وتتفاوت من شخص إلى آخر. جاسون قوف رئيس إدارة الخزينة والموجودات والأسواق العالمية بالإنابة في دبي التجاري: الأدوات الاستثمارية متاحة.. ولا ربح دون مخاطرة أكد جاسون قوف، رئيس إدارة الخزينة والموجودات والأسواق العالمية بالإنابة لدى بنك دبي التجاري، أن المسؤولية تقع على المستثمر بالدرجة الأولى في سقوطه ضحية لجرائم النصب والاحتيال والاستثمارات الوهمية، إذ يتعين عليه ألا يدخل في مجالات استثمارية ليس لديه وعي عنها، وأن يتأكد من صحة هذه الاستثمارات قبل الخوض فيها. وقال إن هناك من الأدوات الاستثمارية ما يفي بمتطلبات الشرائح المختلفة من المستثمرين، فهناك أدوات استثمار مرتبطة بالتأمين على الحياة يوفرها البنك بحدود متدنية شهرياً ( تبدأ من مئات الدراهم)، متاحة للأفراد، لكن على المستثمر أن يدرك أنه ما من استثمار بلا مخاطر أو بدون تكلفة. وأضاف أن البنك يحرص على توعية المستثمر بطبيعة الاستثمار وما يتضمنه من مخاطر، وحقيقة أن مثل هذا النوع من الاستثمارات كي يكون مجزياً للمستثمر لا بد أن يكون طويلاً لا قصير الأجل. وشدد على ضرورة أن يعي المستثمر حجم المخاطرة والإطار الزمني لكل استثمار، وإن هناك كلفة عالية نسبياً على هذه الاستثمارات التي تقدم عائداً يتراوح بين 4 إلى 8% سنوياً. وقال قوف إن القواعد التي تحكم عمل المصارف تعطيها فقط حق ترويج هذا النوع من الأدوات. وأوصى المستثمر بأن يكون هو نفسه الرقيب على استثماراته بأن يحرص على تحري تفاصيل الاستثمار، قائلاً عليه أن يتأكد من الرسوم وحجم الاستثمار وعدد السنوات اللازمة لتحقيق النتيجة. حبيب الملا: تجار الشنطة أخطر أنواع الاحتيال.. والطمع يعمي العيون يقول الدكتور حبيب الملا، الخبير القانوني ورئيس مجلس الأمناء في مركز دبي للتحكيم الدولي، إن ظاهرة محافظ الاستثمار الوهمية ليست بالجديدة، فالمرء يشهد العديد من القصص على هذا المستوى سواء في الإمارات أو غيرها من الدول، والدافع الأساسي وراء سقوط الناس في عمليات الاحتيال والنصب هذه هو الطمع، لأنه يكون من الواضح جداً أن العملية تنطوي على شيء من الخداع، فهي غالباً ما تقوم على إيهام العامة بقدرة الشركة على توفير أرباح خيالية تصل إلى مضاعفة الأموال، الأمر الذي يتنافى مع الواقع، خاصة إن كانت الشركة غير مرخصة من الجهة التشريعية المختصة. وأضاف: المستثمر الذي يتحلى بالقدر الأقل من الوعي لا بد وأن يرى أن في الأمر ما يريب، وبالتالي ألا ينساق وراء الخدعة، لكن الطمع هو ما يعمي عينيه عن رؤية الحقيقة الواضحة. وأكد أن أبسط ما يمكن أن يقوم به المستثمر هو طلب رؤية ترخيص الشركة والتأكد من طبيعته، ومن أنه يخولها حق الاستثمار وتلقي الودائع، وأن يستوثق من صحة هذا الترخيص من الجهة المصدرة له، للتأكد من أنه سليم وغير مزور. وأشار إلى أن أخطر أنواع الاحتيال هي ظاهرة تجار الشنطة والمتمثلة في من يأتون إلى الدولة لمدة قصيرة مع وعود ثراء زائفة ليتصيدوا بوعودهم صغار المستثمرين الحالمين بالربح السهل والسريع، ولفت إلى أن مثل هذه الحالات باتت تتكرر، خاصة من الأشخاص الذين لا يحتاجون إلى تأشيرة زيارة للدخول إلى الدولة. وأكد أهمية تشديد الرقابة على مثل هذا النوع من الأنشطة. كما قال إن شركات الخدمات المالية خاضعة وبشكل حصري لرقابة مصرف الإمارات المركزي، الذي يتولى الرقابة على هذه الشركات ومتابعة أعمالها. وقال إن المركزي عليه أن يتعاون مع الدوائر المختلفة لمتابعة الأنشطة المريبة والكشف عنها مبكراً، مضيفاً أن غياب الأدوات الاستثمارية، وإن كان لا يجب أن يؤخذ عذراً أو ذريعة تعفي المستثمر من مسؤوليته في السقوط في حبائل المحتالين، إلا إنه يلعب دوراً في نجاح مثل هذا النوع من الاستثمارات الوهمية، مع عدم توافر الأدوات الاستثمارية الكافية لصغار المستثمرين. وتابع: استرداد أموال ضحايا عمليات النصب والاستثمارات الوهمية يزداد صعوبة في حال غادر النصاب الدولة، خاصة إذا رحل إلى دولة لا توجد معها اتفاقيات تسليم مجرمين. عصام التميمي: القانون يحمي المغفلين.. والمسؤولية أولاً على المستثمرين قال عصام التميمي، الخبير القانوني، إن المسؤول الأول هو المستثمر الذي يجب أن يكون لديه القدر الكافي، من الوعي قبل الدخول في غمار استثمارات يوظف فيها مدخراته. وأضاف: الإنسان يجب أن يكون واعياً ومنطقياً في توقعاته، ويجب أن تثير لديه هذه الوعود علامات الاستفهام، والجهات المشرّعة معروفة، ومصرف الإمارات المركزي هو المنوط به منح التراخيص للشركات التي يحق لها تلقي الاستثمارات، ومن السهل على المستثمر التحقق من صحة التراخيص التي تحملها هذه الشركات عبر المركزي. وأكد أن العملية سهلة؛ إذ يمكن لأي شخص إرسال استفسار عبر البريد الإلكتروني إلى المركزي الذي سيقوم بالرد عليه في غضون يومي عمل، كما يمكن للمستثمر كذلك زيارة مكاتب الشركة والإطلاع على التراخيص، التي يسهل الاستعلام عنها من الدوائر المعنية، لافتاً إلى إن على المستثمر أن يدرك أنه لا يكفي أن يكون لدى الشركة ترخيص، بل يجب أن يسمح لها هذا الترخيص بتلقي الأموال أو استثمارها لصالح الغير. وقال إنه من المهم أن يعرف المستثمر أن نجاح الشركة في تقديم الأرباح لعام أو لأعوام قليلة لا يعطيها المصداقية، ولا يعني بالضرورة أن استثماراتها حقيقية أو أنها مربحة؛ فبعض الشركات تعتمد على الاستثمارات الجديدة في تقديم أرباح لقدامى المستثمرين، ما يعطيها تغطية ربما تمتد لعدة سنوات، لكنها في النهاية لا بد وأن تقع وتنكشف على حقيقتها، لتكون الخسارة من نصيب المستثمر، ويكون الحظ الأتعس للمستثمر الذي يصل متأخراً. وأضاف أن الاستثمار يعني المخاطرة، وهذا ما يجب أن يفهمه المستثمر، وأن يكون منه متأكداً، فكلما ارتفع العائد كلما ازدادت المخاطرة؛ فهذا هو منطق الأعمال الواضح بما لا يدع للشك مجالاً. فعلى سبيل المثال لو راجعنا المتعاملين في تجارة الفوركس سنجد أن 70% ممن يدخلون في هذا النوع من الاستثمارات يتعرضون للخسارة، والبقية هم من يفوزون بالربح؛ لأن لديهم الخبرة والمهارة لخوض مثل هذا النوع من الاستثمارات القائم أساساً على المخاطرة. وحول فرص استرداد ضحايا الاستثمارات الوهمية لأموالهم قال التميمي إن الأمر يبقى سهلاً في حال كان مرتكب جريمة الاحتيال في الدولة، أما إذا غادرها، وهذا ما يحدث في 90% من الحالات؛ فيصبح الأمر أكثر صعوبة. ولفت إلى عدم صحة مقولة إن القانون لا يحمي المغفلين، فالقانون يحمي الجميع، لكن على المرء نفسه أن يحفظ حقوقه ويصون مصالحه.
مشاركة :